أعلن ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أمس الاثنين عن "رؤية السعودية 2030" التي تمهد لتغييرات اقتصادية جذرية تقلل من اعتماد المملكة على إيرادات النفط في ظل أسعاره المنخفضة.
تسلط الرؤية التي تشمل برنامجا للتحول الوطني الضوء مرة أخرى على الأمير الشاب (30 عاما) ذي النفوذ المتزايد والذي يجمع مناصب وزارة الدفاع ورئيس ديوان والده الملك سلمان بن عبد العزيز ورئاسة مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية والإشراف على شركة "أرامكو" النفطية.
فمن هو الأمير محمد بن سلمان؟
يكتسب ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان نفوذا متزايدا غير مألوف لأمير شاب في مملكة محافظة معروفة بالتزامها بالتراتبية داخل الأسرة الحاكمة والسن المتقدم لقادتها، ويقول دبلوماسي غربي عن الأمير البالغ من العمر 30 عاما "من الواضح انه ذكي جدا ومتمكن من كل ملفاته" ويحظى بتأثير ورأي مسموع لدى والده الملك سلمان بن عبد العزيز البالغ 80 عاما.
ومنذ تولي الملك سلمان العرش مطلع 2015 سطع بشكل سريع نجم الأمير (مواليد 31 أوت 1985) المقرب من والده. وبات الشاب الطويل القامة وذو اللحية السوداء خلال اقل من عام ونصف عام يجمع مسؤوليات سياسية وعسكرية واقتصادية هائلة، وهو حاليا النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع ورئيس الديوان الملكي ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية ومشرف على شركة "أرامكو" النفطية الوطنية العملاقة، ويقول فريدريك فيري من معهد كارنيغي الأميركي إن الأمير محمد بن سلمان جمع "سلطة استثنائية وتأثيرا بشكل سريع جدا".
وبحسب محللين ودبلوماسيين بات نفوذ بن سلمان يتخطى بأشواط نفوذ ولي العهد وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف (56 عاما). ويمثل الأميران جيلا شابا في أعلى هرم الأسرة السعودية المالكة التي كانت مناصبها حتى الآن محصورة بأبناء الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود.
وبحكم منصبه كوزير للدفاع اشرف الأمير محمد بن سلمان على قيادة بلاده منذ نهاية مارس 2015 تحالفا عسكريا في اليمن ضد الحوثيين وحلفائهم الموالين للرئيس السابق علي عبد الله صالح دعما لقوات الرئيس الحالي عبد ربه منصور هادي.
وتزايدت في الأشهر الماضية الانتقادات الموجهة لهذا التحالف من الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية نظرا لارتفاع حصيلة الضحايا المدنيين الذين سقط العديد منهم جراء ضربات جوية للتحالف، ويعتبر ويري أن التدخل السعودي في اليمن كان خطوة "غير مسؤولة".
أمير "طموح"
ومنذ بدء عهد الملك سلمان يرى محللون ودبلوماسيون أن الرياض اعتمدت سياسة خارجية أكثر جسارة من دبلوماسيتها الهادئة التي سادت لعقود خصوصا في عهد الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، وباتت السياسة السعودية أكثر إقداما خصوصا في الملفات الإقليمية كاليمن وسوريا حيث تضغط الرياض لرحيل الرئيس بشار الأسد.
وفي مقابلة نشرت في عددها هذا الأسبوع تقول مجلة "بلومبرغ بيزنيس ويك" أن الأمير محمد بن سلمان اطلع بشكل مكثف على سيرة رئيس الوزراء البريطاني السابق وينستون تشرشل و"فن الحرب" للفيلسوف الصيني القديم والخبير العسكري صن تزو.
وتخرج الأمير في الحقوق من جامعة الملك سعود بحسب المجلة التي أجرت لقاءات مطولة معه في الرياض تخللها حديث عن التحديات الاقتصادية التي تواجهها المملكة وخططه للتغيير وحياته الخاصة، والأمير الشاب أب لولدين وابنتين قال انه يعتمد على زوجته في تربيتهما مؤكدا انه كغيره من أبناء جيله غير محبذ لتعدد الزوجات، ونشرت المجلة صورا للأمير في مكتبه ارتدى في بعضها عباءة بيضاء من دون الشماغ والعقال التقليديين وفي أخرى بدا يستخدم جهاز "آيباد".
والمقابلة هي الثانية للأمير الشاب مع وسائل إعلام بعد مقابلة مع صحيفة "الايكونومست" في جانفي علما أن ظهوره الإعلامي الأول كان خلال مؤتمر صحافي في ديسمبر أعلن فيه تشكيل تحالف عسكري إسلامي بقيادة بلاده مخصص لمكافحة "الإرهاب"، ويقول الضابط السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بروس ريدل الذي يعمل حاليا مع معهد "بروكينغز" للأبحاث إن بن سلمان "لديه سمعة بأنه هجومي وطموح".
وبحسب سيرته الذاتية المنشورة على الموقع الالكتروني لمؤسسته الخيرية "مسك" فان بن سلمان "تقلد (...) مناصب عدة خلال مشواره المهني الذي امتد إلى عشر سنوات وبدأ بممارسة العمل الحر" وذلك "قبل البدء في ممارسة مهامه في الخدمة العامة في المملكة العربية السعودية".
وعمل الأمير محمد بن سلمان منذ العام 2009 كمستشار لوالده الذي كان في حينه أميرا لمنطقة الرياض ورافقه عندما عين وليا للعهد في 2013، وفي أفريل 2014 عين الأمير الشاب وزيرا للدولة وعضوا في مجلس الوزراء قبل صعوده التدريجي بعد تولي والده العرش اثر وفاة الملك عبد الله في كانون الثاني/يناير 2015 عن عمر ناهز 90 عاما.
وينظر إلى محمد بن سلمان على انه المحرك الرئيسي لعملية التغيير في المملكة المحافظة وهو أكد لـ"بلومبرغ" امتعاضه من البيروقراطية التي تتحكم بعمل حكومة بلاده. وبدا بن سلمان عازما على تغيير ذلك ملمحا إلى إن العمل بدأ منذ اللحظات الأولى لتولي والده مقاليد الحكم، وقال "في الساعات ال` 12 الأولى صدرت القرارات (...) في الأيام العشرة الأولى كانت قد أعيدت هيكلة كل الحكومة".
منقول