facebook twitter rss
v





العودة  

جديد مواضيع منتديات بيت العرب الجزائري


قسم التاريخ الاسلامي


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2016-08-25, 03:56 PM   #1
hakimdima
مشرف الأقسام التعليمية


العضوية رقم : 10954
التسجيل : Jul 2016
العمر : 39
الإقامة : الجزائر
المشاركات : 6,072
بمعدل : 2.00 يوميا
الوظيفة : متعاقد
نقاط التقييم : 10
hakimdima is on a distinguished road
hakimdima غير متواجد حالياً
معلومات الإتصال :
افتراضي النوافير في الأندلس

عمل المهندس العربي في الأندلس على إعطاء البنية المائية رمزًا كونيًا وإعجازًا هندسيًا في نقل الماء من مصادره المختلفة إلى تشكيلات حجرية من برك وأحواض ونوافير بأشكال مختلفة لتحقيق غايات بيئية وجمالية.

وقد أحسن المهندس العربي توظيف عنصر الماء في مختلف نماذج الحدائق والمساجد والقصور والدور والميادين، وقد كانت وظيفة الماء مهمة متعددة الأهداف والغايات، ولا ريب أن الماء يرطب الهواء ويعدل حرارته، وكذلك فإن الماء يقدم بخريره وبوقع قطراته على سطح الماء موسيقى طبيعية تتناغم مع حفيف أوراق النبات.

وأما سطح الماء فيعكس صورًا جميلة من تشكيلات النبات والزخارف النباتية بما حوت من أوراق مختلفة وزهور متنوعة ومسطحات متباينة، ويقدم الماء كثيرًا من التباين تحت ضوء الشمس وتحت الظل، ويهيئ فرصة لزراعة كثير من النباتات المائية، ولا شك أن الماء كان وسيلة الطهارة في عصر العرب المسلمين في الأندلس إذ لا تصح الصلاة بلا وضوء، ولا يتحقق الوضوء إلا من ماء جار، وأن جريان الماء كان شغل المهندس العربي المسلم في شتى أنواع الحدائق والقصور والأماكن المختلفة، فأقام شبكة تصل المصدر المائي بشتى أنواع النوافير التي تتزين بها البرك والأحواض المائية، وكان الماء متدفقًا متجددًا في جميع البرك، أما في الأحواض فكانت سرعة التدفق والتجديد أقل حركة كي تبدوساكنة، وربما كان تبديل الماء داخل الأحواض يتم بسرعة يتساوى فيها التدفق والتصريف كي لا يشعر الإنسان بتبدد الصور المنعكسة على سطوح المسطحات المائية التي تشغل مركزًا تناظريًا في الحديقة الأندلسية.

وتعد النوافير من عناصر الجذب في الحديقة الأندلسية بما تضفيه من سحر وجمال، كما تظهر أهميتها في تلطيف الهواء برذاذ الماء المتطاير منها، وكذلك تظهر جماليتها من الصور الرائعة التي تحدثها أشكال الماء الذي تقذف به من فوهاتها وأصوات تساقط المياه على الأحواض.

وقد عمل العرب في الأندلس على تزويد قصورهم وبيوتهم وحدائقهم ومساجدهم بأنواع مختلفة من النوافير من حيث أشكالها وأحجامها، وحسب المساحات والأماكن التي خصصت لها، وهي جميعها تعتمد أساسيًا على قذف الماء إلى الأعلى أو في اتجاهات مختلفة.

نماذج وأشكال النوافير الأندلسية:
اختلف نموذج النافورة في الأندلس داخل القصور أو الحدائق أوالبيوت أو المساجد وخارجها بسبب المصدر المائي وغزارته، ويمكن أن يكون سبب الاختلاف ليس في الشكل وإنما في طريقة الصنع أيضًا.

واختلفت النوافير الأندلسية اختلافًا كبيرًا من حيث شكل وشدة اندفاع الماء وعدد فتحات خروجه وزوايا الخروج، وبالتالي شكل وارتفاع الماء المندفع، وتبعًا لذلك كانت النافورات الأندلسية عامودية وكروية ومخروطية وهرمية، كما كانت بسيطة ومتعددة، فكانت المتعددة إما مكونة لتكوين واحد متكامل، أو موزعة لتكون حزامًا أو إطارًا أو لتؤدي أدوارًا متعددة تضيف جمالًا وروعةً.

ولقد شكلت النوافير مركزًا تناظريًا في الحديقة الأندلسية، وقد يتعدد ذلك المركز في فناء الحديقة أوالقصر وخارجه، ويمكن أن نورد نماذج مختلفة من النوافير كانت شائعة في الأندلس.

- نموذج بركة منفردة ذات نافورة مرتفعة أو قليلة الارتفاع.

- نموذج برك منفصلة ذات نوافير مرتفعة.

- نموذج بركة ذات طابق محاطة بنوافير حجرية على شكل حيوان تصب المياه في ميزاب دائري يتفرع منه قناة تتصل ببرك سطحية ذات نوافير صغيرة قليلة الارتفاع.

- نموذج بركة سطحية منفردة ذات نوافير مركزية وجانبية تصب فيها.

- نماذج من برك منفردة ذات نوافير بطابقين.

- نموذج أحواض مائية مزودة بنوافير جانبية تفصلها بركة صغيرة مزودة بنافورة قليلة الارتفاع.

- نموذج أحواض مائية متجاورة مزودة بنوافير جانبية تتوسطها نافورة بركة ذات طابق واحد.

- نموذج حوض مائي متصل ببركة سطحية ذات نافورة قليلة الارتفاع.

- نموذج حوض مائي منفرد مزود بنوافير على شكل سباع حجرية مشوهة الوجه تمج المياه من أفواهها.

- نموذج حوض مائي مستطيل الشكل مزود بنوافير جانبية تقذف المياه على شكل أقواس.

- نموذج حوض مائي مربع الشكل مزود بنوافير جانبية تقذف المياه على شكل منخفض إلى وسط الحوض.

- نموذج بركة جدارية ذات نافورة تصب في حوض مائي.

- نماذج مختلفة من النوافير المركبة في أفواه تماثيل وأشكال مختلفة من التزيينات والزخارف.

وتقتصر النماذج المختلفة ذات الماء المتدفق من خلال النوافير مختلفة الشكل والعدد، إذ يساهم الماء المتناثر في ترطيب الهواء أورفع رطوبته أولًا، ثم إلى امتصاص الحرارة الحساسة ثانيًا، ثم خلق مناظر جذابة ثالثًا.

ومن أهم الأشكال الهندسية للنوافير التي صممها العرب في الأندلس -مع مراعاة أنها كانت تتوافق مع أشكال أحواضها- يمكن ذكر: النوافير المستطيلة، والنوافير المربعة، والنوافير المضلعة كالخماسية والسداسية والثمانية، والنوافير الدائرية، والنوافير المفصصة، وقد تكون النافورة بطبقة واحدة أوعدة طبقات يزداد حجمها تدريجيًا نحوالأسفل.

ولقد اختلف أشكال النوافير الأندلسية باختلاف أماكن تواجدها، وكذلك اختلفت هذه النوافير حسب الغاية المرجوة منها، فكانت تتناسب مع مساحة المكان وما يحيط بالنافورة من أشجار ومباني، وقد تم مراعاة الدقة في اختيار المكان المناسب لإنشاء النوافير، بحيث تظهر كجزء أساسي في تنسيق هذه الأماكن.

التصميم الهندسي للنوافير الأندلسية:
صممت النوافير الأندلسية بطرق مختلفة، أبسطها تركيب نافورة للماء في وسط حوض أو بركة تدفع الماء منها فيتساقط ثابتًا في الحوض، وهذه الطريقة كانت شائعة كثيرًا في الأندلس، وقد تثبت هذه النافورة داخل تمثال جميل من الرخام أو الحجر وبأشكال مختلفة من الحيوانات.

وقد روعي في تصميم النوافير الأندلسية الدقة الهندسية في حساب عرض البركة أو الحوض المائي، بأن يكون أكبر قليلًا من ارتفاع جسم النافورة، حتى لا يتعدى ماؤها محيط الحوض أو البركة، وبمعنى أدق علميًا فقد درست العلاقة بين الحوض أو البركة وقوة تدفق الماء من النافورة بحيث توافق العلاقة التالية:

إذ يشير الرمز h : ارتفاع الماء المتدفق.

d: المسافة بين الماء المقذوف من فوهة النافورة وحافة البركة.

وقد استطاع المهندس العربي في الأندلس أن يتوصل إلى معرفة التدفق والضغط وكمية الماء اللازمين لتأمين عمل النوافير المختلفة وملئ المسطحات المائية باستمرار، ويؤمن جريانًا طبيعيًا في هذه المسطحات وتبديلًا مستمر للمياه فيها، كما استطاع المهندس العربي أن يتحكم في الارتفاعات التي يجب أن يكون عليها صهريج التخزين، وفي كمية الماء الواردة وضغطها وذلك عن طريق التحكم في عرض وعمق القناة الناقلة للماء إلى النافورة، وكذلك التحكم في شكل الصمام ومقدار فتحته لما له من تأثير على شكل شعاع الماء وعلى اتفاعه، فكان هناك الصمامات الضيقة التي تدفع شعاعًا ضيقًا، والصمامات الواسعة التي تدفع شعاعًا ثخينًا، ومنها ما هوتحت سطح ماء الحوض حتى يدفع الماء بشكل مخروطي، وغالبًا ماكانت أشعة الماء تتراقص بأشكال متعددة تبعًا لدورات خروجها، فكان يراعى في تصميم اتجاهات الماء أن تتفق مع قوة ضغط مناسبة للماء، ليصل شعاع الماء المقذوف إلى الارتفاع المطلوب.

وقد ينساب الماء من قمة النافورة إلى الأسفل على شكل شلال هادئ، وفي حال توفر المياه بكميات كبيرة تكون الشلالات غزيرة، ولذلك كان يبنى أحواض مائية متراكبة فوق بعضها البعض ومتناقصة حجمًا بالتدريج، وذات نافورة مركزية يتدفق الماء منها وينسكب على الأحواض بشكل شلال.

وقد ينتهي أحد الممرات في الحديقة الأندلسية إلى جدار -خاصة في الأماكن الصغيرة المساحة- ولكي لا يبدو هذا الممر مقفلًا، كان المهندس العربي يلجأ إلى إدخال الماء بصورة جذابة عن طريق تصميم نافورة متصلة ومثبتة بجدار يتناسب شكله مع شكل محراب النافورة، والتي تقذف الماء إلى الأسفل في حوض يستقبله، وغالبًا ما يكون هذا الحوض على شكل نصف دائرة مع مراعاة وجود فتحة لتصريف الماء، وعادة تنحت النافورة بأشكال هندسية تمثل رؤوس بعض الحيوانات يخرج الماء من عيونها أوأفواهها بشكل جذاب.

إذ لجأ المهندس العربي المسلم إلى تحويل بعض أشكال النوافير إلى تماثيل حيوانية كالسباع أو الطيور أو الأسماك مما أعطاها قيمة فنية جمالية أخاذة، مع الأخذ بعين الاعتبار مراعاة نظرة الدين الإسلامي الحنيف لتلك التماثيل، ولذلك كان يجري تشويه وجوه هذه التماثيل وتحويرها.

فمثالًا على ذلك، إن وجود نافورة السباع المزخرفة في قصر الحمراء في مدينة غرناطة على مسافة –ولو بعيدة نسبيًا- كانت تجذب العين والانتباه إليها فلا يشعر الإنسان بالراحة إلا عند الوصول إليها، إذ يتخذ تصميم فناء السباع شكلًا مستطيلًا مكشوفًا أبعاده 38 22 x متر، تحيط به من جهاته الأربع أروقة ذات عقود، تحملها 124 عمود من الرخام الأبيض، صغيرة الحجم متناهية في الجمال والرشاقة، وكأن صانعها الدقيق لم ينتهي منها إلا منذ ساعات، وتتوسط الفناء بركة ونافورة رخامية بلغت شهرتها الآفاق، يبلغ قطرها حوالي 3.5 م، وعمقها 65 سم، ويحمل حوضها المرمري المستدير الضخم اثنا عشر أسدًا نحتت من الرخام الأبيض، ويبلغ ارتفاع كل واحد منها نحو82 سم، وتمج الماء من أفواهها لتصب في أربع قنوات متقاطعة تنساب المياه فيها لتنتهي اثنتان منها بنافورتين رخاميتين صغيرتين داخل القاعتين الواقعتين في شمال وجنوب الفناء، ترطبان الجووتملآن أرجاءهما بنغم خرير الماء، أما القناتان الأخريان فهما أقصر بكثير، وتنتهيان بنافورتين من الرخام في جوار فناء السباع.

وكذلك فإن الدور نفسه الذي لعبته النوافير الحجرية في أن تكون أحد الوجوه التي تنهي منظرًا من المناظر التقليدية، أو المركز رؤيا في الحديقة، وكان الاختيار الأمثل لمكان النوافير الأندلسية أحد العوامل التي جذبت الانتباه إليها باستمرار، ونظرًا لأن النافورة الأندلسية مركزًا طبيعيًا للانتباه، فكانت لا تحتمل المنافسة ولا تقبلها، وعليه فقد تجذب الانتباه نافورة واحدة فقط أوعدة نوافير معًا مكونة تكوينًا مترابطًا أو كاملًا.

وقد سبقت النافورة الأندلسية، النوافير الغربية في هذا المضمار، إذ استخدم العرب النوافير بأشكال متعددة، واختاروها من أجل التكوينات الخاصة بها في حدائقهم. وقد ترى العين الفاحصة الفنانة الكثير من الأشياء، التي تكون مهملة، وتلاحظ بعض العناصر التكوينية الأخرى التي تجلب السرور إلى النفس وتعبر عن شخصية وتصميم الحديقة فتزودها بنقطة تشويق وإثارة وتركيز، من أجل ذلك أخذت النوافير الأندلسية مكانًا تقليديًا في الحديقة العربية الأندلسية.

ولابد من ذكر أن المهندس العربي راعى أن يكون المنظر الخلفي بألوانه ومظهره الخارجي، ومساحات الضوء والظلال، جميعًا جزءًا من تكوين النافورة الحجرية التي قد تقوم بدور مركز التناظر في تصميم المكان، وقد زرعت الأشجار والشجيرات والنباتات القابلة للتشكيل لتقوم بدور المنظر الخلفي والغلاف الذي يحيط بالنوافير الجميلة ذات الألوان الفاتحة، وذات التصميم الهندسي الدقيق، وفي بعض الحالات كانت السماء هي المنظر الخلفي النموذجي لها، ومن الأمثلة على ذلك مجموعات النوافير في جنة العريف في غرناطة.

وكان أفضل ارتفاع للنافورات أن تكون على مستوى نظر الإنسان الرائي، وإذا أريد العمق في المنظر الخلفي وزيادة ظاهرية في ارتفاع النافورة المرئية وكذلك بالسمووالنظر، كان يزداد ارتفاع النافورة بحيث تكون أعلى من مستوى النظر، مما يزيد المنظر الخلفي عمقًا ويسمو بالروح والنفس والعين ليتطلعا إلى السماء.

وفي بعض الأماكن التي لا تسمح بعمل نافورة كبيرة، لجأ المهندس العربي إلى وضع حوض الماء بشكل غاطس تحت سطح الأرض، وعمل على وضع نافورة بوسطه تقذف الماء بارتفاع قليل نسبيًا.
ط§ط¶ط؛ط· ط¹ظ„ظ‰ ط§ظ„طµظˆط±ط© ظ„ط±ط¤ظٹطھظ‡ط§ ط¨ط§ظ„ط­ط¬ظ… ط§ظ„ط·ط¨ظٹط¹ظٹ
وكانت النافورات الأندلسية تبنى من الحجارة والرخام، وبعضها كانت تكسى بطبقة سميكة من الخزف والقاشاني الملون بأشكال مختلفة لزيادة جماليتها، ولعل أكثر الألوان استعمالًا في الأندلس كان اللون الأزرق الفاتح أو خليط من الأزرق والأخضر، وبشكل يتلائم مع لون البركة أوالحوض المحيط بها.

إذًا، فقد أحكم المهندس العربي في الأندلس تصميم النوافير الأندلسية بدقة متناهية، وعبقرية هندسية، فأصبح انبثاق الماء تابعًا لإرادته، إن أراد رفعه لارتفاعات وبأشكال مختلفة، وإن أراد أنزله من علو شاهق في أشكال جذابة رائعة.


hakimdima غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الأندلس, النوافير


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: النوافير في الأندلس
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الشرطة في الأندلس hakimdima قسم التاريخ الاسلامي 0 2016-08-24 02:42 PM
العلاقات السياسية بين الدولة الأموية في الأندلس و دول المغرب hakimdima قسم التاريخ العام 0 2016-08-07 10:26 AM
سقوط الأندلس-فلم وثائقي مسك الختام قسم الأفلام الوثائقية 6 2013-10-16 03:54 PM


الساعة الآن 01:47 AM


Designed & Developed by : kakashi_senpai
Preview on Feedage: %D9%85%D9%86%D8%AA%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A8%D9%8A%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1%D9%8A Add to My Yahoo! Add to Google! Add to AOL! Add to MSN
Subscribe in NewsGator Online Add to Netvibes Subscribe in Pakeflakes Subscribe in Bloglines Add to Alesti RSS Reader
Add to Feedage.com Groups Add to Windows Live iPing-it Add to Feedage RSS Alerts Add To Fwicki

Bookmark and Share

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML