أ.د. امل المخزومي
للتنشئة الاجتماعية دور كبير في تشكيل شخصية الفرد وتبدأ التنشئة الاجتماعية منذ فترة الحمل
وحتى مراحل العمر الاخيرة .
يحتاج الطفل الى الحب والحنان كما يحتاج الكبير الى الحب والحنان ايضا ويطلبه من الاخرين .
هذا الامر اعتيادي . كما يطلب الطفل اثناء تنشئته الحب والحنان اكثر ما يطلبه بالدرجة الاولى
من الام وكلما كبر اتسعت دائرة الاتصال الاجتماعي لديه عندها نجده يطلب الحب والحنان من
الاب ايضا والاخوة والاخوات والاصدقاء والجيران والمعلمين ...الخ .
يختلف تعبير وسلوك فاقدي الحنان باختلاف درجة ذلك الفقدان هناك من يشعر بفقدان الحنان ولكنه
لا يعبر عن ذلك الشعور ويكتمه في داخله واخرون يعبرون عن ذلك بالكلام او السلوك تجده
يلتصق بالاخرين التصاقا يجلب الانتباه ، واخر يسلك سلوك الاطفال بالرغم من انه تعدى مرحلة
الطفولة يطلب التماس واللمس من الاخرين الذين يتعامل معهم وان كان متزوجا فإنه يطلبه من
الزوج او الزوجة وكثير من المشاكل الزوجية يكون مصدرها فقدان هذا الجانب والشعور بان
الطرف الاخر لا يهتم به وكلما أخذ من ذلك الحنان في تلك الفترة كلما اشتكى بان ذلك الحنان
غير كافي . نجد هذه الحالة ايضا لدى كبار السن والمصابين بالاكتئاب الشديد .
يؤدي فقدان الحب والحنان في جميع المراحل الى الاضطرابات النفسية المختلفة هناك من يعوضه
بالقسوة والسلوك العدواني بحيث يعتدي على الحيوانات والنباتات والاشياء وعلى من هو اصغر
منه سنا او من لاحول ولا قوة له ، هناك من ينطوي وينسحب من العلاقات الاجتماعية وممارسة
الحياة بشكل طبيعي ، هناك من يكون متطرفا في سلوكه مع الاخرين كأن يكون قائدا متسلطا لا
رحمة بقلبه يظلم ويحارب ويعتدي والزعماء في العالم كثيرون واهمهم هتلر ، كما نجد اخرون
مصابين باضطراب نفسي يتضمن تعذيب النفس ولومها على اي هفوة تصدر منه ، كذلك نجد من
يتطرف في الدين ويحرم نفسه من ابسط متطلباته ويعلل ذلك بان الدين يتطلب ذلك ويبرر به
سلوكه والدين براء من ذلك لان الدين رحمة وليس نقمة . وهناك من يصاب بمرض الاكتئآب
والوسواس القهري والقلق والتوتر وبشكل واضح ، كما هناك من ينتحر للتخلص من تلك
المعاناة . يتسائل البعض ما هو العلاج لهذه الظاهرة ؟
الجواب على هذا السؤال هو ما يأتي : هؤلاء جميعهم بحاجة لعلاج نفسي وكلما ازدادت الحالة
كلما كان الفرد بحاجة ماسة الى من يساعده وذلك بالتعاون القائم بين البيت والطبيب المعالج لاعادة
الراحة النفسية لمن فقدها بسبب تعطشه للحب والحنان الذي فقده اثناء مراحل الطفولة .
نهيب بالاباء والامهات والمربين ان لا يهملوا هذا الجانب الا وهو الحب والحنان كي ننمي جيلا
قويا ذا شخصية متجانسة من جميع الوجوه .