يقول الإمام المازريّ رحمه الله: إنّ حقيقة الأحلام والرؤى في مذهب أهل السنّة والجماعة، أنّ الله تعالى يخلق في قلب النائم مجموعةً من الأفكار، كما هو حال اليقظان، أمّا عن الفرق بين الرؤى والأحلام، يقول الإمام ابن الجوزي: إنّ الرؤى والأحلام تأتي بمعنى واحدٍ، لكنَّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- عبّر عن الخير في الرؤيا، وعن الشر في الحلم، وللرؤيا عدّة أنواعٍ، وهي: الرؤيا الحسنة التي يراها المسلم في نومه، أو أن تكون بشارةٌ يرسلها الله تعالى لمن يراها أو للمرئيّ له، وقد تكون من الشيطان؛ لإشعار المسلم بالهم والحزن، وقد يرى الإنسان في نومه أموراً تشغل فكره وتلازمه طوال الوقت، وغالباً ما يقوم علماء النفس بتفسير الأحلام بالاعتماد على أنّها نوعٌ من حديث النفس، يقول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ( الرؤيا من اللهِ، والحُلمُ من الشيطانِ، فإذا حلَم أحدُكم حلمًا يكرهُه فلْينفُثْ عن يسارِه ثلاثًا، ولْيتعوَّذْ باللهِ من شرِّها)،[٣] أضاف النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- الرؤيا الحسنة إلى الله تعالى، وعلى من يراها أن يحمد الله تعالى، ولا يحدث بها إلّا من يحبّهم، أمّا الحلم فقام بإضافته إلى الشيطان؛ لأنّ الشيطان يسعى إلى إصابة الإنسان بالضرر والحزن، وقد أمر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بالتفل عن جهة اليسار عند رؤية ما يُحزن الإنسان في نومه؛ لإبعاد الشيطان وإبطال كيده، مع التحوّل إلى الجهة الأخرى؛ للتفاؤل بتغيّر الحال إلى الأفضل، ولا يُحدّث الناس بها إذا أصبح، وللوقاية من الأحلام المكروهة يجب الحرص على مجموعةٍ من الأُمور؛ كالوضوء قبل النوم، وقراءة آية الكرسي مع أواخر سورة البقرة،[٤] وقد أخبرت السيّدة عائشة -رضي الله عنها- أنّ أوّل ما بدء به النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- من وحي النبوّة كان: الرؤيا الصالحة، ويذكر السعدي أنّ تفسير الرؤى من العلوم الشرعيّة التي يثاب الإنسان على تعلّمها وتعليمها للناس بالشكل الصحيح، كما ويصنّف هذا العلم بأنّه أحد أقسام الفتوى؛ لقول الله تعالى: (يا أَيُّهَا المَلَأُ أَفتوني في رُؤيايَ إِن كُنتُم لِلرُّؤيا تَعبُرونَ)،[٥] أمّا من يقوم بتفسير الأحلام، فعليه أن يبحر في هذا العلم دراسةً وتعلّماً، وأن يكون على قدرٍ كبير من الأمانة والدين، وكلّما صدق الرائي في رؤياه، كان تعبيرها أصحّ، بخلاف علم التنجيم الذي يتساوى فيه الصادق والكاذب؛ لأنّه كالسحر، يقوى ويشتد تأثيره بالابتعاد عن الله تعالى، ويُستحبّ العمل بالرؤيا إن كان فيها حضٌّ على فعل الطاعة، ويستقي المفسّر للرؤى والأحلام القدرة على التفسير من القرآن الكريم، فإن عزّ عليه إخراجها منه، انتقل إلى السنّة النبويّة؛ لأنّ فيها تفصيلٌ وبيانٌ للقرآن الكريم، فإن لم يجد أقبل على الأمثال السائرة بين الناس وتعبير الأسماء والمعاني بما يتوافق مع عادات الناس.