الوطن هو الدفء الذي ينعم به كلّ مواطن، والعائلة الآمنة لكلّ من سكن فيه، والمكان الذي يجتمع فيه الناس من كافة الفئات ومختلف الأعمار ليعيشوا مع بعضهم في جو يملؤه التعاون والمودّة، فيأكلوا من ثمراته وينتفعون من خيراته، فالوطن هو المكان الذي ننتمي إليه ونترعرع على أرضه الخضراء وتحت سمائه الصافية، ونتنفّس من هوائه النقيّ، ونحتمي في أحضانه وطبيعته اليانعة المُفعمة بالحُسن والبهاء.
انشوده عن الوطن
وطننا، كم هو جميلٌ بليله ونهاره! بأنهاره وأشجاره وجباله وحدائقه وأماكنه الخلّابة! هذا الوطن الذي يتجمّل أيضًا بطيبة أهله وساكنيه، ويحلو به السهر في ليالي الصيف مع الأهل والأصدقاء، ويجمعهم حول الدفء في ليالي الشتاء، فيفتح ذراعيه لكلّ قريب وبعيد عاد إليه بعد اغتراب، فحبّ الوطن فطرة في أعماقنا لا يدركها حقاً إلا من غاب عنه وأضناه الحنين، فعاد ليقبّل ترابه ويتنفس هواءه وينعم في خيراته العديدة.
وقد حثّ ديننا الكريم على حبّ الوطن والوفاء له، وتقديم العطاء غير المشروط له، فهذا رسولنا وقدوتنا الحبيب -صلّى الله عليه وسلّم- يقول برواية عن ابن عباس يصف فيها حبّه لمكة المكرمةما أَطْيَبَكِ من بلدٍ، وأَحَبَّكِ إليَّ، ولولا أن قومي أَخْرَجُونِي منكِ ما سَكَنْتُ غيرَكِ) [حديث حسن]، وهذا نبي الله ابراهيم يدعو الله بأن يحفظ بلده آمنا مستقراً، وأن يبارك في خيره ورزقه من شدّة حبه له في الآية الكريمة (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَىٰ عَذَابِ النَّارِ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) [البقرة: آية 126] فحبّ الوطن واجب على أبنائه الأبرار.