إن أغلب النّاس النّاجحين في حياتهم يكونون قادرين على التّأثير في مجتمعاتهم ، فثمار عمل النّاجح يلمس آثارها المجتمع في واقعه و حياته ، فحين يخترع مخترعٌ أداةً نافعةً لمجتمعه ، فإنّ النّاس يتأثّرون بإنجازاته و يقدّرون شخصيّته ، و قد رأينا في تاريخنا الإسلاميّ شخصياتٍ كثيرةٍ استطاعت أن تأثّر في مجتمعها ، فسيّدنا عمر بن الخطّاب رضي الله عنه كان من الشّخصيّات المؤثّرة في التّاريخ الإسلاميّ لما كان يتمتّع به من صفات القيادة و الزّعامة ، كما ساهمت قوّته في الحقّ و إرجاعه الحقوق إلى أصحابها و رفع الظّلم عن المستضعفين في جعله من أهمّ الخلفاء المسلمين بعد أبو بكر الصّديق رضي الله عنه ، فسيّدنا عمر بن الخطّاب امتلك هيبةً و زعامةً جعلت النّاس ينقادون إليه و يطيعونه بكلّ قناعةٍ لما وجدوا فيه من صفات القيادة و القوّة و النّزاهة ، فالإنسان يؤثّر في مجتمعه حينما يكون قدوةً في عمله و قوله ، و يؤثّر في مجتمعه حين ينفعه و يصلح حاله .
و إنّ التّميز في أي مجالٍ من مجالات الحياة يجعل الإنسان مؤثّراً نافعاً لمجتمعه ، لذلك رأينا من تميّز في مجال الطبّ من العلماء كابن سينا قد أثّروا تأثيراً كبيراً في مجتمعهم ، و نظرت إليهم المجتمعات نظرة احترامٍ و توقيرٍ لما قدموه من انجازات ، و إنّ كتاب القانون في الطبّ لابن سينا ظلّ يدرّس في مدارس الغرب لفتراتٍ طويلةٍ ، كما تميّز عدد من العلماء في مجالاتٍ أخرى مثل مجال جمع الحديث الشّريف كالإمام البخاري و الإمام مسلم ، فقد أحدثوا تأثيراً كبيراً في الأمّة الإسلاميّة لما قدّموه من إنجازٍ كبيرٍ في جمع الحديث الشريف و الاعتناء به ، و تصنيف الأحاديث الصّحيحة و الضّعيفة ، و قد وصل علمهم و كتبهم إلى وقتنا الحاضر و بقيت مكانتها و قيمتها و نفعها للمسلمين .
فلكي يكون الإنسان مؤثّراً نافعاً في مجتمعه ، عليه أن يكون متميّزاً ، قادراً على إحداث التّغيير في مجتمعه ، فكثيرٌ من قادة الثّورات و منظّريها كانت عندهم سمات القيادة ، كما كانوا يتحلّون بالصّفات التي تؤهّلهم لقيادة مجتمعاتهم و السّير بها في دروب النّصر و الفلاح .
منقول