في مكان ما خلف الستائر... وتحت ظلال الغرابة والنوادر.. التقى العقل بالعاطفة وهي تتراقص بسرور وتهتز من الحبور
فقال لها العقل في غرور:
أنت أيتها العاطفة العمياء.. كلك غرور وبهاء.. تغرين الناس وتخدعين الأحياء.. لا يتبعك إلى صغار العقول والنساء..
العاطفة: ها.. يا لك من جاهل.. وعن محاسني غافل.. أتراك عني الآن سائل؟.. أنا الحب والحنان.. أنا الوفاء والوجدان.. أنا الروح للنسوان.. أنا شمعة البيان.. أنا الحياة للإنسان..
العقل: إنك تجهلين عني الكثير.. لم تفلحي إلا في الكلام والتعبير.. أنا صانع الأشياء.. ومدبر شؤون الأحياء.. بدوني لا يبقى في الكون ضياء.. فأنا العقل وغيري هباء..
العاطفة: آآآآه.. إنني لا أحب أمثالك من المجادلين.. وأكره حوارات السياسيين.. أحب السكن في نفوس المحبين.. وأهوى العيش في قلوب العاشقين.. أنا أطير في قلب الأم الحنون.. وأسبح في حنايا كل ذي شجون.. أتنقل بين الأوراق والسطور.. لأسطر عبارات تحملها أجنحة الطيور.. أنا العاطفة من دوني يموت الحبور.
العقل: دعيني من هذه المشاعر الجوفاء.. والعواطف العمياء.. أحب الأمور السياسية.. وأعشق المسائل الرياضية.. أحسب الأمور الفلكية.. ولا أنسى الرسوم الهندسية..
العاطفة: ماذا؟ أتحب هذه الفنون؟؟.. آآآه سأصاب بالجنون.. ربما لن أقنعك لو مرت سنون..
العقل: عزيزتي.. أنا لا يتبعني إلا العقلاء.. ولا يملكني إلا العظماء.. أما أنت فأسيرة أي إنسان.. غني أو فقير كان.. وإني أريد أن أقول........
العاطفة: آآآه... علمت ما ستقول.. باتحادنا تعيش الأبدان.. ويهنأ الإنسان.. سأذهب عزيزي إلى عالمي الهتان.. وانصرف أنت إلى عالمك الملآن..
العقل: ها ها.. أعترف لك بكل ما قلته وما كان.. كم سعدت بحديثك فهو حديث الأشجان.. لا تنسي لقاءنا لقاء الزمان.. فكلانا من إبداع المنان..
العاطفة: سلام ورحمة من الرحمن .. أنا وأنت سنبقى لخدمة الإنسان.. وسنحيى بحب وعطاء وإحسان..
ويعود الزمان.. إلى الحقيقة والبيان... ويمسك العقل بيد العاطفة وإلى الخير يسيران...