هكرنا قهرهم....؟! بقلم اشرف الظاهر
بقلم اشرف الظاهر
لم تكن الحرب الالكترونية التي شنها بعض شباب الهكر العربي والمسلم على بعض
المواقع الالكترونية الحكومية الإسرائيلية وغيرها حدثا عاديا أو عابرا بقدر ما كانت
ترسم معها ملامح جديدة لأشكال الانتصار الجديدة التي يمكن تحقيقها على الأعداء
وبقدر ما كان أيضا نوع من الحروب الجديدة والمؤثرة التي أخذت الشعوب العربية
تخطها بأيديها انتصارا لقضاياها العادلة بعيدا عن تخاذل الحكام العرب وأنظمتهم في
نصرة شعوبهم وأوطانهم وقضاياهم وولاءاْتهم الغربية ولما كان هذا النوع من الحروب
الجديدة قد اخذ يرسم معه ملامح جديدة في شكل الانتصار كان أن وجهت الحملة الأخيرة
منها على إسرائيل ضربة موجعة لإسرائيل وأمنها ألمعلوماتي سواء الأمني او السياسي
او الاقتصادي .
ولعل المدقق في طبيعة النظام الرأسمالي أيضا والمبحر في عالم خفاياه والعارف بمكامن
قوته وضعفه ليدرك حقيقة واحدة وهي أن عالم الاتصال والتواصل الحديث بالإضافة
إلى الإعلام قد بات يشكل اليوم العمود الفقري لهذا النظام واستمراره في التربع على
عرش النظام العالمي ورسمه بما يحقق له ولرجالاته النفوذ والسيطرة والهيمنة عليه
والتحكم بمقدرات شعوبه الفقيرة ولما كان العالم بالفعل بحكم تعدد أدوات الاتصال
والتواصل فيه وتنوعها قد أصبح عبارة عن قرية صغيرة " كان أن أتى هذا النوع من
الحروب بمثابة السلاح الجديد والقوى الذي باتت ترتعد منه فرائس العالم الغربي
وأنظمته الرأسمالية ذلك انه قد بات يفوق الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل في
تأثيره وقوته وقدرته التدميرية على الصعيد العملي والمعلوماتي والنوعي والنفسي .
ربما لا يدرك البعض او الكثير منا حقيقة مدى تأثير هذا النوع من السلاح وهذا النوع
من الحروب على العالم الرأسمالي ونظامه العالمي إلا انه بالفعل يعتبر اليوم من اقوي
الأسلحة وأنجعها والتي يمكن استخدامها في تحقيق الانتصارات ذلك انه قادر على ضرب
النظام الرأسمالي ودوله في مصدر قوته وعقر بيته وتهديد سر وجوده وبقاءه .
إن هذا النوع من الحروب إذا ما أتقنت الشعوب العربية والإسلامية بالفعل استخدامه
واللعب على حباله بتسخيره في خدمة قضاياها العادلة فإنها ستكون بذلك في طريقها إلى
تحقيق اعلي الانتصارات وخصوصا أن هذا النوع من الحروب لا يحتاج لكثير عدة وعتاد
فهو في أحسن أحواله لا يحتاج إلا إلى جهاز حاسوب بسيط موصول بالانترنت وبعضا
من المعرفة العلمية بعالم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وعالم الحاسوب هذا
بالإضافة إلى انه يمتاز بميزة قد يصعب تحقيقها عند استخدام أسلحة أخرى وهي ميزة
عدم قدرة العدو بشكل كبير على رصد ه ورصد حركة عناصره ذلك أن مقراته تمتاز
بالتنقل والتعدد والتنوع لتبداْ بمقرات مقاهي الانترنت العامة والكثرة والمنتشرة في
ربوع الأوطان وصولا إلى وجود خاصية جهاز الحاسوب المتنقل وخطوط الانترنت
اللاسلكية التي تعمل على موجات التردد الطويلة والقصيرة كموجات ال WiFi وموجات
ال WiMax القصيرة القادرة على تغطية مساحات كبيرة من ربوع الوطن هذا بالإضافة
إلى أن عمل الأنظمة الحاكمة في بلدانها على ملاحقة أصحابه سيكون ليس بالأمر السهل
اذ انه سيخلق نوعا من الإرباك والارتباك الأمني في صفوفها وهو ما سيدفعها بدوره
إلى ملاحقة الكثير من الشباب وزجهم في السجون دون أن تكون قادرة على التميز بين
المتهم الحقيقي والبريء لذلك فان الأنظمة ستقف عاجزة عن خوض غمار هذا النوع
من الحروب لما لذلك من أضرار وتبعات سلبية كثيرة ومتعددة والتي ليس أخرها أن
تعيش حالة من الإرباك والتردد والفوضى في تسير شؤونها على كافة الأصعدة
فها هي إسرائيل اليوم تعاني من بعض عمليات الهكر الصغيرة التي قام بها بعض
الشباب العربي من مختلف الدول والمناطق وها هي مؤسساتها الأمنية والسياسية
والمالية والاقتصادية والقانونية تعيش اليوم في حالة من الإرباك والارتباك على كافة
الأصعدة فهي بحق لا تدري ماذا تفعل وذلك بالرغم من محاولتها المتتالية الاستعانة
بكبرى الشركات التكنولوجية العاملة في هذا المجال من كبرى شركات الاتصالات
وتكنولوجيا المعلومات .
لقد جاء هذا النوع من الحروب ليكشف معه مدى ترابط العالم ,ومدى اتصاله وتواصله
مع بعضه البعض فالكثير اليوم من الناس وخصوصا من فئة الشباب المتعلم والهاوي
أصبح قادرا على تشكيل تجمعات بعيدا عن نطاق الحدود السياسية للأوطان ودون
الحاجة إلى السفر والتنقل عبر حدود الدول ما يرسخ بدوره مقولة أن العالم بمختلف
شعوبه وألوانه وأجناسه وأعراقه أصبح اليوم بالفعل عبارة عن قرية صغيرة يبحر فيها
الناس بعلاقاتهم الاجتماعية والاقتصادية و السياسية والتنظيمية عبرها دون عوائق
ودون الحاجة إلى أموال كثيرة
ان المدقق في ملامح العصر الجديد ليدرك بحق بان العصر اليوم هو عصر الشعوب بكل
ما تحمل الكلمة من معنى وان هذا العصر قد كسر معه كل الحدود السياسية التي تفصل
بين شعوب الأرض وخصوصا الشعوب العربية والإسلامية والتي تتشارك فيما بينها
بثقافة وعقيدة إنسانية واحدة فها هو جليد حدود "سايس بيكو " الذي صنعه الاستعمار
فيما بينها والذي قسم به همومها وقضاياها وبلادها يذوب على حرارة أسلاك وسائل
الاتصال الحديثة بل أن الشعوب اليوم أصبحت تحقق ما هو أهم واكبر من ذلك عبر
عملها على تنحية أنظمتها القمعية جانبا بخوضها غمار الصراع في الانتصار لقضاياها
لوحدها وبأدواتها المتواضعة وهو ما يبشر بدوره إلى قرب ببزوغ فجر جديد سيضيء
الدنيا ضياءا ونورا كما ملأته الرأسمالية ظلمة وعتمة .
فهل أدركت أمريكيا حجم التغيرات الكبيرة الحاصلة اليوم في العالم وهل أدركت أيضا أن
زمن الأسلحة الكيماوية والنووية قد انتهى إلى حيث لا رجعة وان هناك شكلا جديدا
للانتصار أخذت ترسمه وسائل الاتصال الجديدة معها وان ما تستطيع الدول أن تسجله
في تاريخ صفحات انتصاراتها وتتفاخر به أمام العالم هو انتصار العلاقات الحسنة
والطيبة مع الشعوب الأخرى. وان سياسة اللعب من وراء ستار ومن خلف الكواليس ما
هي في حقيقتها إلى حالة من الغباء السياسي الذي لم يعد ينطلي على احد ولا حتى على
أطفال صغار يلهون على هامش الطريق وان مجموعة التطورات الحاصلة اليوم في
العالم الحديث لم تترك مجالا لأحد بالبقاء غبيا وان ثقافة المعرفة قد باتت اليوم متاحة
للجميع للكبير والصغير والمقمط في السرير ...
تاريخ النشر : 2013-04-12
من دنيا الرأي