الجهاد الإلكتروني .. والحرب الجديدة ضد (إسرائيل) !!
بقلم: غازي حمد
تلك بالفعل هزيمة إضافية ونوعية لـ(إسرائيل)!! صحيح أنها معركة لم تجرح جنديًا
ولم تختطف مستوطنًا، ولم تدمر دبابة، لكنها انتزعت أحشاء (إسرائيل) وشوشت
قدرتها الذهنية والعقلية .
إنها نوع من المعارك "الطريفة " ذات النكهة المميزة. صحيح أنها حرب "باردة "
لكنها تلسع المحتلين وتشعرهم بضعفهم وعزلتهم, وتشجع من باعدت به الأقطار
والحدود الجغرافية من ألبانيا وحتى أندونيسيا أن يساهم بالحرب على الاحتلال .
لم تعد عمليات الحرب الإلكترونية مجرد عمليات عشوائية تتم بدافع الفضول، بل
أصبحت عملية مخططة ومتخصصة، تعتمد على أحدث الوسائل والبرامج للدخول إلى
الأنظمة الإلكترونية وسرقة محتوياتها، مثلما حدث في الولايات المتحدة عندما تعطلت
أجهزة الكمبيوتر بمكتب وزير الدفاع الأمريكي.
الأعوام القادمة ستشهد مزيدًا من عمليات القرصنة الإلكترونية التي تمهد لاشتعال
سباق حربي إلكترونية حول: من يتزعم هذا المجال ومن يكون الرائد فيه، وكل
المعطيات تشير إلى بداية حرب باردة إلكترونية بين الولايات المتحدة والصين، بل إن
وزير الدفاع الأمريكي قد صرح بضرورة تفادي «حرب عبر الإنترنت» بين الصين
وأمريكا!
(إسرائيل) تخضع لحرب من نوع جديد, حرب من الصعب أن تقف أمامها رغم تفوقها
الإلكتروني على أغلب دول منطقة الشرق الأوسط.. حرب تمثل إضافة نوعية لنوعية
الحرب التي تعري الاحتلال وتكشف سوأته وتزيل القناع عن وجهه القبيح. هناك حرب
الصواريخ، وحرب المقاومة الشعبية، وحرب الملاحقة القانونية، وحرب عزل
(إسرائيل) دوليا من خلال القوافل التضامنية وحرب دبلوماسية ضدها في المحافل
الدولية .
لقد جاس أبطال المقاومة, أولي البأس الإلكتروني الشديد, خلال الديار, وتبروا ما
علوا تتبيرا, وتنقلوا بين مؤسسات الحكومة والجيش والشرطة والموساد وسوق
الأوراق المالية, وتغلغلوا إلى ما بعد الجدار العنصري, وتجاوزوا مناطق الحظر
العسكري, ومروا من أمام الحواجز المنصوبة, والتفوا على كمائن الجيش المنتشرة,
وموهوا على الأقمار الصناعية و"ال***نات", وضربوا (إسرائيل) المسيجة بالأسوار
والجدران والأسلاك الشائكة في الخاصرة !!
هؤلاء أبطال المقاومة الإلكترونية كتبوا اسم فلسطين والقدس وغزة والعيساوي على
كل شارع وبيت ومؤسسة حكومية.. لقد دخلت إليهم فلسطين عنوة وبقوة الهاكرز.
إنه إبداع مذهل وعقلية فذة وجهد استثنائي ومعركة منظمة ذات مستوى عال من
التخطيط والتنفيذ .
لقد زحفت جيوش "الهاكرز" وأتتهم من حيث لم يحتسبوا, ووصلت إلى ما لم تصله
الجيوش العربية وضربت ضربتها الكبيرة في الدماغ الإسرائيلي.
نحن اليوم أمام حرب من نوع جديد, أهم معالمها إنها جمعت العرب والعجم
والمسلمين في أول حرب شمولية ضد (إسرائيل).. حرب جمعت الفلسطينيين
والسعوديين والألبان والأندونيسيين والمغاربة والجزائريين والعراقيين ضد دولة
الاحتلال .
إن الشعارات التي اقتحمت المواقع الإلكترونية الإسرائيلية قوية في العبارة والدلالة..
عبارات تقول " إذا كانت لديكم أسلحة فللفلسطينيين عقول إلكترونية فذة.. نحن نسمع
صراخ غزة.. اخرجوا أيها القتلة.. لم يعد لكم مكان على الخارطة ..
والأدهى من ذلك أنك تستطيع أن تسمع القرآن الكريم من موقع الشرطة الإسرائيلية,
وبإمكانك أن تتفرج على صور الأسير العيساوي على موقع الموساد, وأن تتمتع
بصور المقاومين على موقع الشاباك, وأن تتجول بين صور الحرب الأخيرة على غزة
على موقع الحكومة الإسرائيلية .
لم يعد اليوم ما يحول بين هؤلاء الأبطال الضاغطين على ***د الكمبيوتر أن يحولوا
(إسرائيل) إلى " أضحوكة " أو مسخرة, وأن تجعل من هذه الدولة "القوية" نمرا
على ورق!! هذا بفضل الجهود الموحدة, فكيف لو كانت الفصائل موحدة, وكيف لو
كانت الجيوش العربية موحدة ؟؟؟
لم تعد (إسرائيل) اليوم مؤمنة أو محصنة, فلا هي قادرة على حماية نفسها من
الصواريخ بالقبة الحديدية.. ولا على تحصين نفسها من قوة الإعلام الفلسطيني الذي
كشف عورتها وهمجيتها, ولم يعد بإمكانها أن تحمي مواقعها العسكرية والأمنية من
"الجهاد" الإلكتروني.. ولم تستطع أيضا أن تتصدى للمقاومة الشعبية في بلعين وباب
الشمس.. ولم تتحمل غصة تأييد 130 دولة وقفت تصوت لفلسطين في الأمم المتحدة .
رغم جرائمها وضحاياها الكثيرة فإنها دائما تخسر!! إنها سنة الله التي كتبها في قرآنه
" وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب ".. إنه
بسبب كذبها وفجورها وعتوها وبما كسبت أيديها !!
صحيح أن (إسرائيل) اغتالت المئات منا بالصواريخ المبرمجة إلكترونيا، ودكت بيوتنا
بالقنابل الموجهة إلكترونيا, وهي من الدول المتطورة جدا في مجال الصناعات
الإلكترونية, لكن هذا لم يمنع من اختراق "قبتها" الإلكترونية وتشويش عملها وإبقاء
جيشها ومؤسستها الأمنية في حالة ذهول وارتباك .
لم تعد (إسرائيل) "البعبع "الذي يزرع الخوف فينا ولا في أمتنا.. وصار بإمكان طفل
صغير (مثل فارس عودة) أن يقف أمام دبابة الميركافاة الضخمة.. وبإمكان الأسير
العيساوي أن يصمد أمام جبروت السجان.. وبإمكان غزة أن تتحمل ضربات الإف 16
المزلزلة وترد عليها. لم يعد هناك ما يحمي هذه الدولة المارقة من فتى في جاكرتا أو
فتاة في المغرب أو شيخ في كوسوفا ..
إن هؤلاء الذين حرموا متعة ونعمة المقاومة والتصدي للاحتلال بسبب البعد الجغرافي
لم يستسلموا , وباتوا ينقبون في الأرض ويحفرون في الصخر ليكونوا إلى جانب
أبناء فلسطين .
يقولون إنه "جهد متواضع " لكن نحن نقول لهم إنه عمل عظيم.. عمل أسطوري أن
تنقشوا اسم فلسطين على مساحات لم نستطع الوصول اليها. إذا كانت الصواريخ قد
ضربت أطناب تل أبيب وعسقلان فأنتم أطلقتم صواريخكم الإلكترونية لتدمر مقار الكذب
والتضليل والإفساد والتحريض .
نحن بحاجة إلى أن نواجه هذا الاحتلال بكل أوراق القوة. من الغباء أن نقول إن هناك
ورقة واحدة فقط. هناك الكثير من الخيارات والوسائل التي تدعم حقنا في حريتنا
واستقلالنا وتضعف عدونا وتظهره ضعيفا هزيلا صاغرا. لا ينبغي التقليل من وسيلة
مهما صغرت, فالبعوضة تدمي مقلة الأسد , ومعظم النار من مستصغر الشرر .
ما أجمل أن يصطف خلفنا عشرات الآلاف من جنود المقاومة الإلكترونية يضجون
باسم فلسطين وينشرون صورة القدس ومعالمها في كل مكان .
قبل عدة أشهر نجح مواطن سعودي في التاسعة عشرة من عمره يسمي نفسه
oxomar من اختراق مواقع إلكترونية تخصّ أفراداً ومصارف، والحصول على
معلومات تتعلق بعشرات آلاف بطاقات الائتمان العائدة لـ”إسرائيليين”، وقام بنشرها
على الملأ ما يمكّن أي شخص من شراء ما يريد على الإنترنت باستخدام تلك
البطاقات .
كما كشفت صحيفة “يديعوت أحرنوت” (17/1/2012) أن الشاب السعودي
المذكور حاول اختراق مواقع إلكترونية “إسرائيلية” حساسة، بما في ذلك مواقع عدة
لبنى تحتية ووزارات وإدارات حكومية. أضافت الصحيفة أن الشاب أكد أنه قام بذلك
انتقاماً من (إسرائيل) على أعمال القتل والاعتداء على الفلسطينيين، وأن حرب غزة
2008-2009 كانت محفّزة له ليقوم بما قام به، إلى جانب تاريخ (إسرائيل)
“الحافل بالإبادات الجماعية، وأن نهاية “إسرائيل” قريبة وأريد أن أبدأ بإنهائها في
عالم الإنترنت” .
تحية لهؤلاء أبطال الجهاد الإلكتروني ..
سؤال ساذج قفز إلى ذهني: هل يمكن هزيمة الانقسام بضربة إلكترونية؟ وهل يمكن
شن هجوم المصالحة الإلكترونية وعمل اختراق في حالة الجمود القائمة؟؟
المصدر: موقع كتائب الشهيد عز الدين القسام