[frame="13 10"]عندما يشكل رئيس الجمهورية وزارة جديدة , يصدر لها خطاب تكليف :يبين لها المهام المنوطة بها , والأعمال المكلفة بها في فترتها المقبلة ، ولله المثل الأعلى , فتجد الحقَّ سبحانه وتعالي كلفَّ كل رسول برسالة محددة وخطاب تكليف بيّن له فيه مهامه التي كلَّفه بها , فمثلا سيدنا شعيب كان تكليفه بأمرين أثنين بعد التوحيد ، وضَّحهما في خطابه لقومه مبيِّنا مهمته بينهم ، حيث قال {أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ{181} وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ{182} الشعراء
ومهمة سيدنا لوط كانت أخلاقية كلُّها ، بينّها في قوله لقومه {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ{165} وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ{166} الشعراء
أما مهمة سيدنا موسى فكانت رفع الظلم عن بني إسرائيل ، استجابة لتكليف الله له بذلك ، حيث يقول له {وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ{10} قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ{11} الشعراء
وهكذا بقية الأنبياء ، لكن مهمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، تشعبت إلى ناحيتين : الرسالة , و النبوة , فهناك مهمة كلف بها في منصب الرسالة , وأخري كلف بها في منصب النُّبوَّة ، لماذا ؟ لأن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم اختلف عن الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامة عليهم أجمعين ، من حيث أن كل نبي ورسول كانت له فترة محدودة , وزمان معلوم , و أرسله الله إلى قومه فقط ، لكن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم له رسالتان :
رسالة عامة الي جميع الخلق , وهذه من وظائف النبوة , فهو صلى الله عليه وسلم ليس نبيُّنا فقط , و إنما نبي لآدم و أمته , ونبي لنوح وقومه , ونبي لعيسي ومن معه , وكذلك نبي لجميع الأنبياء والمرسلين وأممهم
فوظيفة النبوة مهيمنة علي جميع مقامات الأنبياء تغذيها ، وتربيها ، وتواليها ، وتمدها بمدد النبوة من سيد الأنبياء صلى الله عليه وسلم , فهي وظيفة شاملة من البدء إلى الختام ، أما وظيفة الرسالة فهي لنا معشر أمته خاصة
هؤلاء جميعا كانوا نوابا عنه صلى الله عليه وسلم في أممهم قبل بعثة صلى الله عليه وسلم , وكذلك العلماء أهل الخشية ورثته في أمتة بعد بعثته صلى الله عليه وسلم ، ولذلك يقول فيهم صلى الله عليه وسلم {إن العلماء ورثة الأنبياء}[1]
لكنه وحده نبيُّ السابقين , ورسول اللاحقين , والمرسل للخلق أجمعين , فهو نبيُّ الإنس ، ونبُّي الجنِّ , ونبيُّ الملائكة , ونبيُّ جميع الكائنات , فهو وحدة صاحب النبوَّة الجامعة الكاملة ، وقد شرَّف الله بعض الأفراد ، فنابوا عنه في تبليغ الرسالة قبل بعثته , وزاد في تشريفهم ، فنسب رسالتهم إليهم , وخصَّ قوما فحفظ فيهم مقام التبليغ عنه صلى الله عليه وسلم ، في أمته لأنه لا نبيَّ بعده
وهكذا فرسول الله صلى الله عليه وسلم ، هو وحده الذي يظهر عنده واضحا تماما الفرق بين مقام النبوَّة ومقام الرسالة ، حيث أن نبوَّته قبل خلق الخلق , أمَّا رسالته فمنذ نزول الوحي عليه صلى الله عليه وسلم
[1] صححه الحاكم وابن حبان والعراقي وغيرهما وقد ذكره البخاري في صحيحه بدون إسناد
[/frame]