في الذكرى السنوية للقضاء على دولة الخلافة، يهمنا أن نفكّر مليًّا في تاريخها، وفي ردّ فعل المسلمين تجاه زوالها والقضاء الفعلي عليها. يظن البعض أن المسلمين وعلماءهم لم يعترضوا على الدعوة للقضاء عليها، أو أنهم لم يدركوا أهميتها. وهذا ظن خاطئ؛ لأن التاريخ شاهد على ردة فعل المسلمين تجاه ذلك، وعلى صراعهم من أجل الحفاظ عليها، وعلى ألمهم لزوالها، صحيح أن ردود الفعل لم تكن على مستوى هذا الزلزال الكبير الذي حدث بزوال الخلافة، ولكن الصحيح أيضًا أن هناك من تألم وتحرك وانتفض، وسنتناول في هذه المقالة ردود فعل المسلمين في الهند.
قبل الخوض في الحديث عن ردّة فعل المسلمين في الهند، من المهمّ أن نفهم الخلفية التاريخية لطريقة وصول الحكم الإسلامي إلى شبه القارة الهندية التي يبلغ تعداد المسلمين فيها ما يزيد عن ثلث تعداد الأمة الإسلامية، ففيها نحو نصف بليون نسمة: نحو 250 مليونًا في الهند، و160 مليونًا في باكستان و120 مليونًا في بنغلادش. كما أن الأوردو ذات الحروف اللصيقة بالعربية هي اللغة التي يتحدث بها عامة المسلمين في شبه القارة.
الفتح الإسلامي في الهند:
في عام 711م (92هـ) كان تجارٌ مسلمون يبحرون في المحيط الهندي من سيلان قرب ساحل السند. ولكن سفينتهم قد نُهِبت وأُسِر المسلمون وسجنوا. فوصلت أنباء ذلك إلى عاصمة دولة الخلافة، حيث سمع الخليفة الوليد بن عبد الملك بذلك. فأرسل رسالة إلى الحجاج بن يوسف الثقفي، والي العراق أن يطلب من حاكم السند تقديم الاعتذار عن ذلك، وأن يقوم هو (الحجَّاج) بإنقاذ المسلمين المأسورين. فأرسل الحجاج جيشًا بقيادة شابّ من ألمع أبناء الأمة، يحتل اسمه منـزلة مرموقة في قلوب المسلمين، بخاصّة في شبه القارة الهندية، حيث حمل على عاتقه مسؤولية قيادة جيش دولة الخلافة الإسلامية داخل أرض أجنبية، إنه محمد بن القاسم الثقفي، فاتح بلاد السند.
عندما وصل جيش دولة الخلافة ديبال (قرب كراتشي) سلّم محمد بن القاسم مطالبه إلى حاكمها راجا الذي رفضها وبالتالي هزمه المسلمون وفتحوا ديبال. وبعد ذلك أَتْبع محمد بن القاسم نجاحه الأول بفتوحات أخرى، حيث إن واجب المسلمين يقضي بأن يجعلوا كلمة الله عزّ وجلّ هي العليا. وبدافع من العقيدة الإسلامية واصل الجيش الإسلامي تقدمه حتى بلغ ملتان. وفي خلال ثلاث سنوات، أي بحلول عام 714م (95هـ)، أُدخِلت السند بأسرها وجنوب البنجاب في ظلّ حكم الخلافة الإسلامية. وبفتح الجزء الشمالي الغربي من شبه القارة الهندية نَقل الجيشُ الإسلامي عبّاد الأصنام من الظلام إلى نور الإسلام. وطلب محمد بن القاسم من موظفي الخلافة الإداريين بأن يرعوا شؤون الناس بأمانة الإسلام وعدله، فيأخذوا الأموال بحقها من زكاة وجزية دون إرهاق، ويضعوها مواضعها في سد حاجة الفقراء، وتوفير العيش الكريم للرعية في ظل عدل الإسلام.
وفي عهد خلافة هشام بن عبد الملك (105 – 125 / 724م - 743م) فتحت دولة الخلافة مناطق كشمير وكانجرا. وفي عهد الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور (136 – 158هـ / 754م - 775م) فُتحت قندهار، وبذلت الجهود لتعزيز وتوسيع تخوم دولة الخلافة في شبه القارة الهندية. وفي عهد الخليفة هارون الرشيد (170 - 193هـ / 786م - 809م) وسّع الجيش الإسلامي تخوم السند نحو الغرب إلى كوجورات (الموجودة حاليًا في الهند). وفي هذه الحقبة استقرّ الجند الإسلامي وازدهرت مدن جديدة هناك. ومنذ ذلك الوقت فصاعدًا رُفِعت أعدادٌ كبيرة من الهنود من الطبقات الاجتماعية المنبوذة في النظام الكافر وأُدخِلت في ظلّ الأخوة (الإسلامية) العالمية. وقد أُخرجوا من ظلام الجهل والكفر إلى نور الإسلام، يعبدون الله عزّ وجلّ وينبذون آلهتهم من الأصنام الباطلة. فحكم الإسلام ما يعرف اليوم بالهند وباكستان وكشمير وبنغلادش لأكثر من ألف عام.
وعلى خلاف ما يصف المستشرقون تاريخ الهند، يجب أن ندرك أنها كانت إحدى ولايات الخلافة، ولكن ارتباطها بمركز الخلافة كان يضعف أحيانًا حسب قوة الخلافة، وتترك في بعض الفترات لتحكم نفسها بنفسها، ولكن الأحكام الشرعية كانت تطبق عليها من قبل الحكام، وكانت جزءًا من دار الإسلام إلى أن استعمرها البريطانيون. وقد ذكر المؤرخون المسلمون الهند، أمثال ابن كثير الدمشقي (توفي عام 774هـ) في كتابه البداية والنهاية، كجزء من دار الإسلام.
سلطنة دلهي في الهند:
بقيت الهند إحدى مقاطعات الخلافة طيلة عهد سلطنة دلهي (602 - 932هـ / 1205 - 1526م) وفترة حكم دولة المغول الإسلامية في الهند (932 – 1274هـ/ 1526 - 1857م) فيما عدا فترة حكم جلال الدين أكبر (963 - 1014هـ / 1556- 1605م) الذي ارتدّ عن الإسلام وأنشأ دينًا جديدًا.
وفي الربع الأخير من القرن الثاني عشر غزا شهاب الدين الغوري سهل الهند - جانج فاتحًا على التوالي غزني، ملتان، سند، لاهور، ودلهي. وأصبح قطب الدين أيبك أحد قواده سلطان دلهي. وفي القرن الثالث عشر استلم السلطة في دلهي شمس الدين إلتميش (608 – 633هـ/ 1211 - 1236م) وهو مملوك محارب من أصل تركي، مما ساعد السلاطين في المستقبل من التوسع في جميع الاتجاهات. وخلال الـ100 سنة التالية، توسعت ما عرفت بسلطنة دلهي باتجاه الشرق حتى البنغال، وباتجاه الجنوب حتى دكّا. وحكمت تلك السلطنة خمس سلالات حاكمة واحدة بعد الأخرى، وهي: السلالة المملوكية (1206 – 1290م)، وسلالة الخالجي (1290 – 1320م)، وسلالة توغلاق (1320 - 1413م)، وسلالة سيّد (1414 – 1451م) وسلالة لودي (1451 - 1526م).
دولة المغول في الهند:
واستولى بابور الذي جاء من آسيا الوسطى على دلهي عام 932هـ / 1526م وأصبح أول حكام المغول في الهند. وتولى ابنه هُمايون السلطة بعد وفاته (1530 – 1556م). وبحسب وثيقة متوفرة في المكتبة الحكومية في بوبال فإن بابور قد ترك الوصية التالية لهُمايون، التي تبين بأنه رغم نقائصه فقد اهتمّ بتطبيق الإسلام بطريقة عادلة:
أوصيك يا بني بما يلي:
"انتبه بنيّ لما يلي: يجب أن تقيم العدل، وأن تلاحظ الحساسيات الدينية وشعائر الناس، حتى الأبقار التي يعبدها بعض الرعية، فلا تذبحها باستفزاز وتحدٍ، بل إن ذبحتها ففي أماكن خاصة، فهذا يقربك من رعيتك حتى أهل الذمة منهم.لا تهدم أوتتلف أماكن عبادة أي معتقد، وأقم كامل العدل حتى تضمن السلام في البلاد. يمكن أن يبلّغ الإسلام بطريقة أفضل من خلال سيف الحبّ والمودّة بدلًا من سيف الظلم والاضطهاد. تجنب الاختلافات بين الشيعة والسنة. انظر إلى الخصائص المختلفة لشعبك تمامًا كأنها خصائص فصول السنة."
يجب أن ننتبه إلى الجهة التي نأخذ منها تاريخنا، لأنّ معظم تاريخ الهند والتاريخ الإسلامي قد كتبه المستشرقون. نعترف بأن بعض حكام الهند المسلمين أساءوا تطبيق بعض أحكام الإسلام واقترفوا بعض المظالم. ولكن شبه القارة الهندية بقيت تحت حكمهم جزءًا من دار الإسلام، وأن نظام الإسلام كان مطبقًا فيها. وسجلات المحاكم التي لا تزال موجودة في بعض أمّهات المدن تبين أنه لم يكن هناك مصدر قانوني يرجع إليه غير الشريعة الإسلامية، كما أن شبه القارة استمرت تابعة لدولة الخلافة مدة طويلة، حتى إنه لما ضعف ربطها بمركز الخلافة، وصارت تحكم من ولاتها المسلمين بقيت دار إسلام، مرجعها في الأحكام هو الإسلام.
الهند جزء من دار الخلافة الإسلامية:
وحقيقةُ أن الهند كانت جزءًا من دولة الخلافة قد أقر بها كتَّاب حتى من غير المسلمين، فمثلًا يقول المؤلف الهندوسي شاشي إس. شارما في كتابه "الخلفاء والسلاطين - مبدأ دينيّ وتطبيق سياسيّ" (ص247)، مايلي: "بقيت سلطنة دلهي خلال فترة وجودها (1205 – 1526م) جزءًا قانونيًا من الخلافة الإسلامية العالمية تحت سلطان الخلفاء العباسيين. فقد اعتبر سلاطين دلهي أنفسهم نوابًا للخليفة واستمدوا شرعية سلطتهم الإدارية والقانونية على أساس هذه النيابة فقط. وبما أن السلطة العليا للأمة بقيت قانونيًا مع الخليفة، فقد ادّعى كل ملك وحاكم أنه يمارس سلطة الحكم لصالح وبالنيابة عن إمام الإسلام".
وذكر في (ص249) عن علاقة حكام الهند بالخلافة العثمانية: "عبّر محمد شاه باهاماني الثالث (1463 – 1482م) عن تقديره للسلطان العثماني محمد الثاني الفاتح بوصفه الشخص الجدير بمنصب الخلافة. وقد تبنت مملكة بيجابور الرمز التركي (العثماني) رمزًا لمملكتها. وخاطب مالك أياز، أحد أشراف كوجورات، السلطان سليم الأول بوصف " الخليفة على الأرض". ويمكن أيضًا أن نفهم الأدلة الدقيقة للتقدير العظيم الذي حمله الحكام المغول للسلطان العثماني من المراسلات القليلة التي تمت بين دلهي وإستانبول .. ففي رسالة إلى السلطان سليمان خاطبه هُمايون (حاكم الهند) "بالخليفة صاحب أعلى الصفات" ودعا له بدوام بقاء خلافته. وبعث السلطان إبراهيم رسالة إلى شاهجهان أعلن فيها عن نفسه بأنه " ملجأ وملاذ الحكام المسلمين في كل العالم،" فقد أنعم الله عليه ببركة تولي عرش الخلافة. وقد أحضر أحمد عكّا مندوب السلطان العثماني رسالة خطية من السلطان الى بلاط أورانكزيب حاكم الهند عام 1690م (1101هـ) مليئة باقتباسات قرآنية وإشارات إلى السلطان بوصفه خليفة الإسلام. وفي عام 1723م استأنف محمد شاه (1719 – 1748م) مراسلة المغول للباب العالي في إستانبول. ويصف محمد شاه السلطان في رسالته "بملاذ أعظم السلاطين"، "حامي أشرف الملوك"، "حلية عرش الخلافة العظيم" و"ناشر أحكام الشريعة"".
وهناك آثار قديمة معينة تبين أيضًا الصلة بين الخلافة والهند. فمثلًا تحمل نقود فضية في عهد السلطان شمس الدين ألتمش الذي كان والي الهند في الفترة (1211 – 1236م) اسم الخليفة المستنصر على أحد وجهيها واسمه هو كمساعد للخلافة على وجهها الآخر. وحتى بعد اجتياح بغداد عام 1258م (656هـ)الذي أدى الى وفاة الخليفة المستعصم فإن النقود في الهند حملت اسمه.
علماء الهند في ظل الحكم الإسلامي:
وقد أنجبت الهند أيضًا علماء عظامًا في ظلّ الحكم الإسلامي أمثال الشيخ أحمد سرهندي (توفي في دلهي عام 1033هـ / 1624م) الذي عُرِف بمجدّد الألف الثاني. وكان مشهورًا كعالم فقه، وقد كتب 536 رسالة حملت بمجموعها اسم "الرسائل المجموعة" أو "المخطوطات"، كان قد كتبها إلى الحكام العثمانيين تحمل أفكاره.
وكان شاه وليّ الدين دهلوي (1703 – 1762م) واحدًا من أكثر علماء الهند المحترمين، ونال القبول والتقدير من قبل جميع الجماعات والمذاهب في جنوب آسيا وما وراءها. كان كاتبًا وافر الإنتاج كتب بإسهاب عن مواضيع إسلامية متعددة. وشملت أعماله واحدة من أبكر الترجمات المفيدة لمعاني القرآن الكريم بالأوردو، وكذلك بالسنسكريتي، وقد اعترض على عمله كثير من علماء عصره، ثم رحب بها فيما بعد علماء المسلمين الهنود. ومن أعماله الأخرى المشهورة حجة البلاغة والتفهيمات الإلهية. وكتب شاه ولي الدين عن الخلافة في كتابه "إزالة الخلافة". ومما قاله في ذلك "الخلافة رئاسة للناس تقودهم من أجل إقامة الدين بكل أحكامه في التعليم والعبادات والجهاد.. ترتيب الجيش، وتعويض المقاتلين، وإنشاء نظام قضائي، وفرض القوانين، وكبح الجرائم .. وكل هذه المهامّ يجب القيام بها بواسطة الخلافة بوصفها تنوب عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتمثله في الحكم."
الهند ولاية عامة من قِبَل الخلافة:
لقد أعطيت شبه القارة الهندية ولاية عامة من قبل الخلفاء، وهو شكل من الحكم جائز في أحكام الشريعة. صحيح أن الخلفاء أصبحوا يهملون مسؤولياتهم في تقصي أحوال الولايات وفي مباشرة تعيين وعزل الولاة، حتى أصبح من المعتاد أن يقبلوا أي شخص يتولى السلطة في مختلف الولايات بدلًا من أن يختاروهم بأنفسهم، إلاّ أنّ قبولهم بهؤلاء الولاة يعني شرعية سلطتهم من قبل الخليفة.
الغزو البريطاني للهند وردة فعل المسلمين:
نتيجة للمؤامرات الخبيثة المستمرة من قبل المستعمرين وبسبب ابتعاد شبه القارة عن مركز الخلافة في إستانبول، بالإضافة إلى الضعف الذي كان قد بدأ بزحف على المسلمين عامة، بدأ الكفار يرون فرصتهم سانحة في السيطرة على شبه القارة الهندية. فقد غزا البريطانيون شبه القارة الهندية عام 1819م، حيث ووجهوا بمقاومة شديدة من المسلمين. واستمرت الحرب يتناوب الفوزَ فيها السلطةُ الإسلامية في شبه القارة الهندية وبريطانيا المعتدية بمساعدة بعض قوات الكفر من الهندوس والسيخ والبوذيين والآخرين. ولم تستطع بريطانيا تحقيق السيطرة عليها وتحقيق الاستقرار إلاّ بعد 27 سنة من الحروب الشرسة مع المسلمين، أي عام 1262هـ / 1846م.
وأثناء هذه الفترة، وبضعف سلطة ولاية المغول على أجزاء متعددة من الهند، بدأ بعض الحكام يطلبون الدعم والشرعية من الخليفة في إستانبول. فمثلًا، بعثت ملكة كانور رسالة ديبلوماسية إلى السلطان عبد الحميد الأول عام 1779م حيث "توسلت من الخليفة أن يحميها من عدوان شركة شرق الهند الإنجليزية". ثم إن (تبّو سلطان) حاكم ميسور طلب الاعتراف من الخليفة بحكمه، غير أن دولة الخلافة لم تكن في مركز قوة آنذاك تستيطع معها إرسال الجيوش إلى شبه القارة الهندية، لكن الخليفة أرسل رسالة يعترف فيها به حاكمًا لميسور.
وهكذا أزال المستعمرون البريطانيون الحكم الإسلامي من الهند، ومع ذلك ظلّ المسلمون هناك على ولائهم للخليفة في إستانبول. كما أن من المسلمين في شبه القارة من استمر في الجهاد ضد الكفار المستعمرين، وكان من هؤلاء المجاهدين سيد أحمد شهيد، المشهور. واستمر بعض العلماء يحرّضون على الجهاد وينظمونه ضد الاستعماريين بخاصة أولئك الموجودين في ياغستان (الذين يشار لهم عادة بحزام قبيلة البشتون في النصف الشرقي من أفغانستان، المكون من حيرات، وقندهار، وزابول، وغزني، وكابول، وذلك أثناء الحكم البريطاني للهند).
دور علماء الهند في مقاومة الاحتلال البريطاني:
وعندما انتهت الحرب اليونانية - التركية لصالح الخلافة العثمانية ابتهج المسلمون في الهند، وعقدوا اجتماعًا رسميًا في لوكنو تحت قيادة مولانا عبد الباري لتهنئة السلطان. ثم لما تلقت الخلافة انتكاسات في حروب البلقان وطرابلس ضجّ المسلمون ضدّ الدول الغربية التي كانت تحاول إضعاف الخلافة.
وبمجرد أن عاد مولانا محمد علي جوهر، أحد الناشطين المعروفين، الذين ساندوا الخليفة، وكان أيضًا معروفًا بموقفه ضد بريطانيا، بمجرد أن عاد من بريطانيا بعد تخرجه من كلية لينكولن، كتب عام 1914م مقالة افتتاحية في 36 ساعة بعنوان "خيار الأتراك" رداّ على مقالة ظهرت في جريدة التايمز في لندن. وعندما نشبت حرب البلقان عام 1912م راح يجمع الأموال لمساعدة الضحايا العثمانين كما أرسل أيضًا بعثة طبية.
وقد عمل شيخ الهند، مولانا محمود حسن، مدير دار العلوم ديوباند، وهي أشهر جامعة إسلامية في الهند، بدأب في جمع الأموال لإرسالها إلى الخلافة لمساعدتها في حروب البلقان وطرابلس. وقد كتب مولانا حسين أحمد مدني عنه يقول: "لقد أحدثت الحرب الدموية في البلقان وطرابلس أثرًا محزنًا على عقل وقلب مولانا محمود حسن، فسلك أثر سلفه مولانا قاسم نانوتوي (الذي شارك في إنشاء دار العلوم ديوباند وتعاون مع الخليفة أثناء الحرب الروسية - العثمانية). فكرّس مولانا محمود حسن نفسه لقضية الإسلام وقدّم كل مساعدة ممكنة للدولة العثمانية. أصدر فتوى بإغلاق دار العلوم ديوباند، وجمع التبرعات للدولة العثمانية وبعث وفودًا إلى تركيا، وقاد بنفسه أحد هذه الوفود. ولكنه حزن لنتيجة الحرب البلقانية السلبية التي هزّت بالكامل المسلمين، وبخاصة أولئك المتطلعين لنصر الخـلافة أمثاله. لقد علم هؤلاء أن الأوروبيين كانوا يتآمرون لإطفاء نور الإسلام. بالإضافة إلى أن مكائد الحكام الإنجليز أمثال السيد سكويب، والفظائع التي ارتكبت ضد المسلمين من قبل روسيا، وكذلك تقسيم تركيا، كل ذلك جعل الأوروبيين يجاهرون بتحقيق أحلام جلاديستون التي طالما تمناها". (نشق الحياة، المجلد الثاني ص140).
وأثناء الحرب العالمية الأولى، دوّت المساجد في الهند بالصلوات الحارة ودعي في الخطبة من أجل أن تحلّ بركة الله على السلطان، ومن أجل نجاح جيوشه في جهودها لتحطيم قوى الكفر. (حركة الخلافة، جيل مينولت، مطبعة جامعة أوكسفورد، 1982م صفحة 55). وقد قدَّرت الخلافة جهود المسلمين في الهند وطلبت منهم الثورة ضد البريطانيين.
كانت جريدة الخلافة العربية، باسم "الجاويت" تطبع في إستانبول، عاصمة الخلافة. وأصدر مدير الجاويت نسخة مجانية لطلاب دار العلوم ديوباند في الهند، التي كانت على بعد ثمانية آلاف ميل من إستانبول. (ساواني قاسمي، المجلد الثاني، ص329).
وقد دعم شيخ الهند مولانا محمود حسن المذكور آنفًا الخلافة بشكل مباشر، وعمل بجدّ من أجل الحفاظ عليها. سافر إلى الحجاز حيث قابل والي الخلافة في مكة ومساعدي الخليفة. وقد أعطى والي الحجاز الشيخ وثائق تساعد المسلمين في الهند في الصراع ضد استبداد البريطانيين. وكانت إحدى أهم هذه الوثائق نداء من الوالي إلى مسلمي الهند، حيث امتدح والي مكة شيخ الهند لبدئه الصراع ضد الحكم البريطاني الاستعماري، كما حضّ مسلمي الهند لتقديم كامل دعمهم. وطمأن مسلمي الهند أيضًا بالدعم المادي لهذه الحركة من الخلافة. وتعرف الوثيقة التي كتبها والي مكة في التاريخ باسم غالب نَماه.
وبعد أن أدى الشيخ الحجّ عام 1334هـ / 1916م قابل أيضًا أنور باشا وجمال باشا، من وزراء الخليفة. وكتب أنور باشا أيضًا رسالة مناشدة لمسلمي الهند يقدر فيها صراعهم المستمر ضد الاستبداد البريطاني. وصياغة تلك الرسالة كانت شبيهة بغالب نَماه، حيث أكدت الدعم المادي من الخلافة العثمانية لمسلمي الهند في صراعهم ضد البريطانيين. ودعت الرسالة أيضًا كل رعايا وموظفي الخلافة العثمانية أن يكون لديهم كامل الثقة في شيخ الهند، وأن يقدموا الدعم المادي لحركته. وقد استخرجت نسخ من هذه الرسائل وهُرِّبت داخل الهند رغم كل التحديات من قبل المخابرات البريطانية، ثم وزعت في جميع أنحاء ياغستان. (سجناء مالطا، مولانا سيد محمد ميان، جمعية العلماء- I- هند).
وقد أدرك مسلمو الهند خيانة الشريف حسين وثورته المدعومة من البريطانيين، واحتجوا بشدة ضد قطع إمدادات الطعام للحجاز من قبل البريطانيين. فقد ورد في المصدر السابق: "رغم كل الدعاية التي قام بها الكولونيل تي. إي. لورنس بما في ذلك خطبه الساحرة والعاطفية باللغة العربية، ورغم الاتفاقية السرّية بين الشريف حسين وسير هنري ماكماهون، لم يرغب مواطنو الحجاز العاديون في الثورة ضد الأتراك كما طلب منهم الإنجليز والشريف حسين، فلجأت الحكومة البريطانية إلى أسلوب وحشي وغير إنسانيّ وصفه شيخ الإسلام مولانا حسين أحمد مدني بالكلمات التالية: "قطع إمدادات الطعام عن الحجاز، وصلت آخر شحنة من الطعام بالسفن إلى الحجاز في شهر صفر عام 1334هـ. وبانقطاع إمدادات الطعام بالكامل ارتفعت الأسعار وبدأت المجاعة بين الناس. وتحت احتجاج المسلمين الهنود أبحرت السفينة فيروزي أجانبوت من كالكتا ببضعة آلاف من أكياس الرز في شهر جمادى الثاني عام 1334هـ. وحتى هذه الشحنة أُفرغت بالقوة في ميناء عدن، وسمح لها بالوصول إلى جدة فقط بعد أن انحسر بالكامل النفوذ السياسي للدولة العثمانية في الحجاز"". (سجناء مالطا، مولانا سيد محمد ميان، جمعية العلماء- I- هند، الطبعة الإنجليزية، ص45).
لقد سجن شيخ الهند مولانا محمود حسن، مدير دار العلوم ديوباند، المذكور آنفًا، من قبل البريطانيين، في مالطا لمدة ثلاث سنوات لثباته على الحق ولعدم تنكره للخلافة العثمانية. أراد البريطانيون منه أن يصدر فتوى تتنكر للخلافة العثمانية وتدعم الشريف حسين. اعتقل شيخ الهند من قبل الخائن الشريف حسين في الحجاز (مكة) في 23 صفر عام 1335هـ، وأُرسل مع علماء آخرين إلى مالطا عبر القاهرة على ظهر سفينة يوم 29 ربيع ثاني 1335هـ، الموافق 21 شباط / فبراير عام 1917م. أما علماء الهند الآخرون فكانوا مولانا حسين أحمد مدني، مولانا عزيز غول، مولانا حكيم نصرت حسين، ومولانا وحيد أحمد، الذين وضعوا في السجن من قبل البريطانيين. وبقي مولانا محمود حسن في السجن مدة 3 سنوات و4 شهور. وقد أطلِق سراحه ووصل بومبي في 8 / يونيه عام 1920م. ويتزامن تاريخ عودته هذا من مالطا ببدء حركة الخلافة في الهند. (سجناء مالطا، مولانا سيد محمد ميان، جمعية العلماء- I- هند).
أسست عام 1321هـ نظارة المعارف (أكاديمية تعليم القرآن) بإدارة المجدد مولانا عبيد الله سندي، وكان هدفها تدريب المفكرين المسلمين للتصدّي للدعاية غير الإسلامية وتعزيز الفكر الإسلامي. وقد أدرك البريطانيون التهديد الذي تمثله النظارة كما يظهر من تقرير بعنوان: "دعوى الملكة البريطانية ضد مولانا عبيد الله سندي" بواسطة دائرة المخابرات المركزية للحكومة البريطانية (سي. آي. دي)، حيث يقول التقرير: "لا يسمح لمولانا عبيد الله سندي باستعمال دار العلوم ديوباند كمعسكر لتدريب مبشّريه (المجاهدين). لذلك قرر أن ينشئ مدرسة (نظارة المعارف) في دلهي لتحقيق هذا الغرض....وكما يظهر من اسمها فإن المدرسة قد أنشئت لتفسير القرآن وتعاليمه من منظور صحيح. وهي تعلم كذلك اللغة العربية". (دعوى الملكة البريطانية ضد مولانا عبيد الله سندي، الفصل رقم 17). "وبالإضافة إلى هذه التعاليم التي كانت نظارة المعارف تفصح عنها، كان هناك ما هو غير قانوني، ثم إنها كانت تستعمل أيضًا كمكان سرّي لاجتماع المتآمرين". (دعوى الملكة البريطانية ضد مولانا عبيد الله سندي، الفصل رقم 20).
وكان البريطانيون يشيرون بذلك إلى حقيقة أن نظارة المعارف أصبحت نقطة التقاء ومركزًا للثوريين المسلمين الذين أرادوا إسقاط سلطة الحكومات البريطانية في الهند. ويشمل ذلك حكيم أجمل خان، دكتور أحمد أنصاري، مولانا شوكت علي، مولانا محمد علي جوهر، مولانا ظفر علي خان، ومولانا أبو الكلام أزاد.
وقد دعا العلماء المسلمون والنشطاء إلى مقاطعة البضاعة الأجنبية وعدم التعاون مع الحكومة البريطانية. نظمت اجتماعات من أجل حشد الجماهير لدعم هذه القضايا، وعقدت هذه الاجتماعات تحت راية مؤتمر الأنصار (مؤتمر الشغّيلة)، وعدة صحف مثل الهلال لمولانا أبو الكلام أزاد، والرفيق (كومريد) لمولانا محمد علي جوهر. وقد اعتقل كل من مولانا أبو الكلام أزاد ومولانا محمد علي جوهر بسبب نشر مقالات في صحيفتيهما ضد البريطانيين. وقضى الثاني منهما أربع سنوات في السجن ما بين 1911 و1915م.
كان ولاء المفكرين المسلمين في الهند للخلافة يومها لا ريب فيه. وقد لخص أبو الكلام أزاد وجهة نظرهم حين كتب في صحيفته الهلال في 6/11/1912م بأن السلاطين العثمانيين يملكون السيف الوحيد الذي يحمي به المسلمون أنفسهم. وأضاف: "إن الخلافة وفق الأدلة التي جاء بها الوحي هي فرض فرضه الله سبحانه، وطاعة الخليفة فرض وواجب مؤكد".
علماء الهند وإلغاء الخلافة الإسلامية:
إن من يقرأ كيف تفاعلت الهند وعلماؤها مع أحداث إلغاء الخلافة ليأخذه الإكبار على فهمهم العميق والمشرق لأهمية الخلافة في حياة المسلمين، ولوعيهم الكامل لدورها في جمع المسلمين وتحقيق أهداف الإسلام، ولمدى خطورة هذا الحدث عليهم، ويلفته كذلك موقفهم من تلك اليد المجرمة التي طعنت الأمة الإسلامية في قلبها "الخلافة"، تلك اليد التي هي بريطانيا التي سخرت أيدي الخونة من أبناء المسلمين الذين غمسوا أيديهم في دماء إخوانهم.
حركة الخلافة في الهند:
بدأ في سبتمبر 1919م مولانا محمد علي جوهر وأخوه شوكت علي بالمشاركة مع أبي الكلام أزاد، ودكتور مختار أحمد أنصاري وحسرت مهاني، بدأوا منظمة جديدة باسم (حركة الخلافة) في الفترة (1919م - 1924م). كان هدفهم المعلن عمل كل ما يمكن عمله من أجل حماية الخلافة. فنظموا مؤتمرات خلافة في عدة مدن شمال الهند. ومن الملاحظ أن العلماء والنشطاء الذين كونوا حركة الخلافة جاؤوا من مذاهب متعددة وخلفيات فكرية مختلفة. فمولانا أبو الكلام أزاد مثلًا معروف أنه يجتهد ولا يقلد، حيث كان يعتقد أن تقليد المذاهب حرام. أما مولانا محمود حسن فكان ديوبنديًا يتبع المذهب الحنفي، ومع هذا اتحدوا معًا تحت هدف العمل للحفاظ على الخلافة.
وفي عام 1919م لما بدأ مصطفى كمال يسرِّب إمكانية فصل الخلافة عن السلطنة أي عن الحكم، أعلنت لجنة الخلافة في بومباي هدفين تنظيميين مهمين وهما: "الأول هو الحثّ على احتفاظ سلطان تركيا بوصفه خليفة بسلطاته الدنيوية. أما الثاني فهو ضمان استمرار سيادته على الأماكن الإسلامية المقدسة»"
نشر مولانا أزاد عام 1920م كتابًا بعنوان (مسألة الخلافة) حيث قال فيه: "بدون الخلافة لا يمكن وجود الإسلام، ويلزم أن توجّه كل جهود المسلمين في الهند من أجل هذا الهدف".
أصدر مولانا أبو الكلام أزاد فتوى نشرت في الجريدة اليومية "أهل الحديث" الصادرة في أمريستار في 30 تموز / يوليو 1920م، حيث حثّ في هذه الفتوى على الهجرة من الهند كخيار بديل لعدم التعاون مع البريطانيين.
ذكرت فتوى مولانا عبد الباري "بأن كل مسلم مقيم هنا عليه تبني عدم التعاون، ولكن إذا كان مستحيلًا فعليه أن يشرع في الهجرة". وأصدر مولانا شوكت تصريحًا باسم لجنة الخلافة المركزية "يعبر عن الأمل بأن يبقى المسلمون الملتزمون في الهند، وأن يعملوا من أجل عدم التعاون. ولكنه فقط في حالة عدم نجاحهم في ذلك يمكنهم النظر في اللجوء إلى خيار الهجرة". كان تأثير الفتوى مثيرًا لدرجة أن آلافًا من المسلمين فضلوا مغادرة دار الكفر حيث انتهِكت حرمة حقوقهم الدينية المتمثلة في منصب الخليفة العثماني.
وقد أفصح مولانا شوكت عن عاطفته في خطابه الرئاسي في الاجتماع العاشر لمؤتمر الخلافة لكل الهند في 27/12/1923م قائلًا: "طالما كان هناك بوصة واحدة من جزيرة العرب تحت نفوذ غير المسلمين فلن يهدأ بال المسلم". (مسلمو الهند، شان محمد، ميناكشي براكاشان، 1981م، المجلد السابع، صفحة 209).
وقد شدّد محمد عاصف على أهمية الواجب الشرعي في وجود الخلافة في كتاب بعث به إلى محرر صحيفة الرفيق (كومريد) في 2 تشرين ثاني / نوفمبر عام 1921م، حيث قال: "هيبة تركيا تتطابق مع هيبة الإسلام، ووجود الدولة العثمانية ضروري للتقدم الحياتي (الدنيوي) للسلالات (الشعوب) الإسلامية .. وسيختفي الإسلام كقوة حضارية بحلّ الدولة العثمانية .. وإذا سقطت تركيا فالإسلام لا يستطيع الصمود. لذلك فإن تركيا هي العمود الفقري للإسلام". وأيّد وجهة النظر هذه مولانا محمد علي الذي أكّد بأنّ هذا الموقف يعكس أيضًا الرأي العام لعامة المسلمين.
وجاء في كلمة ألقاها مولانا محمد علي في باريس عام 1920م: "تعتبر الخلافة أكثر مؤسسة ضرورية للأمة الإسلامية في العالم. والأغلبية الساحقة من المسلمين في العالم يعترفون بسلطان تركيا كأمير للمؤمنين وكوريث لخليفة نبيهم. وكجزء جوهري من هذا المعتقد أن يكون للخليفة، أمير المؤمنين، أقاليم كافية ومقدرات عسكرية وبحرية مناسبة وموارد مالية ملائمة".
وقال سيد حسين الذي شارك محمد علي منصة اجتماع باريس: "إذا كان للإسلام أن يوجد في العالم فمن الضروري تمامًا أن يكون للإسلام خلافة. هكذا كان التاريخ والعرف في الإسلام منذ نشأته قبل 14 قرنًا".
وقال مولانا محمد علي جوهر أيضًا: "كان حاكم تركيا هو الخليفة وخليفة النبي وأمير المؤمنين، ومن الضروري أن تكون الخلافة همّنا الديني شأنها شأن القرآن وسنة النبي". (حياتي شظية، محمد علي جوهر، ص41).
وعلى خلاف ما يقوله بعض علماء (مشايخ السلاطين) اليوم من انفصال السياسة عن الإسلام، فإن علماء ذلك الزمان أكدوا ارتباطهما الذي لا ينفصم. وقبيل هدم الخلافة عقدت الندوة الرابعة لجمعية علماء الهند في جايا في 24/12/1923م، حيث اجتمع في تلك الندوة العلماء الفقهاء ومعلمو الإسلام من كل أطراف الهند، وبحثوا باستفاضة القضية المتعلقة بالمستقبل السياسي للأمة الإسلامية. وبعد مباحثات مضنية توصلت الندوة بالإجماع إلى وجهة النظر القائلة بأن السياسة والدين جزءان من الإسلام لا ينفصلان. وبعد مشاهدته للتأثير الواسع لحركة الخلافة، فإن الهندوسي، أبو حكومة الهند الحالية، مهاتما غاندي التحق بالحركة وأصبح عضوًا في لجنتها المركزية.
ولكن بعد هدم الخلافة على يد مصطفى كمال في 3/3/1924م ماتت الحركة، ورأى الكثيرون استحالة إعادة الخلافة، فركزّوا على كيفية تحرير الهند من الاستعمار البريطاني. وبعد إلغاء الخلافة بيوم واحد قال مولانا محمد علي جوهر كما ورد في صحيفة التايمز اللندنية يوم 4/3/1924م: "من الصعب توقع الآثار الحقيقة لإلغاء الخلافة على عقول المسلمين في الهند. أؤكد بكل ثقة أنها ستكون مأساةً للإسلام وللحضارة. إن قمع المؤسسة التي كانت تحظى بالاحترام والتي اعتبرت عبر العالم الإسلامي رمزًا للوحدة الإسلامية سيكون سببًا في تفكك المسلمين..".
كم كانت كلمةً صائبةً! فبعد إلغائها شاهد العالم الإسلامي ما قاله تمامًا. واليوم وبعد أكثر من ثمانين عامًا على هدمها، أصبحت الخلافة ثانيةً كلمةً ذات وقع مؤثر في وسائل الإعلام على جميع الأطراف، فمن ناحية يخاف السياسيون والمفكرون والقادة في الغرب من عودتها، ومن ناحية أخرى يتوق المسلمون لإعادة إقامتها. فقد قال رئيس الولايات المتحدة جورج بوش الابن في مؤتمر صحفي أمام البيت الأبيض يوم الأربعاء 11/10/2006م: "يحاول المتطرفون إرعاب الناس العقلانيين من أجل إسقاط الحكومات المعتدلة لبسط الخلافة. لا يمكن أن تكون المخاطر في العالم الذي نعيشه أعظم خطورة من ذلك، كما سبق أن قلت. هناك عناصر متطرفة تستعمل الدين من أجل تحقيق أهدافها. ونحن لن نترك الوقوف ضد أهدافهم، ولن نمكنهم من إسقاط الحكومات المعتدلة، إنهم يريدون بسط خلافة مبدئية لا مكان لفكرة الحرية في عقائدها".
يجب على الغرب أن يدرك أن الخلافة جزء أصيل من الإسلام، وأنها لا بد قائمة بإذن الله، فلو كانوا حكماء لفكروا في كيفية بناء علاقات معها مستقبلًا بدلًا من شجبها وحياكة المؤامرات ضد قيامها. إن الخلافة ستعود بإذن الله، وستحرر شبه القارة الهندية مرة أخرى.
منقول