( أم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة
رضى الله عنها )
هى حليمة بنت عبدالله بن الحارث بن شجنة بن جابر بن رزام بن ناصرة بن سعد بن بكر بن هوازن وقيل إن أسم أبيها الحارث بن عبدالله بن شجنة ويكنى أبوها عبدالله بابى ذؤيب .
قدمت السيدة حليمة رضى الله عنها إلى مكة مع بعض نساء بنى سعد من المرضعات لتحظى بطفل ترضعه نظير أجر تتقاضاه كما هى العادة فى ذلك فى بعض السنين التى فيها شدة وقحط وكانت النساء تبحثن عن الأطفال الذين يدفع آباؤهم للمرضع ما يناسبه من المعروف أو الآجر فلما وجدن هذا الطفل اليتيم " سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم " يُعرض عليهن أعرضن عنه فلم تأخذه واحدة من المرضعات وكن يقلن :
ما داعى أن تصنع إلينا أمه ؟
إنما نرجو المعروف من أب الولد ..
وأقبلت المرضعات على الآطفال الآخرين وأخذت كل واحدة منهن طفلاً رضيعاً ما عدا السيدة حليمة رضى الله عنها فلم تجد لها طفلاً تأخذه لترضعه غير هذا اليتيم فتحدثت مع زوجها " عبدالله أو الحارث " وقالت له :
والله إنى لأكره أن أرجع من بين صواحبى ليس معى رضيع وقالت :
لآنطلقن غلى هذا الطفل اليتيم فللأخذنه فوافقها زوجها على ما رات فأخذته صلى الله عليه وسلم وقد حدثت إرهاصات تبشر بأن هذا الطفل مبارك فقد كان مع السيدة حليمة أبنها من زوجها وكان طفلاً لا يكف عن البكاء من الجوع لأن لبنها كان قليلاً فلم يكن فى ثدييها ما يكفيه فلما أخذت المصطفى عليه الصلاة والسلام دّر اللبن الغزير فى ثدييها بحيث رضع عليه الصلاة والسلام حتى شبع ورضع طفلها من زوجها كذلك حتى روىّ ولم ينفذ لبنها .
وكان مع زوج السيدة حليمة ناقة مسنة لا لبن فيها ( شارف ) فإذا بها تدّر اللبن وضرعها حافل فحلب زوجها وشرب وشربت السيدة حليمة رضى الله عنها حتى رويت وكان مع السيدة حليمة وزوجها أيضاً آتان " أنثى الحمار " قمراء ( أى بيضاء فى كدرة ) وكانت ضعيفة هزيلة سبقتها ركائب النسوة
اللاتى كن معها بحيث وصلن قبلها وأخذن الأطفال قبلها ولم تتمكن السيدة حليمة رضى الله عنها من اللحاق بهن ووصلت بعد وصولهن مكة من بلادها فى ديار بنى سعد ولم تجد باقياً من الأطفال غير هذا اليتيم صلى الله عليه وسلم وحينما عادت به دبت روح القوة والنشاط فى الآتان والناقة وقويتا على السير وتمكنت بذلك السيدة حليمة رضى الله عنها وزوجها من سبق صائر المراضع فى حال العودة والرواح كل هذا لفت نظر زوجها فقال لها :
يا حليمة والله إنى لأراك أخذتِ نسمة مباركة
والدليل هو ما يلحظ من هذه البركات التى حدثت لها ولركوبتها ولطفلها الذى نام بعد أن شبع من الغذاء بلبنها وما حدث لها وزوجها من البركات والخير وكان وجوده صلى الله عليه وسلم معها مصدر كثرة الخير والرزق والسعادة وقيل كانت المراعى فى أراضى بنى سعد مجدبة فى هذا الوقت فأمرع مرعى السيدة حليمة رضى الله عنها ووجدت غنمها وزوجها ما كفاها من الطعام والشراب وكانت تذهب إلى المراعى خماصاً وتعود بطاناً إلى غير ذلك من البركات والأدلة على النعم الكثيرة التى عمت هذه الأسرة ببركة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد كبره يرعى أمه من الرضاعة ويجلها بما لها عليه من حق الإرضاع والعناية به فعن أبى الطفيل رضى الله عنه قال :
إن النبى صلى الله عليه وسلم كان بالجعرانة يقسم لحماً فأقبلت إمرأة بدوية فلما دنت من النبى صلى الله عليه وسلم بسط لها رداءه فجلست عليه فقلت :
من هذه ؟
قالوا :
أمه التى أرضعته .
وكانت السيدة حليمة رضى الله عنها من أشرف العرب وكرائمهم وتعد مختارة من الله تعالى لإرضاع أشرف الخلق صلى الله عليه وسلم رحمها الله ورضى عنها .
منقول