كشفت وثيقة مسربة معطيات خطيرة بشأن مأساة احتراق رضع حتى الموت في مستشفى حكومي في العاصمة العراقية بغداد، وأكدت استهتار التيارات والأحزاب الممسكة بمفاصل الدولة بأرواح العراقيين واستغلال مآسيهم لمصالحهم السلطوية.
وبعد أيام على وفاة 13 رضيعا في حريق بمستشفى اليرموك، انتقلت القضية إلى دائرة التجاذبات بين التيارات المتنازعة على "كعكة السلطة"، وذلك بعد تسريب وثيقة عن التحقيق، تشير إلى أن "الحريق كان بفعل فاعل وليس تماس كهربائي".
وتسريب الوثيقة جاء قبل وقت وجيز على ظهور مدير صحة بغداد الكرخ، في لقاء تلفزيوني، توقع فيه "أن يكون الحادث بفعل فاعل"، في محاولة على ما يبدو للتنصل من المسؤولية، ولاسيما أنه يعد المسؤول المباشر عن المستشفى.
كما اعتبرت مصادر أن تصريحات مدير الصحة، المحسوب على التيار الصدري، تعد اتهاما غير مباشر لحزب الدعوة، التي تنتمي إليه، وزيرة الصحة، وهي من كانت قد اكتفت بالإعلان عن استعدادها للاستقالة في حال ثبت "تقصير" لوزارتها حول الحريق.
فالحريق المتعمد يهدف، وفق قراءة المصادر لتصريحات مدير الصحة، لإفشال عمل الأخير "المتقاطع" مع الوزيرة عديلة حمود "التابعة" لحزب الدعوة الذي يتزعمه رئيس الحكومة السابق نوري المالكي، أحد أبرز رجالات إيران في العراق.
وبين الوثيقة المسربة والاتهامات التي تتحدث عن حريق متعمد والتجاذبات السياسية، تستمر معاناة العراقيين مع صراع الأحزاب لاقتسام مقدرات العراق، الذي بات يحتل المرتبة 161 من أصل 168 على مؤشر الفساد لمنظمة الشفافية الدولية.
ومستشفى اليرموك، الذي يعد أحد اكبر مستشفيات بغداد ويلبي حاجات الغالبية العظمى من أهالي مناطق غرب وجنوب غرب العاصمة، يعاني كغالبية مستشفيات بغداد الحكومية والقطاعات الخدماتية الأخرى من ضعف الخدمات وسوء الإدارة.
فالعراق، الغني بالنفط، يعاني نقصا في إمدادات الكهرباء والماء، وترهلا في المدارس والمستشفيات الحكومية وكافة القطاعات الحكومية، الأمر الذي فجر قبل عامين تقريبا موجة غضب عارمة نزل على أثرها الآلاف إلى الشوارع.
وفي محاولة لاحتواء المظاهرات الشعبية، أعلن رئيس الوزراء، حيدر العبادي، حزمة إجراءات لمكافحة الفساد، لم تجد طريقها إلى التنفيذ بسبب معارضة التيارات السياسية المستفيدة من استمرار هذه الآفة لزيادة كسبها غير المشروع.
منقول