استعلاء مفضوح وتزوير للحقائق والتاريخ والجغرافيا:
سموم الإعلام المصري تمتد إلى الجزائر
لا يكاد يختلف "الإعلام الانقلابي" عن سابقه إعلام "آل مبارك"، فنفس الإعلاميين
والفنانين الذين أشعلوها فتنة بين الجزائر ومصر، بل بين الشعبين، على خلفية مباراة
كرة قدم، كرروها مرة أخرى مع الشعب المصري ذاته، حيث قسّموا الشعب الواحد
بمغالطاتهم وأكاذيبهم.
رغم إنكار السفير المصري بالجزائر، لتصريحاته التي اعتبرت مسيئة للجزائر، إثر ندوة
صحفية قال خلالها إنّ مصر ليست الجزائر ولا الجزائر هي مصر والمصريون سلميون
ولن يسمحوا بتكرار السيناريو الجزائري في التسعينيات، ما فهم آنذاك أنّه إشارة غير
مباشرة إلى أنّ الشعب الجزائري عكس المصري يجنح نحو العنف والانحراف، إلاّ أنّ
الإعلام المصري، بشقيه العمومي والخاص، يتعامل بهذه الطريقة لدى فتح نقاشات حول
إمكانية تكرار التجربة الجزائرية بمصر، والتي أضحت حديث العام والخاص منذ الانقلاب
العسكري الذي قادته قيادات المؤسسة العسكرية ضد أول رئيس منتخب في تاريخ
جمهورية مصر، الدكتور محمد مرسي.
لا يكاد يختلف "الإعلام الانقلابي" عن سابقه إعلام "آل مبارك"، فنفس الإعلاميين
والفنانين الذين أشعلوها فتنة بين الجزائر ومصر، بل بين الشعبين، على خلفية مباراة
كرة قدم، كرروها مرة أخرى مع الشعب المصري ذاته، حيث قسّموا الشعب الواحد
بمغالطاتهم وأكاذيبهم وألفاظهم التي لا تمت بصلة للإعلام المهني ولا لِمَا سمي ويسمى
بمصر "ميثاق الشرف الإعلامي"، ولم يجد هؤلاء الذين يسمّون "إعلاميون" حرجا في
أن يظهروا على عشرات الشاشات كطرف مباشر وفاعل في الأحداث التي تقسم
المصريين بشدة، مثلما قسّمت الشعبين الجزائري والمصري في السابق، فنفس الكلمات
التي هاجموا بها شعب المليون ونصف مليون شهيد، تكررت ولكن هذه المرة هجوما
على مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي، الذي أدى عزله إلى حديث واسع وجدل كبير
بمصر وغير مصر عن إمكانية وقوع سيناريو مماثل للذي وقع بالجزائر بداية
التسعينيات، لكن المعالجة الإعلامية لهذا الملف، كانت بعكس المتوقع، فبدل أن يسارع
من يوصف بـ "المثقف" و"الإعلامي" و"النخبوي" و"الفنان" و"الكاتب" و"الصحفي"
إلى الاتعاظ من تجربة الجزائر المريرة ومحاولة استخلاص الدروس لتجنب الوقوع في
نفس الخطأ، ينتهج الخطاب الإعلامي الذي تديره أسماء توصف بـ "الثقيلة" إعلاميا من
حيث الشهرة و"الساقطة" أخلاقيا ومهنيا، و"مناضلين" و"عسكريين" و"انقلابيين" فى
استوديوهات التليفزيون وعلى صفحات الجرائد، سياسة الاستعلاء وربما الاستعداء في
نفس الوقت، فيتلاعب بالتاريخ والجغرافيا معا، مثلما تلاعب أمام الرأي العام المصري
ببث مظاهرات سابقة بميادين القاهرة على أنّها صور حية لمظاهرات ضد الرئيس
مرسي.
ماذا تنتظر من "إعلاميين" و"إعلام" ينظر لشركاء الوطن الواحد المختلفين معه على
أنّهم كتل إرهابية، سوى أن يتعامل بنفس الطريقة أو بأكثر مع شعب آخر وإن كان
شقيقا، ويكيل له التهم ويسيء له بصفات "دنيئة"، بمجرد أن يتم ذكره ضمن إطار
مختلف لتصور هذا الإعلام الذي ينظر بنظرة التفاؤل لكل ما يخص مستقبل مصر
"الانقلاب العسكري"، بنفس الطريقة التي كان ينظر بها لمصر "مبارك" و"جمال
مبارك".
فلا شكّ أنّ الجزائر عانت من حرب أهلية دامت عشرية كاملة، ونفس الخطر يحدق اليوم
بمصر "الشقيقة" بعد مصادرة الإرادة الشعبية وشرعية الصندوق والثورة معا، لكن
الخطر ليس واردا لدى الكثير من "إعلاميي" مصر الذين يصوّرون الانقلاب العسكري
""ثورة" والدكتاتورية العسكرية "ديمقراطية مدنية"، وخطر تكرار "السيناريو
الجزائري" تشبيها ليس في محله، ففي نظرهم، مصر الحضارة والثقافة والنيل ليست
جزائر (.........) بألفاظ لا تسمح المروءة ولا العروبة ولا الإسلام ذكرها.
ويبدو أن المرض قديم ولكنه يأخذ أعراضا متفاوتة من حالة لأخرى، وها هى بعض
الاقتباسات من "إعلام" لميس الحديدي، عمروأديب، توفيق عكاشة، هالة سرحان،
خيري رمضان ووائل الأبراشي وحتى الإعلامي الذي كان ليوم قريب يعتبر "إعلاميا"
محمود سعد، "إحنا الأفضل والأحسن"، "مصر الدولة العربية الوحيدة التى حصلت على
جائزة نوبل"، "مصر الدولة المتحضرة اللى شالت هم كل حد"، "الفن المصرى هو
اللى بيلم كل الناس دى"، "عندنا أهم فنانين وأهم مثقفين"، "إحنا الدور وإحنا
المكانة"، "إحنا كل حاجة وهم ولا حاجة"، "إحنا ناس متحضرين جدا"، "مصر الوحيدة
التى ذكرت فى القرآن فهي محروسة ومحفوظة"، "إحنا مصر، إحنا الحضارة مش عنف
وحروب"، "كل العالم دى ما كانوش بنى آدمين"، "إيه الجزائر دى.. . حتى تشبها
بمصر"، "كل الكبار اللى فى الدول العربية كبار لأننا علمناهم"، "إحنا اللى حاربنا
إسرائيل وانتصرنا عليها .. الحاصل ده سحابة وتزول". "مصر ستظل أم الدنيا وقائدة
العرب رغم أنف الجميع ومين اللى قال لك إن مصر ستدخل حرب أهلية مثل الجزاير"،
" الحرب الأهلية وسيناريو الجزائر، تخويف من الاخوان فقط، نحنا مصر مش الجزائر
يا أبناء (...)".
صحيفة البلاد
الكاتب : نسيم عبدالوهاب
آخر تحديث : 21:30 | 2013-07-15