هذه هي اصل الكلمات الشعبية: جرانة زرودية، تشينة وكلمات اخرى
زرودية، سفنارية، خيزو
للجزر ثلاثة أسماء ذات انتشار واسع في اللهجات المغاربية: الزرودية في الجزائر، السفنّارية أو السنّاريةفي ليبيا وتونس، وخيزّو في المغرب.
ويظهر من شكل كلمة "زرودية" أنها نسبة إلى مكان اسمه زَرُود، حيث كان في جنوب تونس مدينة تحمل هذا الاسم، ذكرها الجغرافي ال الإدريسي في كتابه نزهة المشتاق في اختراق الآفاق في القرن الثاني عشر الميلادي. واقترح الباحث الفرنسي جورج كولان أن الزرودية سميت على مدينة زرود لكثرة الجزر فيها، فذكر أن أهل المنطقة إلى الآن يسمون الجزر "الغلّة" فحسب، وذلك يدل على أنه كان أهم منتوجاتهم الزراعية.
وأما السفنّارية فهو اسم أقدم، نجده حتى في ما تبقّى من اللهجة العربية الأندلسية حيث سمي الاسفنّارية، ويقال أنها من كلمتين باليونانية: σταφυλινη αγρια (سْتَفِليني اغريا) أي الجزر البري. وبالمناسبة "اسفنّارية" هي أصل اسم الجزر بالإسبانيـة zanahoria. وأما خيزّو فلم أجد أصلها. لعلها أخِذت من الأمازيغية، ولكن لا وجود لها في الأمازيغية إلا في المغرب وعلى حدودها، وحرف الخاء نادر في المفردات الأمازيغية الأصيلة.
زاوالي
الفقير المسكين بالدارجة هو الزاوالي، بتفخيم الزاي، كما جاء في الأغنية الشعبية المشهورة "يا الرايح": وعلاش قلبك حزين وعلاش هاكذا كي الزاوالي..." وهي من الكلمات التي جاءتنا من التركية عندما دخلت الجزائر في الخلافة العثمانية، حيث يسمون الفقير المسكين zavallı وبالحروف العربية كما كانت تكتب في الدولة العثمانية زواللو. ولكن من يبحث في قوامس التركية عن أصلها يجد أنها تتكون من -lı أي ياء النسبة و zeval أي الزوال (الذَّهاب والاسْتِحالة والاضْمِحْلال)، وهي كلمة عربية دخلت في التركية!
التشينة
البرتقال بالدارجة هو التْشينة، وبالإسبانية "naranja". غير أن الأصل العكس؛ حيث أخذ الإسبان "naranja" من العرب، وأخذ الجزائريون "تشينة" من الإسبان! كيف ذلك؟
كان أول أنواع البرتقال المعروفة في البحر الأبيض المتوسط نوعا مرا (Citrus aurantium)، وهو ما نسميه بالدارجة "لارنْج". واسمه بالفصحى النارَنْج، وسابقا من الفارسية (نارنگ). ومن العربية انتشرت إلى أكثر لغات أوربا، أحيانا بحذف النون: naranja بالإسبانية، laranja بالبرتغالية، orange بالفرنسية والإنجليزية، arancia بالإيطالية... (الخ)
ولكن في القرن السادس عشر رجعت بواخر البرتغال من الصين بنوع صيني حلو (
Citrus sinensis) لم يعرف في البحر الأبيض المتوسط من قبل، فسموه الإسبان
naranja de China أي برتقال الصين، وتقصيرا china، ولا يزال يسمى البرتقال
china في لهجة بويرتوريكو الأسبانية. ثم دخل الاسم في الجزائر والمغرب مع الفاكهة نفسها. وأما في المشرق أطلقوا عليها اسم الدولة التي جاءت بها (برتغال) وليس اسم منبعها، فسميت البرتقال، ولكثرة استعمال هذه الكلمة في المشرق أصبحت تعتبر كلمة فصيحة، رغم أنها كلمة دخيلة مثل تشينة ودخلت في نفس العصر
العتروس.
العتروس بلهجة الجزائر هو التيس، ذكَر الماعز. وفي أيامنا هذه لا تُستعمل الكلمة إلا في بلدان المغرب (العربي) الكبير. غير أن أصلها موجود في لسان العرب، أحد أكبر قواميس اللغة العربية لابن منظور الذي وضعه في القرن الرابع عشر الميلادي:
"والعَتْر والعِتْر: الذَّكَر.
والعِتْر العَتِيرة، وهي شاة كانوا يذبحونها في رجب لآلهتهم مثل ذِبح وذَبِيحة.
وعَتَرَ الشاةَ والظبية ونحوهما يَعْتِرُها عَتْراً، وهي عَتِيرة: ذَبَحها.
والعِتْر المذبوح."
وأما إضافة الواو والسين فـ "هذا من عندنا!" ولكن نجد مثل ذلك في بعض المفردات الأخرى التي تدل على الحيوانات، وخاصة في اللهجة التونسية حيث يقال "بركوس" و"قطوس".
.الجرانة
بعد أن بدأنا بكلمة ورثناها من أجدادنا العرب، أريد أن أشرح أصل إحدى الكلمات التي ورثناها من أجدادنا الأمازيغ، وهي كلمة انتشر استعمالها في العربية الدارجة من المحيط الأطلسي إلى ضواحي الاسكندرية:
الجرانة، وجمعها
الجران (الضفدع).
الكلمة لا وجود لها في قواميس العرب، وإن كانت من grenouille الفرنسية لما كان الحرف الأول جيما ولما كانت معروفة حتى في ليبيا. غير أننا نجدها في قواميس اللهجة الأمازيغية الأقل تأثرا بالعربية وهي لغة التوارق، حيث الضفدع عند توارق الهوڤار "أجرو" وجمعها "إجران". والجمع بإضافة النون غريب عن العربية وعادٍ في كل لهجات الأمازيغية. فنرى أن هذه الكلمة دخلت من الأمازيغية في الجمع، ثم أضيفت إليها التاء المربوطة للمفرد تبعا لقواعد العربية. فأصبحت كما تعرف اليوم الجرانة.
منقول