طوال الأيام الماضية كانت الطفلة "حنين" (9 أعوام) ترافق والدتها أينما حلّت وذهبت لاعتقادها أنّ ذلك يمكن أن يحميها من بطش أي غارة صهيونية هنا أو هناك أو أي عدوان صهيوني محتمل على غزة.
"حنين" التي لم تعد تجد طعماً للحياة إلا بقرب والدتها وبيتها – حسب رواية والدتها - باتت والدتها تخشى أن تكون في يومٍ من الأيام ضحية لشمعة تزين "كيكة ..."، أو لانبعاث الضوء الذي يشعرها بشيءٍ من الأمان، إلا أن حادثة احتراق عائلة الهندي بددت هذه الأحلام البسيطة لتزرع مكانها مزيدا من الخوف.
فالطفلة حنين، التي عايشت خلال سني عمرها القليلة حربين متتاليتين في مدة زمنية لا تتجاوز العامين، لا تزال تعاني كما باقي أطفال غزة من ظلام يفرضه الحصار للعام العاشر على التوالي.
400 ألف طفل
حالة "حنين" التي أصبحت تتلقى علاجاً نفسياً لما آل إليه حالها، ليست نموذجاً منفصلاً عن الواقع بل هي حالة الآلاف من أطفال غزة الذي باتوا يخشون العدوان الصهيوني من جهة، وتبدد أمن بيوتهم بسبب حرائق الشمع أو ما شابه من جهة أخرى.
يقول "فضل أبو هين"، الأخصائي النفسي في حديثه لمراسل "المركز الفلسطيني للإعلام" : إنّ الأطفال هم الحلقة الأضعف في المجتمع الفلسطيني، وهم يتعرضون لضغوط شديدة في حياتهم ليس فيما يتعلق بخوفهم من الحرب والحرق فحسب، "بل إنّ نمط الحياة كله في غزة قاهر جداً، حيث الحصار والفقر والبطالة والتلوث" حسب قوله.
ويؤكّد أبو هين، أنّ أخطر ما يحدث مع الطفل، هو أنّه يتعرض لظروف قاهرة جداً دون أن يعرف الأسباب بخلاف كبير السن الذي يحلل الأمور بطريقته.
وتؤكد الإحصائيات الواردة عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، أن أكثر من 400 ألف طفل على الأقل في غزة يحتاجون إلى الدعم النفسي والاجتماعي، إثر معاناتهم من الصدمة، أو لظهور أعراض الضيق المتمثلة بالأرق والأزمة والذعر والكوابيس واضطرابات الطعام، والعصبية، والاكتئاب، وغيرها، علماً بأن الدراسات تشير إلى أن 52 ٪ من سكان قطاع غزة تحت سن الـ(18).
حوادث مماثلة
حالة الغضب والحزن الشديد التي سيطرت على كل أجواء قطاع غزة عقب احتراق أطفال عائلة الهندي، أعادت إلى أذهان أهالي القطاع حوادث مماثلة رافعين أكفهم بأشد الدعوات على من يتسبب في حصار غزة ويحرم أهلها العيش الهانئ.
وقبل ثلاثة أعوام بالتمام نشب حريق بمنزل يعود لعائلة ضهير في حي الشجاعية، راح ضحيته أسرة بأكملها "الأب حازم ضهير، وزوجته سمر، وأربعة من أطفالهم تتراوح أعمارهم ما بين الشهرين والسبع سنوات".
وفي ظل قلق الفلسطينيين في غزة من نشوبٍ حربٍ جديدة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني على إثر المناوشات والاشتباكات الأخيرة التي حدثت على حدود قطاع غزة، باتوا يخشون أن تطال حوادث الحرائق عوائل أخرى في ظل تردي الوضع المعيشي لآلاف الأسر في قطاع غزة، واستمرار انقطاع التيار الكهربائي الذي يشكل غيابه تهديداً واضحاً لحياة السكان.
وحسب الإحصائيات الرسمية، فإنّ 447 طفلاً فلسطينياً استشهدوا في العدوان الصهيوني على قطاع غزة صيف عام 2014 (العصف المأكول) وأنّ هذا العدد هو أكبر مما كان عليه أثناء الحربين السابقتين.
وتراوحت أعمار الأطفال الشهداء في حينه بين (10- 17) عاماً، فيما أصيب أكثر من 2877 طفلاً بجروح وُصف عدد كبير منها ب"إعاقات دائمة".
جذور الأزمة
وتعتبر أزمة الكهرباء من المعضلات الأساسية الأبرز في حياة الفلسطينيين في غزة، حيث يغيب التيار الكهربائي عن منازلهم لأكثر من 12 ساعة متواصلة يومياً تتعداها في بعض الأحيان إلى 18 ساعة وقت اشتداد الأزمة.
وتؤكد سلطة الطاقة بغزة، أنّ أزمة انقطاع التيار الكهرباء التي يعاني منها القطاع ليست مشكلة فنية، وإنما مشكلة سياسية ناتجة عن رفض الحكومة في رام الله ربط غزة بمنظومة الربط الإقليمي، ورفضها أيضاً إعفاء السولار الموَرّد لمحطة توليد الكهرباء من ضريبة "البلو"، بشكل كامل.
وكانت القوى والفصائل الفلسطينية، قد حذّرت مطلع الشهر الجاري من تفاقم أزمة الكهرباء في قطاع غزة، في ظل امتناع حكومة التوافق الوطني عن إعفاء السولار الموَرّد لمحطة توليد الكهرباء من ضريبة "البلو"، بشكل كامل.
واعتبرت الفصائل، قرار حكومة التوافق الوطني الأخير بإعفاء السولار الصناعي المورد لمحطة توليد الكهرباء بغزة بنسبة 65 في المائة خلال شهر أيار/ مايو و80 في المائة خلال شهر حزيران/ يونيو، بمثابة "خطوة غير كافية، ولا تتجاوب مع الموقف الوطني والشعبي المطالب للحكومة بتحمل مسؤولياتها تجاه قطاع غزة بالإعفاء الفوري للوقود الصناعي بنسبة مائة في المائة من كافة الضرائب ومن بينها ضريبة (البلو)".
وخلال الأشهر الماضية، كانت الحكومة ترفض إعفاء السولار من ضريبة البلو، حيث دعت الفصائل إلى إيجاد حل جذري لمشكلة الكهرباء من خلال الربط مع خط الكهرباء "الإسرائيلي" (161) بواقع (120 ميجاواط) مع إجراء توسعة لمحطة توليد الكهرباء، والبدء في تنفيذ مشروع مد خط الغاز إلى محطة التوليد في القطاع.
منقول