بسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
هي تماضر بنت عمرو السلمية ولدت عام 575م، شاعرة عاصرت الجاهلية والدولة الاسلامية، اشتهرت بشعر الرثاء في أخويها صخر ومعاوية، لقبت بالخنساء لارتفاع أرنبة أنفها كما أنها صفة من صفات الظباء.
وهي أم عمرو تماضر بنت عمرو بن الحارث بن الشريد وهو عمرو بن رياح بن يقظة بن عصية بن خفاف بن امرئ القيس بن بهثة بن سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان التابع لـ آل الشريد من أشراف العرب وملوك قبيلة بني سليم في الجاهلية، وهي قبيلة سكنت بادية الحجاز.
تماضر شابة
كانت تماضر “الخنساء” شابة جميلة كما أنها ذات حسب وجاه، وشبهت بالبقرة الوحشية وهو اللقب الذي كان يطلق علي الفتاة الجميلة كنوع من أنواع الغزل ولازمها هذا اللقب طيلة عمرها حتي أصبح كنيتها، كما أنها كانت جذابة وطليقة اللسان، مما سمح لها بتقلد منصب في قبيلتها ومكانة عالية، واشتهرت في قبيلتها برجاحة العقل وقوة الشخصية.
زواجها
تقدم لخطبتها “دريد بن الصمة”، وذلك بعد رؤيتها تنشد الشعر أثناء رجوعه من سفر إلي مكة، وكان فارس قبيلة “بنو جشم” وعرف عنه شجاعته وقوته حتي أنه خاض 100 معركة لم يخسر أي منها، وسأل عنها فعلم نسبها وتبين أنه صديق لأخوها وقصد أبوها معاوية بن عمرو طالباً يد أبنته، ولكنه طلب أخذ رأيها ولم يكن هذا التقليد متبعاً في الجزيرة العربية، إلا أن أباها أصر علي موافقتها علي الزواج لرجاحة عقلها وقوتها ولكنها ردت علي أبوها في وجود الخطيب وقالت، يا أبت: اتراني تاركة بني عمي مثل عود الرماح، وناكحة شيخ بني جشم؟” فطلب أبوها من دريد وقتاً للرد فكان قد سمع ما قالت فخرج ولم يعد، ولكن أخوها معاوية حاول اثنائها عن الأمر إلا أن أخوها صخر كان بجوارها للدفاع عما تريده.
تزوجت من قبيلتها من رجل يدعي “عبد العزى السلمي” وولدت عبد الله، في الجاهلية وقيل أنه كان مدمن القمار وتسبب في ضيق عيشها وكانت تطلب من أخيها صخر أموال فكان يقتسم أمواله بينه وبين أخته، حتي ملت من أفعاله وقررت الانفصال، وتزوجت في المرة الثانية من مرداء بن أبي عامر، وولدت يزيد ومعاوية وبنتاً اسمها عمرة،
تأثير أخويها عليها
كانت حياة الخنساء صعبة للغاية بسبب الحوادث التي ألمت بها واحدة بعد الأخري، وكان أولهم حادثة وفاة أخويها واحداً تلو الآخر، وكانت البداية مع معاوية أخوها حينما أراد أن يغزو قبيلة مجاورة بسبب عداوة شخصية بينه وبين فارس منها، وأقدم علي غزوتها مرتين ولكن أصدقاؤه تطيروا من الغزو، وفي العام الثاني أصر علي الغزو ومعه 19 من القبيلة فقط بعد رجوع معظمهم بسبب التشاؤم، ولكنه قتل في تلك الغزوة ولكن صحابته قتلوا في حينها فارس بني سليم في رد علي مقتل صديقهم ورجعوا إلي صخر يبشرونه بالثأر ولكنه لم يرضي.
وقالت الخنساء في رثاء معاوية:
الا لا ارى في النَّاسِ مثلَ معاويهْ إذا طَرَقَتْ إحْدَى اللّيالي بِداهِيَهْ
بداهِيَة ٍ يَصْغَى الكِلابُ حَسيسَها وتخرُجُ منْ سِرّ النّجيّ عَلانِيَهْ
الا لا ارى كالفارسِ الوردِ فارساً إذا ما عَلَتْهُ جُرْأة ٌ وعَلانِيَهْ
وكانَ لِزازَ الحَرْبِ عندَ شُبوبِها اذا شمَّرتْ عنْ ساقها وهي ذاكيهْ
وقوَّادُ خيلٍ نحو اخرى كانَّها سَعالٍ وعِقْبانٌ عَلَيْها زَبانِيَهْ
بلينا وما تبلى تعارٌ وما ترى على حدثِ الايَّامِ الاَّ كماهيهْ
فأقسَمْتُ لا يَنفَكّ دمعي وعَوْلَتي عليكَ بحزنٍ ما دعا اللهَ داعيهْ
بلينا وما تبلى تعار وما ترى على حدث الأيام إلا كما هيه
وعرف صخر من قتل أخوه وأصر علي قتله بعد زيارة قبر أخيه، وبالفعل ثأر لأخيه بقتل من قتله ولكنهم خرجوا في أثره يطلبون رأسه وبدأت عمليات الكر والفر بينه وبين القبيلة الأخري حتي أصيب بجرح غائر واستمر مصاب به لمدة عام كامل وهو الأمر الذي ألم الخنساء بشكل كبير وهو أخوها العطوف والحنون وما إن توفي حتي انهارت تماماً وبدأت بالرثاء عندما طلب منها وصف صخر ومعاوية وكان هذا ميلاد الشاعرة الحقيقي.
فبدأت وقالت: إن صخرًا كان الزمان الأغبر، وذعاف الخميس الأحمر. وكان معاوية القائل الفاعل. فقيل لها: أي منهما كان أسنى وأفخر؟ فأجابتهم: بأن صخر حر الشتاء، ومعاوية برد الهواء. قيل: أيهما أوجع وأفجع؟ فقالت: أما صخر فجمر الكبد، وأما معاوية فسقام الجسد.
وقالت في رثاء أخيها صخر:
أبنت صخر تلكم الباكية لا باكي الليلة إلا هيه
وتقول:
يا عينِ جودي بالدّموعِ الغِزَارْ وابكي على اروعَ حامِي الذمارْ
فرعٍ منَ القومِ الجدى أنْماهُ منهُمْ كلُّ محضِ النِّجارْ
أقولُ لمّا جاءَني هُلْكُهُ وصرَّحَ النَّاسُ بنجوى السّرارْ
أُخَيّ! إمّا تَكُ وَدّعْتَنَا فَرْعٍ منَ القَوْمِ كريمِ الجَدا
فرُبّ عُرْفٍ كنْتَ أسْدَيتَهُ إلى عيالٍ ويتامى صغارْ
وربَّ نعمى منكَ انعمتها على عُناة ٍ غُلَّقٍ في الإسارْ
أهْلي فِداءٌ للّذي غُودِرَتْ أعْظُمُهُ تَلْمَعُ بَينَ الخَبارْ
صَريعِ أرْماحٍ ومَشْحوذَة كالبرقِ يلمعنَ خلالَ الديارْ
مَنْ كانَ يَوْماً باكياً سَيّداً فليبكهِ بالعبراتِ الحرارْ
ولتبكهِ الخيلُ اذا غودرتْ بساحة ِ الموتِ غداة َالعثارْ
وليبكهِ كلُّ أخي كربة ضاقتْ عليهِ ساحة ُ المستجارْ
رَبيعُ هُلاّكٍ ومأوى نَدًى حينَ يخافُ النَّاسُ قحطَ القطارْ
أسْقَى بِلاداً ضُمّنَتْ قَبْرَهُ صَوْبُ مَرابيعِ الغُيوثِ السَّوارْ
وما سؤالي ذاكَ الاَّ لكي يسقاهُ هامٍ بالرَّوي في القفارْ
قُلْ للّذي أضْحَى بهِ شامِتاً إنّكَ والموْتَ، مَعاً، في شِعارْ
وتقول:
بَكَت عَيني وَعاوَدَها قَذاها بِعُوّارٍ فَما تَقضي كَراها
على صَخرٍ وَأَيُّ فَتىً كَصَخرٍ إِذا ما النابُ لَم تَرأَم طِلاها
فَتى الفِتيانِ ما بَلَغوا مَداهُ وَلا يَكدى إِذا بَلَغَت كُداها
حَلَفتُ بِرَبِّ صُهبٍ مُعمِلاتٍ إِلى البَيتِ المُحَرَّمِ مُنتَهاها
لَئِن جَزِعَت بَنو عَمروٍ عَلَيهِ لَقَد رُزِئَت بَنو عَمروٍ فَتاها
لَهُ كَفٌّ يُشَدُّ بِها وَكَفٌّ تَحَلَّبُ ما يَجِفُّ ثَرى نَداها
تَرى الشُمَّ الجَحاجِحَ مِن سُلَيمٍ يَبُلُّ نَدى مَدامِعِها لِحاها
عَلى رَجُلٍ كَريمِ الخيمِ أَضحى بِبَطنِ حَفيرَةٍ صَخِبٍ صَداها
لِيَبكِ الخَيرَ صَخراً مِن مَعَدٍّ ذَوُو أَحلامِها وَذَوُو نُهاها