الوطن هو مكان إقامة الإنسان ومقره الذي إليه انتماؤه وُلد به أم لم يولد، فحب الوطن والتوجّه في المشاعر إليه شيء فطريٌّ ليس لنا فيه يد، كيف لا وفيه يجد الإنسان الألفة ويشعر بالراحة، وتتشبع فيه الحواس أمناً واطمئناناً، ويشتعل الفؤاد أملاً عند لقياه، فقد جُبلنا من ترابه فتوحدنا معه في الشعور؛ يؤلمنا ألمه ويبهجنا فرحه ونشعر بالفخر لرفعته، إنّه الوطن الذي سكَننا قبل أن نسكنه.
شعر عن الوطن قصير
في شوارع الوطن كبرنا وترعرعنا وفي مروجه صدحت ضحكات طفولتنا فبقيت شاهدة على جميل الذكريات، وفيه تذوقنا نكهة الفصول جميعها فرقصنا ببراءة تحت حبات المطر القادمة إلى هذه البقعة لتحييها شتاءً، واستنشقنا رائحة الأرض المبتلَّة وكأنها عنبر، وفيه تمايلنا بين زهور الربيع النضرة العابقة برائحة الطبيعة وصنعنا منها أكاليل عزٍ وفخار، وفي الصيف عايشنا مع الأحباء ليالي السمر بنسماتها التي تنعش الروح، قبل أن نلملم أحلامنا الملونة بألوان أوراق شجر الخريف ونخبأها استعداداً لموسم شتاء يبعث الحياة فينا من جديد، ففي وطني الأحلام لا تموت والعهود لا تُخان والطرق لا تُهجر مهما طال البعد، فالخير باق في أهله تجمعهم الأعياد والمناسبات وليالي السمر التي يتبادلون فيها أحاديث الغربة والطفولة والذكريات التي تنعشها رائحة الهيل في أكواب القهوة الساخنة ويذكيها حب الوطن.