اين يكمن الإعجاز في بيت العنكبوت!
هناك آية كريمة يصعب إيجاد تفسير مرض لها في كتب التفاسير
{مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون}
. فهذه الآية تشير صراحة إلى وهن بيت العنكبوت وأنه يأتي كأكثر البيوت ضعفا وهشاشة. ولكن في المقابل ثبت أن خيط العنكبوت «من حيث مادته وتركيبته المجهرية» أقوى من خيوط الفولاذ والنحاس وجميع المعادن المعروفة، فالخيوط الحريرية التي يفرزها العنكبوت لو جمعت في سماكة الأصبع لاستطاعت حمل طائرة ضخمة بكامل ركابها. فرغم أن خيط العنكبوت يبدو ضعيفا وواهيا إلا أنه مقارنة بسماكته التي تقل ب4000 مرة عن شعرة الإنسان على درجة عالية من القوة والمرونة «لدرجة أن الجيش الأمريكي طلب مؤخرا ملابس مضادة للانفجاريات تصنع من خيوط العنكبوت» فهذا الخيط «المصنوع من سائل بروتيني يتصلب عند ملامسته للهواء» يمكنه التمدد إلى خمسة أضعاف طوله قبل أن ينقطع. أضف لهذا انه «مقارنة بوزنه وحجمه» أقوى من الفولاذ ب 20 مرة، والألمنيوم ب 29 مرة وتبلغ قوة احتماله 300,00 رطل للبوصة المربعة -وهو ما دعا العلماء لتسميته ب «الفولاذ الحيوي» أو «الفولاذ البيولوجي» أو «البيوصلب». وهذه الحقيقة تستطيع اكتشافها بنفسك حيث يمكنك بسهولة إزاحة بيت العنكبوت «بسبب وزنه الخفيف» ولكن يصعب عليك قطعه أو تغيير شكله الهندسي. خيط بيت العنكبوت أقوى من الحديد الصلب بخمس مرات ويتميز عليه بالمرونة وأقوى من السترة الواقية من الرصاص بثلاث مرات !
هذه الحقائق المدهشة تدفعنا للتساؤل عن كيفية التوفيق بين «وهن البيت» في الآية الكريمة و «قوة المادة» التي يبنى منها . وكيف يجتمع في منشأة واحدة «الحد الأدنى» من الوهن والهشاشة و«الحد الأقصى» من القوة والمرونة!
قبل الإجابة على هذا السؤال أذكر أولا بأن الآية الكريم تسجل نوعين من الإعجاز في بيت العنكبوت. الأول مادي فيزيائي؛ والثاني معنوي أخلاقي.
فبالنسبة للإعجاز المادي نلاحظ أن كلمة العنكبوت وردت في الآية الكريمة بصيغة التأنيث لا التذكير «اتخذت بيتا». فالعلماء لم يكتشفوا إلا مؤخرا أن أنثى العنكبوت هي من يقوم بفرز المادة الحريرية وجدل الخيوط وغزل الشبكة. و كلمة «اتخذت» لا تشير فقط إلى أنثى العنكبوت بل وإلى وجود عملية بناء حقيقية تقوم بها بغرض السكن والتفريخ. وفي المقابل يقتصر دور الذكر على التلقيح والارتماء عند قدمي الأنثى كي «تأكله» بعد انتهاء عملية التزاوج. وهذا المصير المخيف جعل بعض المفسرين يرون أن المقصود -في الآية الكريمة- هو وهن البيت من الناحية الاجتماعية والأخلاقية لا المادية والميكانيكية؛ فبالمقارنة -حتى مع عالم الحشرات- يعد بيت العنكبوت «أوهن البيوت» من الناحية الأسرية وأكثرها أنانية وشراسة؛ فالأنثى تأكل الذكر بعد التلقيح وتأكل أبناءها بعد خروجهم من البيض. ومن هذه المنظور تسجل الآية سبقا فريدا من حيث الإخبار عن السلوك الداخلي للعنكبوت ووهن بيتها من الناحية الأخلاقية والاجتماعية!!.
والتفريق بين وهن البيت «كوصف مجازي» وقوة المادة التي يبنى منها يثبته استعمال الآية الكريمة لكلمة «بيت» وليس «خيطاً» أو «شبكة» . أضف لهذا أن وهن البيت - من الناحية الاجتماعية والأخلاقية- جاء أصلا في سياق ضرب المثل بمن يتخذ من دون الله أولياء حيث الصلات واهية والروابط متقطعة والغدر وارد في أي لحظة.
!!
الإعجاز العلمي في بيت العنكبوت :
وقد كنت قرأت بحثا لأستاذ علم الحشرات ووقاية النبات بكلية الزراعة جامعة عين شمس الكتور / البمبي، والبحث تناول فيه حشرة العنكبوت وطريقة حياتها وكيفية بنائها لبيتها وأسلوبها في صيد فريستها ثم تطرّق البحث إلى الإعجاز القرآني والذي ثبت علمياً حول هذه الآيات. وقد استهل الدكتور بحثه بقول الله تعالى { كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً }، فقال:
"ذكر الله تبارك وتعالي كلمة { اتَّخَذَتْ } وهي فعل اتصل به تاء التأنيث للدلالة على المؤنث بعد كلمة العنكبوت، وهي كلمة مذكرة مما يبدو معه بداهة أن هناك -عياذاً بالله- خطأ لغوياً في الآية" يقول الدكتور: "لو صحت لغوياً لكان خطأ علمياً، وهذا لا يمكن أن يصدر من خالق العنكبوت وخالق الكون كله. فمن خلال الدراسات المستفيضة في علم الحشرات وعن طبيعة حشرة العنكبوت اتضحت لنا الحقائق التالية:
الحقيقة الأولى:
أن ذكرالعنكبوت لا يستطيع أن يبني بيتاً، وأن التي تقوم ببناء البيت هي أنثى العنكبوت فقط من خلال مغزل خاص موجود في نهاية بطنها، ولا يوجد مثله عند الذكر.
الحقيقة الثانية:
لا تبدأ الأنثي في بناء هذا البيت إلا حينما تصل إلى مرحلة البلوغ والاستعداد للزواج، فتقوم عند ذلك ببناء بيتها والذي يكون عامل جذب قوي للذكر غير القادر على البناء بطبيعة خلقته.
الحقيقة الثالثة:
تقوم الأنثى ببناء بيتها بخيوط منسوجة بتداخلات فنية وهندسية خاصة بحيث تكون شديدة الحساسية لأية اهتزازات خارجية|، وهذه الخيوط مشبعة بمادة لزجة صمغية تلتصق بها أية حشرة بمجرد مرورها عليها أو الاقتراب منها، وهذه الخيوط تقوم بتكبيل الحشرة حتى تأتي أنثى العنكبوت فتفترسها.
الحقيقة الرابعة:
بعد أن تتم مرحلة التزاوج وينتهي الذكر من تلقيح الأنثى، تذهب الأنثى إلى مكان بعيد آمن حيث تضع بيضها وبينما الذكر في بيته يشعر بالأمان، إذا بالأنثى تنقض عليه فتأكله، وهذا الأكل لا بد أن يتم؛ حيث إن أنسجة الذكر مهمة في عملية إنضاج البيض.
وبهذه الحقائق التي استخلصها الباحث من بحثه تتضح لنا الأمور التالية:
أولاً: بيت العنكبوت هو أوهن البيوت علي الإطلاق من حيث بنائه ودقة خيوطه التي لا تقي حراً ولا قراً ولا تدفع عن ساكنه عدواً كما قال أهل التأويل رحمهم الله.
ثانياً: على الرغم من أن بيت العنكبوت هو أوهن البيوت على الإطلاق، إلا أنه لا يعدو كونه فخاً وشركاً منصوباً لأية حشرة تقترب منه أو تمرُّ عليه.
ثالثاً: لا يقتصر وهن بيت العنكبوت على الوهن الحسي الطاهر في بنائه فقط، بل إن هناك وهناً معنوياً آخر، حيث بدا هذا البيت لذكر العنكبوت أماناً كاذباً وقد كان مصرعه حيث ظن هذا الأمان.
وإذا أردنا أن نقف علي وجه الشبه كاملاً بين بيت العنكبوت وطائفة ممن اتخذوا من دون الله أولياء، فلن نجد أجلى وأظهر من طائفة عباد الأموات الذين اتخذوا من دون الله أولياء يستنصرون بهم ويذبحون لهم وينذرون لهم ويستغيثون بهم من دون الله عز وجل.
منقووووووووووووووووووووول