السلام عليكم و رحمة الله
فجر التاريخ والاستقرار العربي. عاشت في فلسطين شعوبكثيرة، مثل: العموريين والكنعانيين وغيرهم من الشعوب القديمة منذ الألف الثالث قبلالميلاد. ولهذا، فقد عرفت أرض فلسطين باسمأرض كنعان. والكنعانيون هم شعبساميٌّ سكن فلسطين منذ نحو 3,000 عام قبل الميلاد، وأقاموا عددًا من المدن المسورة،وأنشأوا حضارة اقتبسها منهم العبرانيون فيما بعد.
وفيما بين القرنين العشرين والثامن عشر قبل الميلاد، غادر شعب ساميٌّ يدعىالعبَرانيين منطقة ما بين النهرين واستقر في أرض كنعان. ورحل بعض العَبرانيين إلىمصر. وفي القرن الثالث عشر قبل الميلاد، قاد موسى عليه السلام اليهود خارجًا من مصرليعود بهم إلى أرض كنعان. وقد اتبع اليهود دينًا يدعو إلى عبادة إله واحد، على حينأن الشعوب الكنعانية الأخرى كانت تعبد عدة آلهة. ظل العبرانيون لمدة 200 سنة،يصارعون الشعوب الكنعانية الأخرى والمناطق المجاورة. وكان يسيطر على الساحل الجنوبيالغربي من أرض كنعان أحد الشعوب القوية المعادية لليهود وهمالفلسطينيونالذين سميت منطقة فلسطين باسمهم.
الغزوات. في القرن الثامن قبل الميلاد، قام الآشوريون،وهم شعب عاش فيما يسمى الآن بالعراق، ببسط حكمهم غربًا إلى البحر الأبيض المتوسط،وغزوا فلسطين سنة 722 أو 721ق.م. وبعد مائة سنة، أخذ البابليون يسيطرون علىالإمبراطورية الآشورية وغزوا يهودا (جنوب فلسطين) سنة 586ق.م، ودمروا هيكل سليمانفي القدس، واسترقَّوا كثيرًا من اليهود، وأجبروهم على العيش في المنفى في بابل. وبعد خمسين سنة، غزا الملك الفارسيقورش الكبيربابل، وسمح لليهود بالعودةمن المنفى وبناء المعبد والاستقرار في فلسطين من جديد. وحكم الفرس معظم الشرقالعربي بما في ذلك فلسطين من سنة 530 حتى 331ق.م، ثم قام الملك الإسكندر الأكبربغزو الإمبراطورية الفارسية، ودحر داريوس الثالث ملك الفرس في موقعة إمسوس في خريفعام 333ق.م. وبعد وفاة الإسكندر سنة 323ق.م، تقاسم قادته الكبار الإمبراطورية. فأسسسلوقس أحد القادة، الأسرة السلوقية الحاكمة التي سيطرت على فلسطين حتى عام 200ق.م. وقد حال الحكام الجدد بين اليهود وممارسة دينهم، فثار اليهود سنة 167ق.م بقيادةيهوذا المكابي وطردوا السلوقيين من فلسطين. وأنشأوا مملكة موحدة جديدة عرفت باسميهودا، وبقيت زعامة المكابيين على اليهود حتى بسط الرومان سلطانهم على فلسطين فيعام 63ق.م.
الحكم الروماني. في سنة 63ق.م، قامت الكتائب الرومانيةبغزو يهودا التي أصبحت جزءًا من الإمبراطورية الرومانية. وُلِدَ عيسى عليه السلامفي بيت لحم خلال السنوات الأولى من الحكم الروماني، وأخمد الرومان ثورات اليهود،الثورة الأولى (66 حتى 70م) والثورة الثانية (من 132-135م)، وطردوهم من القدس،وأطلقوا على المنطقةاسم فلسطين. لكن بقيت جماعة منهم في الجليل في أقصىشمالي فلسطين، واستمر الحكم الروماني لفلسطين حتى سنة 300م، ثم حكمها البيزنطيون (الإمبراطورية البيزنطية)، حيث انتشرت النصرانية في جميع أنحاء فلسطين.
الفتح العربي الإسلامي
خلال القرن السابع الميلادي، انطلقت الجيوش العربية الإسلامية من الجزيرةالعربية لفتح معظم بلاد الشرق الأوسط بما في ذلك فلسطين. ومع ظهور الإسلام الذيانتشر وعمّ المنطقة كلها، حيث عُومل اليهود والنصارى على أنهم أهل كتاب فتركت لهمحرية العقيدة والثقافة. ومع ذلك، فقد دخل أكثر السكان المحليين في الإسلامتدريجيًا، كما قبلوا الثقافة العربية الإسلامية التي رعاها حكامهم. انظر: عمرو بن العاص
وفي مطلع الألف الثاني بعد الميلاد، بدأ السلاجقة ـ وهم ينتمون إلى الجيش التركيـ يسيطرون على فلسطين بعد أن احتلوا القدس سنة 464هـ، 1071م، ودام الحكم السلجوقيلفلسطين أقل من 30 سنة. أراد الصليبيون النصارى القادمون من أوروبا أن يُسيطروا علىفلسطين فبدأت الحروب الصليبية سنة 490هـ، 1096م. واحتل الصليبيون القدس 493هـ، 1099م، واستمروا يحكمونها حتى 583هـ، 1187م، عندما استرجع القائد المسلم صلاح الدينالأيوبي فلسطين وهزم الصليبيين هزيمة منكرة فيموقعة حطينالشهيرة واستولىعلى حيفا وقيسارية ويافا ونابلس، ثم عقد النية على استعادة بيت المقدس وبالفعلدخلها في 583هـ، يوم الجمعة الموافق 2/10/1187م. واستولى على القدس. انظر: صلاح الدين الأيوبي.
الحروب الصليبية. من المعروف أن فترة الحروب الصليبيةفترة خطرة جدًا في تاريخ المسلمين عامة وفلسطين خاصة؛ إذ استجابت أوروبا بكل ثقلهالدعوة البابا أوريان التي ناشد فيها زعماء أوروبا أن يستولوا على فلسطين منالمسلمين ويقيموا فيها دولة نصرانية. ودامت الحروب قرابة قرنين، ظلت القدس قرابةقرن منهما تحت السيطرة الصليبية حتى حررها المسلمون بقيادة صلاح الدين. ولا يزالالتاريخ يروي كيف بطش الصليبيون بالمسلمين بطشًا دمويًا يوم دخلوا بيت المقدس. لكنالمسلمين فعلوا عكس ذلك يوم حرروها بقيادة صلاح الدين الأيوبي، إذ كانوا قمة فيالتسامح، حتى دخلت شخصية صلاح الدين وجدان الرجل الأوروبي بوصفه أنبل فرسان التاريخوأكثرهم حفظًا للعهود وتسامحًا وعفوًا.
وفي منتصف القرن الثالث عشر الميلادي، استطاع المماليك الذين حكموا مصر، أنيؤسسوا دولة ضمت إليها فلسطين. وقد تميّز عصر المماليك في القدس باهتمامهم بهاوترميم مقدساتها الإسلامية، حتى إننا نجد سلاطينهم يكسون قبة الصخرة المقدسة منالخارج بالفسيفساء. وظل المماليك حكامًا حتى تمكن الأتراك العثمانيون من هزيمتهمعام 923هـ، 1517م، وأصبحت فلسطين جزءًا من الدولة العثمانية. وكان العرب المسلمونيشكلون أكثر سكان فلسطين عددًا. ومع بداية القرن السادس عشر الميلادي، أخذ اليهوديهاجرون إلى القدس من مختلف أقطار البحر الأبيض المتوسط ويستقرون فيها وفي أجزاءأخرى من فلسطين. وقد بلغ عدد اليهود في فلسطين عام 1880م حوالي 24,000 نسمة، من أصلمجموع السكان البالغ عددهم 500 ألف، ثم أتت حملات الاضطهاد في روسيا عام 1882 بموجةجديدة من يهود بولندا ورومانيا حتى أصبح هناك خمسون ألف يهودي في فلسطين في نهايةالقرن التاسع عشر الميلادي.
الحركة الصهيونية. ابتداءً من أواخر القرن التاسع عشرالميلادي، زادت هجرة اليهود بسبب الضغط الذي وقع عليهم في أقطار شرق أوروبا. أنشأبعض اليهود حركة تعرف باسمالصهيونية، أخذت هذه الحركة تعمل من أجل قيامدولة يهودية مستقلة لهم في فلسطين. وأنشأ الصهاينة مستعمرات زراعية في فلسطين. وفيخلال هذه الفترة، تزايد سكان فلسطين بسرعة. وفي عام 1914م بلغ العدد الإجماليللسكان في فلسطين 700,000 نسمة؛ كان منهم 615,000 عربي و57,000 يهودي. انظر: الصهيونية.