بسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
في الجزء الأول من حياة الخنساء فيما قبل الاسلام كانت الشاعرة التي اشتهرت برثاء أخيها وتميزت بشعرها حتي قيل أنها أشعر النساء، وموهبة الشعر هي ميزة حباها الله لها وراثةُ فقد كانت قبيلتها منذ الأزل تتقن الشعر، ويرجع نسبها إلي قيس ومن عائلتها نوابغ الشعر “الذيباني، الجعدي، زهير بن ابي سلمى، كعب و ابنه، لبيد، الحطيئة، الشماخ، خداش بن زهير وغيرهم”.
ولكن كيف حول الاسلام حياة الخنساء؟،
اسلام الخنساء
قررت دخولها الاسلام عام 8هـ وصحبت معها لرسول الله “ص” أبناءها وأبناء عمها من قبيلة بني سليم، ليدخلوا الاسلام معها، وكانت في الخمسين من عمرها وقد أعياها الحزن ورثاء أخويها، واهتمت الخنساء بمعرفة دينها واشتهرت بحب الرسول والصحابة وحبهم لها.
وكان الرسول “ص” يستنشدها الشعر ويسمع منها ولم ينهاها أبداً عن قول الشعر.
حزنها علي أخويها بعد الاسلام
استمر حزنها وبكائها علي أخويها بعد دخولها الاسلام حتي أتي بها جمع من الناس إلي عمر بن الخطاب بعد دخولها الاسلام، وشكوا إليه من كثرة بكائها علي أخويها فقالوا: يا أمير المؤمنين هذه الخنساء قد قرحت مآقيها من البكاء في الجاهلية والإسلام فلو نهيتها لرجونا أن تنتهي.
فقال لها عمر: اتقي الله وأيقني بالموت فقالت: أنا أبكي أبي وخيري مضر: صخرًا ومعاوية, وإني لموقنة بالموت, فقال عمر: أتبكين عليهم وقد صاروا جمرة في النار؟ فقالت: ذاك أشد لبكائي عليهم؛ فكأن عمر رق لها فقال: خلوا عجوزكم لا أبا لكم, فكل امرئ يبكي شجوه ونام الخلي عن بكاء الشجي.
أبناء الخنساء
حضرت الخنساء غزوة القادسية مع أبناءها الأربعة بعدما حببت إليهم الجهاد في سبيل الله ووصلتهم حتي جيش عمرو بن الخطاب وقالت
“يا بني إنكم أسلمتم وهاجرتم مختارين, والله الذي لا إله غيره إنكم لبنو رجل واحد, كما أنكم بنو امرأة واحدة, ما خنت أباكم ولا فضحت خالكم, ولا هجنت حسبكم ولا غيرت نسبكم. وقد تعلمون ما أعد الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين. واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية يقول الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} فإذا أصبحتم غدًا إن شاء الله سالمين, فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين, وبالله على أعدائه مستنصرين. وإذا رأيتم الحرب قد شمرت عن ساقها واضطرمت لظى على سياقها وجللت نارًا على أوراقها, فتيمموا وطيسها, وجالدوا رئيسها عند احتدام خميسها تظفروا بالغنم والكرامة في دار الخلد والمقامة”.
وبلغها بعد ذلك خبر أستشهاد جميع أبناءها ولكنها علي عكس ما فعلت في الجاهلية من بكاء وعويل بل صبرت واحتسبت ذلك عند الله، وقالت “الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته”.
ثم أضافت
حلفت بالبيت وزواره إذ يعملون العيس نحو الجمار
لا أجزع الدهر على هالك بعدك ما جنت هوادي العشار
وذكر عن الصحابة أن الرسول كان يقول لها، هيه يا خناس!، ويومي بيده “. ولقد وفد عدي بن حاتم الطائي على رسول الله صلى الله عليه وسلم مبايعا على رأس قومه بني طيء فقال: ” يا رسول الله: إن فينا أشعر الناس، وأسخى الناس، وأفرس الناس “، فلما سأله الرسول أن يسميهم أجاب: ” أما أشعر الناس فامرؤ القيس بن حجر، وأما أسخى الناس فحاتم بن سعد (يعني أباه)، وأما أفرس الناس فعمرو بن معدي كرب “.
فقال عليه الصلاة والسلام: ” ليس كما قلت يا عدي! أما أشعر الناس فالخنساء بنت عمرو، وأما أسخى الناس فمحمد، وأما أفرس الناس لعلي بن أبي طالب “.