اسمه ونسبه
هو عمر بن على بن أحمد بن محمد بن عبد اللَّه، سراج الدين أبو حفص الأنصاري الأندلسي التكروري المصري الشافعي، ويعرف بابن النحوي لأن أباه عليًّا كان نحويًّا، اشتهر بذلك في بلاد اليمن، واشتهر أيضًا بابن الملقن-بضم الميم وفتح اللام وكسر القاف المشددة، وكان رحمه اللَّه يغضب من هذه التسمية.
ولد ابن الملقن رحمه اللَّه بالقاهرة يوم الخميس في شهر ربيع الأول سنة 723هـ / 1323م. توفى عنه والده وهو ابن عام، فنشأ في كفالة الشيخ عيسى المغربي أحد أصدقاء والده، وكان رجلًا صالحًا يقرئ الناس القرآن في جامع ابن طولون، فتزوج بأمه وعاش سراج الدين في رعايته حتى صار كأنه ابنه، فلذا كان يدعى بابن الملقن، وكان سراج الدين يدعوه بالوالد، ولقد كان له نعم الوالدُ حقًا بعد أبيه، فقد أحسن تربيته والقيام علي تعليمه وتأديبه حتى بلغ من هذه المنزلة الكريمة بين أهل العلم.
نشأته التعليمية
قام الشيخ عيسى المغربى بتحفيظه القرآن فحفظه، ثم حفظ بعد ذلك "عمدة الأحكام" وأراد أن يقرئه على مذهب مالك فأشار عليه صديق والده ابن جماعة أن يقرئه على مذهب الشافعي فدرس "المنهاج" وحفظه وأسمعه على الحافظين أبى الفتح ابن سيد الناس والقطب الحلبي.
وحبب اللَّه تعالى إليه علم الحديث فاتجه إليه وهو صغير، وأقبل عليه وسمع الكثير من الشيوخ حتى قال عن نفسه: سمعت ألف جزء حديثية. وما زال رحمه اللَّه يدأب في التحصيل والطلب، يقول عنه تلميذه البرهان الحلبي: إنه قرأ في كبره كتابا في كل مذهب وأجاز له بالإفتاء فيه.
ورحل ابن الملقن رحمه اللَّه تعالى في طلب العلم والحديث إلى بلاد عدّة فرحل إلى دمشق وحماه سنة 770هـ / 1369م فسمع من متأخري أصحاب فخر الدين بن البخاري، ورحل إلى الحرمين الشريفين، ورحل إلى بيت المقدس والتقى بالحافظ العلائي وسمع منه كتابه "جامع التحصيل".
شيوخ ابن الملقن
التقى ابن الملقن بأكابر علماء عصره فأخذ عنهم، وانتفع بهم، وكان لهم الأثر في رفعة منزلته العلمية، منهم:
1- إبراهيم بن إسحاق بن شرف الدين المناوي ت 757هـ أخذ عنه الأصول.
2- أحمد بن عمر بن أحمد النشائي كمال الدين أبو العباس الشافعي الخطيب ت 757هـ أخذ عنه الفقه.
3- أحمد بن محمد بن محمد بن قطب الدين محمد القسطلاني شهاب الدين ت 776هـ. أجاز له ولولده.
4- برهان الدين الرشيدي ت 749هـ أخذ عنه القراءات.
5- خليل بن كيكلدي العلائي صلاح الدين ت 761.
6- عبد الرحيم بن الحسن بن على الإسنوي جمال الدين المصري الشافعي ت 772هـ.
7- عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم المعروف بابن حماعة أخذ عنه الفقه ت 767هـ.
8- عبد اللَّه بن يوسف بن عبد اللَّه جمال الدين المشهور بابن هشام ت 761هـ أخذ عنه العربية.
9- على بن عبد الكافي بن على السبكي الأنصاري نقى الدين ت 756هـ أخذ عنه الفقه.
10- محمد بن محمد بن محمد بن أحمد أبو الفتح اليعمري الشهير بابن سيد الناس ت 734هـ.
11- محمد بن يوسف بن على الغرناطي أبو حيان الأندلسي ت 745هـ "صاحب البحر المحيط" أخذ عنه العربية.
12- مغلطاي بن قليج بن عبد اللَّه الحنفي الحافظ علاء الدين ت 762هـ.
13- يوسف بن الزكي عبد الرحمن بن يوسف المزي ت 742هـ.
تلاميذ ابن الملقن
1- إبراهيم بن أحمد الخجندي المدني الحنفي ت 851هـ.
2- إبراهيم بن العز محمد بن أحمد الهاشمي النويري المالكي الشافعي ت 819هـ.
3- إبراهيم بن محمد بن خليل الطرابلسي المعروف بسبط ابن العجمي الإمام العلامة ت 841هـ.
4- أحمد بن عبد الرحيم بن الحسين العراقي أبو زرعة ت 826هـ.
5- أحمد بن علي المقريزي المؤرخ ت 845هـ.
6- أحمد بن علي العسقلاني الشهير بابن حجر ت 852هـ.
7- أحمد بن علي بن أبى الشارمسَاحي ثم الظاهري ت 855هـ.
8- أحمد بن محمد بن أحمد الكناني الزفتاوي المقرئ ت 861هـ.
9- أحمد بن موسى بن عبد اللَّه الشهاب المغربي الصنهاجي ت 858هـ.
10- أحمد بن نصر اللَّه بن أحمد بن محمد التستري البغدادي.
صفاته وأقوال العلماء فيه
يقول المقريزي عنه: كان من أعذَبِ الناس ألفاظًا، وأحسنهم خلقاً، وأعظمهم محاضرة.
ووصفه ابن حجر في كتابه "إنباء الغمر": كان حسن الصورة، مديد القامة، يحب المزاح والمداعبة مع ملازمة الأشغال والكتابة، حسن المحاضرة، جميل الأخلاق كثير الإنصاف.
ووصفه تلميذه سبط ابن العجمي: وشكالته حسنة وكذلك خلقه مع التواضع والإحسان وقال: كان منقطعًا عن الناس، لا يركب إلا إلى درس أو نزهة.
وقال عنه الحافظ العلائي: الشيخ الفقيه الإمام العالم المحدث.
وقال عنه العلامة ابن فهد: الإمام العلامة الحافظ شيخ الإسلام وعلم الأئمة الأعلام عمدة المحدثين. وقال الحافظ العراقي: الشيخ الإمام الحافظ.
قال عنه البرهان الحلبي الشهير بسبط ابن العجمي: حفاظ مصر أربعة أشخاص، وهم: البلقينى وهو أحفظهم لأحاديث الأحكام، والعراقي وهو أعلمهم بالصنيعة، والهيثمي وهو أحفظهم للأحاديث، وابن الملقن وهو أكثرهم فوائد في الكتابة على الحديث.
قال عنه السيوطي: الإمام الفقيه الحافظ ذو التصانيف الكثيرة.
وقال عنه ابن حجر: وهؤلاء الثلاثة العراقي والبلقيني وابن الملقن كانوا أعجوبة هذا العصر؛ الأول في معرفة الحديث وفنونه، والثاني في التوسيع في معرفة مذهب الشافعي، والثالث في كثرة التصانيف.
قال عنه الحسيني في طبقات الشافعية: هو البحر الكامل كان من أفقه أهل زمانه وأفضل أقرانه.
مناصب ابن الملقن
يقول الإمام السخاوي في "الضوء اللامع": أنه ولى قضاء الشرقية ثم تخلى عنه لولده على، وتولى الميعاد بجامع الحاكم سنة 763هـ / 1362م، وتولى أمر دار الحديث الكاملية خلفا للزين العراقي، ورشح لقضاء القضاة الشافعية فما تم ذلك.
محنة ابن الملقن
ذكر الإمام السخاوي في "الضوء اللامع": أن برقوقاً-الملك الظاهر من ملوك مصر- صمم على ولاية ابن الملقن منصب قضاء القضاة الشافعية فعلم بعض الناس بذلك فزور ورقة على لسان ابن الملقن بدفع أربعة آلاف دينار إلى أحد الأمراء حتى يتم الأمر، ووصلت إلى برقوق -الملك الظاهر- فجمع العلماء وسأل الشيخ ابن الملقن: هذا خطك؟ فأنكر وصدق في إنكاره، فغضب الملك وأهانه وسجنه، ثم خلصه اللَّه تعالى بعد مدة يسيرة بشفاعة البلقينى وطائفة من العلماء. وكانت هذه المحنة سنة 780هـ / 1378م.
محنة أخرى
لقد كان ابن الملقن جمَّاعة للكتب فكان عنده الكثير من الكتب والأجزاء. ولقد أُبتلى في أواخر عمره باحتراق مكتبته واحترق معها الكثير من مسوداته ومصنفاته. فحزن عليها ابن الملقن أشدَّ الحزن وتأسف عليها غاية التأسف، وتغيرت حاله بعد هذا الحريق، فأصيب بالذهول ولم يلبث إلَّا قليلا حتى مات.
مؤلفات ابن الملقن
كان ابن الملقن رحمه اللَّه كثير التصانيف، فقد وفقه اللَّه تعالى لكثرة التصنيف، فإن تصانيفه تربوا على الثلاثمائة، منها:
1- شرح المنهاج في ستة أجزاء. 2- عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج في مجلد. 3- لغات المنهاج.
4- أدلة المنهاج. 5- البلغة في أحاديث الأحكام على أبواب المنهاج. 6- الاعتراضات على المنهاج.
7- زوائد الحاوى الصغير. 8- شرح التنبيه في أربعة أجزاء. 9- تصحيح التنبيه في مجلد.
10- ما يرد على النووي والتنبيه. 11- زوائد على تجريد التنبيه. 12- الخلاصة في أدلة التنبيه.
13- شرح الحاوي في جزأين. 14- تصحيح الحاوي في جزء. 15- شرح التبريزي.
16- تخريج أحاديث الرافعي. 17- تخريج أحاديث المهذب. 18- تخريج أحاديث الوسيط.
19- أسماء رجال الكتب الستة في جزأين. 20- المؤتلف والمختلف في جزء. 21- تخريج أحاديث المنهاج في الأصول. 22- تخريج أحاديث ابن الحاجب. 23- طبقات المحدثين.
24- طبقات الفقهاء. 25- المقنع في علوم الحديث مختصر كتاب ابن الصلاح. 26- التذكرة في علوم الحديث. 27- شرح فرائض الوسيط في جزء. 28- العدة في معرفة رجال العمدة. 29- نساء الكتب الستة في جزء. 30- غاية السول في خصائص الرسولصلى اللَّه عليه وسلم. 31- شرح العمدة.
32- الإشراف على أطراف الكتب الستة. 33- شرح فصيح ثعلب. 34- منسك الحج.
35- الاعتراضات على المستدرك. 36- الكلام على سنة الجمعة. 37- شرح منهاج الأصول.
38- شرح الألفية. 39- مختصر دلائل النبوة للبيهقي. 40- تلخيص مسند الإمام أحمد.
41- تلخيص صحيح ابن حبان. 42- شرح صحيح البخاري. 43- شرح الأربعين النووية.
44- طبقات القراء. 45- طبقات الصوفية. 46- أدلة الحاوي. 47- تاريخ ملوك مصر الترك.
48- الكافي. 49- شرح زوائد الكتب الخمسة على البخاري. 50- شرح مختصر ابن الحاجب.
وفاة ابن الملقن
توفى ابن الملقن ليلة الجمعة سادس عشر ربيع الأول سنة 804هـ / 1401م، ودفن بجوار أبيه بحوش "سعيد السعداء". وحزن الناس لفراقه ح*** شديدًا، فعليه رحمة اللَّه تعالى وجمعنا به في دار كرمته.
منقول