أكد الفريق أحمد ڤايد صالح، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي نائب وزير الدفاع الوطني، من مدينة حاسي بحبح، أول أمس، أن الجزائر ستواصل تحديث ترسانة أسلحتها القتالية والدفاعية، وعصرنة قواتها المسلحة، بما يمكنها من صون استقلالها ووحدتها الترابية وسيادتها الوطنية.
كلام ڤايد صالح، جاء في وقت تعيش فيه منطقة المغرب العربي والساحل، وضعا أمنيا وسياسيا غير مستقر، بفعل انهيار الدولة في الجارة ليبيا، ومحاولات زعزعة الاستقرار في تونس، مع التهاب الحدود الجنوبية والغربية بسبب استمرار الحرب الأهلية في مالي واستمرار استفزازات المغرب بسياسة غض الطرف عن نشاط عصابات التهريب والاتجار بالمخدرات، التي تستهدف بالدرجة الأولى إضعاف الجزائر واستنزاف مقدراتها.
وتندرج خرجة ڤايد صالح الأخيرة، إلى حاسي بحبح، ضمن نشاط الوزارة والقوات المسلحة، بغية التكيّف مع مختلف الأسلحة التي اقتنتها الجزائر، وتنمية مهارات أفراد الجيش الوطني الشعبي على نحو يرفع مستوى التحكم فيها، سواء تعلق الأمر بالسلاح الجوي، مثلما جرى في تمرينات وهران، أو البحري من خلال تفتيش السفينة الحربية “الغراب الزاجر” بالقيادة العامة للقوات البحرية بالأميرالية بالعاصمة.
وفي هذا الصدد، لم يخف الفريق ڤايد صالح إصرار الجزائر على المضي في تطوير القدرات العسكرية في إطار مخطط العصرنة المعتمد منذ سنوات، كما لم ينف صحة الأنباء التي تتحدث عن سعي الجزائر إلى تعزيز مكانتها في ظل مناخ لا يدعو للاطمئنان أو التراخي في ظل ما تعرفه المنطقة من تحولات ومحاولات تفكيك وتجزيء الدول.
وما يعزّز هذا الرأي، مخطط تطوير السلاح الجزائري والذي شرع فيه بعد كسر شوكة الإرهاب التي استهلكت السلاح في ظل حصار دولي بائن، وذلك من خلال عقد صفقات تسليح متعددة الشركاء مكنت من اقتناء أحدث الأسلحة التي تزيد من قدرات البلاد على تأمين الإقليم وتغطيته بسرعة أكبر، وبقوة نار مركزة.
وقال ڤايد صالح: “فمبدأ تعزيز قدراتنا الدفاعية، هو من المبادئ الثابتة، التي أوليناها في السنوات القليلة الماضية عناية قصوى وجعلنا منها متطلبا عملياتيا في غاية الأهمية”، مضيفا أن ذلك “أثمر توفير تجهيزات عصرية متطورة.. نشاهد اليوم التكنولوجيا العالية التي تتوفر عليها، ونعاين مدى القدرة الفائقة والمهارة البارعة، التي يبديها العنصر البشري، الذي أثبت اليوم كفاءة رفيعة المستوى في مجال التحكم في ناصيتها وتطويعها”.
وتأتي هذه الرسائل التي وجهها ڤايد صالح في كل مرة للرأي العام الوطني وللمهتمين بالشأن الج
زائري، خارجيا، لتأكيد إصرار الجيش الوطني الشعبي على “صون المصالح العليا للوطن وحماية استقلاله وحفظ سيادته وتأمين وحدته الشعبية والترابية”، مبرزا في هذا السياق هدف هذه التمرينات التي تبتغي “جعل التكوين والتدريب والتحضير القتالي في الجيش الوطني الشعبي، شرطا أساسيا لصقل الكفاءات المتعددة المستويات والتخصصات، وتهذيب المهارات والمواهب، بشكل يضمـن التكيف السليم مع مـقتضيات العصر ومتطلبات أداء المهام الموكلة، بنفسية متحفزة ومتشـبعة بروح المسؤولية وبحس الواجب حيال الوطن والـشعب”.
وتجمع تحليلات الخبراء في هذا المجال على أن الهدف من اقتناء الجزائر لأسلحة نوعية ومتطورة بفضل صفقات توصف بالمعتبرة، هو تعويض مخزون السلاح الذي استهلكته مكافحة الإرهاب ومواجهة تبعات الحصار الدولي الذي فرض على الجزائر خلال حقبة التسعينيات، والذي شمل حتى خراطيش والذخيرة الموجهة للأسلحة الخفيفة! فكان لزاما على الدولة إيلاء هذا الجانب العناية الكافية، لاستدراك الوضع، خاصة بعدما صارت الجزائر أكبر بلد في إفريقيا مساحة بعد تفكيك السودان، والاستفاقة على وضع أمني متحرك في الساحل، الأمر الذي استوجب التركيز على حماية الجغرافيا والإقليم وتأهيل الصحراء التي كانت إلى غاية 2010 توصف بأنها محيط هادئ من الرمال.
ولاعتبارات تتعلق بحماية المجال الحيوي للجزائر، استغرق السلطات لكسر الحصار على السلاح، وعودة إلى وضعية نهاية الثمانينات، في عقد صفقات توريد أسلحة متطورة اعتبارا من 2007 لتستمر إلى غاية اليوم، تجديدا للعتاد، باقتناء المئات من الدبابات والعشرات من الطائرات الحربية والمروحيات.
ومن الأهداف كذلك، حسب ذات الخبراء، تغطية المجال الحيوي للجزائر، الذي اكتشف الجميع أنه بالغ الاتساع، وأصبح من الواجب الحضور في أي نقطة منه بسرعة وبقوة كافية وفعالة، وذلك لتعويض ثقل تحرك الحشود العسكرية في أوقات الخطر والضرب بقوة نار مركزة بما يجنب القوات المسلحة الخسائر.
ولم يكن لتتحقق هذه الأهداف إلا باللجوء إلى خيار التأقلم مع العتاد العسكري المتطور الذي يضمن تجديد المخزون بصفة أسرع وقوة نار كبيرة ومكثفة، بدل الاكتفاء بخيار تجنيد الحشود الذي يتطلب أعباء أكبر وتكفلا مكلفا.
منقول