facebook twitter rss
v





العودة  

جديد مواضيع منتديات بيت العرب الجزائري


قسم نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2016-08-17, 03:13 PM   #1
hakimdima
مشرف الأقسام التعليمية


العضوية رقم : 10954
التسجيل : Jul 2016
العمر : 39
الإقامة : الجزائر
المشاركات : 6,072
بمعدل : 2.00 يوميا
الوظيفة : متعاقد
نقاط التقييم : 10
hakimdima is on a distinguished road
hakimdima غير متواجد حالياً
معلومات الإتصال :
افتراضي النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خُلقًا وأكرمهم وأتقاهم

كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خُلقًا وأكرمهم وأتقاهم، وقد شهد له بذلك ربه -جل وعلا- وكفى بها فضلاً؛ قال تعالى مادحًا وواصفًا خُلق نبيه الكريم : {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4].

يقول خادمه أنس بن مالك رضي الله عنه: "كان النبي أحسن الناس خلقًا"[1]. وتقول زوجه صفية بنت حيي رضي الله عنها: "ما رأيت أحسن خلقًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم"[2]، وقالت عائشة لما سئلت -رضي الله عنها- عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: "كان خلقه القرآن"[3].

فهذه الكلمة العظيمة من عائشة -رضي الله عنها- ترشدنا إلى أن أخلاقه هي اتباع القرآن، وهي الاستقامة على ما في القرآن من أوامر ونواهي، وهي التخلق بالأخلاق التي مدحها القرآن العظيم وأثنى على أهلها، والبعد عن كل خلق ذمه القرآن.

قال ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره: ومعنى هذا أنه صار امتثال القرآن أمرًا ونهيًا سجيةً له وخلقًا ... فمهما أمره القرآن فعله ومهما نهاه عنه تركه، هذا ما جبله الله عليه من الخُلق العظيم من الحياء والكرم والشجاعة والصفح والحلم وكل خُلقٍ جميل. اهـ-.

وقد جاءت صفاته وخصاله الكريمة صلى الله عليه وسلم في كتب أهل الكتاب نفسها قبل تحريفها؛ فعن عطاء رضي الله عنه قال: قلت لعبد الله بن عمرو أخبرني عن صفة رسول الله في التوراة، قال: أجل، والله إنه لموصوف في التوراة بصفته في القرآن: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وحرزًا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، لا فظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء، بأن يقولوا لا إله إلا الله، ويفتح بها أعينًا عميًا وآذانًا صمًا وقلوبًا غلفًا"[4].

أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم مع أهله:

كان صلى الله عليه وسلم خير الناس وخيرهم لأهله وخيرهم لأمته من طيب كلامه وحُسن معاشرة زوجاته بالإكرام والاحترام، حيث قال : "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي"[5].

وكان من كريم أخلاقه صلى الله عليه وسلم في تعامله مع أهله وزوجه أنه كان يُحسن إليهم ويرأف بهم ويتلطّف إليهم ويتودّد إليهم، فكان يمازح أهله ويلاطفهم ويداعبهم، وكان من شأنه أن يرقّق اسم عائشة -رضي الله عنها- كأن يقول لها: "يا عائش"، ويقول لها:"يا حميراء"، ويُكرمها بأن يناديها باسم أبيها بأن يقول لها: "يا ابنة الصديق"، وما ذلك إلا توددًا وتقربًا وتلطفًا إليها، واحترامًا وتقديرًا لأهلها.

وكان صلى الله عليه وسلم يعين أهله ويساعدهم في أمورهم ويكون في حاجتهم، وكانت عائشة تغتسل معه صلى الله عليه وسلم من إناءٍ واحد، فيقول لها: "دعي لي"، وتقول له: دع لي[6].

وكان يُسَرِّبُ إلى عائشة بناتِ الأنصار يلعبن معها‏.‏ وكان إذا هويت شيئًا لا محذورَ فيه تابعها عليه، وكانت إذا شربت من الإِناء أخذه، فوضع فمه في موضع فمها وشرب، وكان إذا تعرقت عَرقًا -وهو العَظْمُ الذي عليه لحم- أخذه فوضع فمه موضع فمها، وكان يتكئ في حَجْرِها، ويقرأ القرآن ورأسه في حَجرِها، وربما كانت حائضًا، وكان يقبلها وهو صائم، وكان من لطفه وحسن خُلُقه مع أهله أنه يمكِّنها من اللعب.

عن الأسود قال:سألت عائشة ما كان النبي يصنع في بيته؟ قالت: "كان يكون في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة يتوضأ ويخرج إلى الصلاة"[7].

وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان يخيط ثوبه، ويخصف نعله، ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم"[8].

وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "خرجت مع رسول الله في بعض أسفاره، وأنا جارية لم أحمل اللحم ولم أبدن، فقال للناس: "تقدموا". فتقدموا، ثم قال لي: "تعالي حتى أسابقك". فسبقته، فسكت عني حتى إذا حملت اللحم وبدنت خرجت معه في بعض أسفاره، فقال للناس: "تقدموا". فتقدموا، ثم قال لي: " تعالي حتى أسابقك". فسبقني، فجعل يضحك وهو يقول: "هذه بتلك"[9].

بل إنه صلى الله عليه وسلم وضع ركبته لتضع عليها زوجه صفية -رضي الله عنها- رجلها حتى تركب على بعيرها[10].

ومن دلائل شدة احترامه وحبه ووفائه لزوجته خديجة رضي الله عنها، إن كان ليذبح الشاة ثم يهديها إلى خلائلها (صديقاتها)، وذلك بعد مماتها وقد أقرت عائشة -رضي الله عنها- بأنها كانت تغير من هذا المسلك منه[11].

عدل النبي صلى الله عليه وسلم:

كان عدله صلى الله عليه وسلم وإقامته شرع الله تعالى مع القريب والبعيد، والعدو والصديق، والمؤمن والكافر، مضرب المثل؛ كيف لا وهو رسوله ، والمبلغ عن ربه ومولاه؟!!

فكان صلى الله عليه وسلم يعدل بين نسائه ويتحمل ما قد يقع من بعضهن من غيرة، كما كانت عائشة -رضي الله عنها- غيورة؛ فعن أم سلمة -رضي الله عنها- أنها أتت بطعامٍ في صحفةٍ لها إلى رسول الله وأصحابه، فجاءت عائشة... ومعها فِهرٌ ففلقت به الصحفة، فجمع النبي صلى الله عليه وسلم بين فلقتي الصحفة وهو يقول: "كلوا، غارت أُمكم" مرتين، ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم صحفة عائشة فبعث بها إلى أُم سلمة وأعطى صحفة أُم سلمة عائشة[12].

وقال في قصة المرأة المخزومية التي سرقت: "‏والذي نفسي بيده، لو كانت فاطمة بنت محمد‏ لقطعت يدها‏".

أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم مع الأطفال والصبيان:

عن أنس رضي الله عنه قال: كان يمر بالصبيان فيسلم عليهم[13]. وكان صلى الله عليه وسلم يسمع بكاء الصبي فيسرع في الصلاة؛ مخافة أن تفتتن أمه.

وكان صلى الله عليه وسلم يحمل ابنة ابنته وهو يصلي بالناس إذا قام حملها وإذا سجد وضعها، وجاء الحسن والحسين وهما ابنا بنته وهو يخطب الناس فجعلا يمشيان ويعثران، فنزل النبي من المنبر فحملهما حتى وضعهما بين يديه ثم قال: "صدق الله ورسوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: 28]، نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان فيعثران، فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما".

وكان صلى الله عليه وسلم إذا مر بالصبيان سلم عليهم وهم صغار وكان يحمل ابنته أمامه وكان يحمل ابنة ابنته أمامة بنت زينب بنت محمد وهو يصلي بالناس، وكان ينزل من الخطبة ليحمل الحسن والحسين ويضعهما بين يديه.

أخلاق النبي مع الخدم والضعفاء والمساكين:

عن أنس رضي الله عنه قال: "خدمت النبي عشر سنين، والله ما قال أف قط، ولا قال لشيء لم فعلت كذا، وهلا فعلت كذا"[14].

وعن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: "ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم خادمًا له، ولا امرأة، ولا ضرب بيده شيئًا قط، إلا أن يجاهد في سبيل الله"[15].

وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "ما خير رسول الله بين أمرين قط إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا كان أبعد الناس منه، وما انتقم لنفسه قط إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم".

وعن ابن أبي أوفى أن رسول الله كان لا يأنف ولا يستكبر أن يمشي مع الأرملة والمسكين والعبد حتى يقضي له حاجته[16].

نبي الرحمةرحمة النبي صلى الله عليه وسلم:

قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]، وقال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ} [آل عمران: 159]، وعندما قيل له: ادع على المشركين، قال : "إني لم أبعث لعانًا، وإنما بعثت رحمة"[17].

وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم من وليَ من أمرِ أمتي شيئًا، فشقَّ عليهم، فاشقُق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئًا، فرفق بهم، فارفق به".

وقال صلى الله عليه وسلم في فضل الرحمة: "الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء"[18].

وقال صلى الله عليه وسلم في أهل الجنة الذين أخبر عنهم بقوله: "أهل الجنة ثلاثة -وذكر منهم- ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم"[19].

عفو النبي صلى الله عليه وسلم:

عن أنس رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خلقًا، فأرسلني يومًا لحاجة، فقلت له: والله لا أذهب. وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به صلى الله عليه وسلم، فخرجت حتى أمرَّ على صبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا النبي قد قبض بقفاي من ورائي، فنظرت إليه وهو يضحك فقال: "يا أنس، أذهبت حيث أمرتك؟" قلت: نعم، أنا أذهب يا رسول الله، فذهبت[20].

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابي، فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَه مَه. قال: قال رسول الله : "لا تزرموه، دعوه". فتركوه حتى بال، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه فقال له: "إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول، ولا القذر، إنما هي لذكر الله، والصلاة، وقراءة القرآن". قال: فأمر رجلاً من القوم فجاء بدلو من ماء، فشنّه عليه[21].

تواضع النبي صلى الله عليه وسلم:

كان صلى الله عليه وسلم سيد المتواضعين، يتخلق ويتمثل بقوله تعالى: {تِلْكَ الدّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأرْضِ وَلاَ فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتّقِينَ} [القصص: 83].

وكان صلى الله عليه وسلم يجيب دعوة الحر والعبد، والغني والفقير، ويعود المرضى في أقصى المدينة، ويقبل عذر المعتذر، ويتواضع للمؤمنين، يقف مع العجوز، ويزور المريض، ويعطف على المسكين، ويصل البائس، ويواسي المستضعفين، ويداعب الأطفال، ويمازح الأهل، ويكلم الأمة، ويواكل الناس، ويجلس على التراب، وينام على الثرى، ويفترش الرمل، ويتوسّد الحصير، ولما رآه رجل ارتجف من هيبته، فقال صلى الله عليه وسلم: "هوِّن عليك، فإني ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكة"[22].

وكان صلى الله عليه وسلم يكره المدح، وينهى عن إطرائه ويقول: "لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم، فإنما أنا عبد الله ورسوله، فقولوا: عبد الله ورسوله"[23]، فكان أبعد الناس عن الكبر، كيف لا وهو الذي يقول : "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبدٌ، فقولوا: عبد الله ورسوله"[24].

كيف لا وهو الذي كان يقول صلى الله عليه وسلم: "آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد"[25].

كيف لا وهو القائل بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم: "لو أُهدي إليَّ كراعٌ لقبلتُ، ولو دُعيت عليه لأجبت"[26].

ومن تواضعه أنه كان يجيب الدعوة، ولو إلى خبز الشعير ويقبل الهدية. عن أنس رضي الله عنه قال: "كان صلى الله عليه وسلم يدعى إلى خبز الشعير، والإهالة السنخة[27] فيجيب"[28].

مجلسه صلى الله عليه وسلم:

كان صلى الله عليه وسلم يجلِس على الأرض، وعلى الحصير، والبِساط. عن أنس رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استقبله الرجل فصافحه لا ينزع يده من يده حتى يكون الرجل ينزع يده، ولا يصرف وجهه من وجهه حتى يكون الرجل هو يصرفه، ولم ير مقدمًا ركبتيه بين يدي جليس له"[29].

وعن أبي أمامة الباهلي قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم متوكئًا على عصا، فقمنا إليه، فقال: "لا تقوموا كما يقوم الأعاجم يعظم بعضهم بعضًا"[30].

زهد النبي صلى الله عليه وسلم:

كان صلى الله عليه وسلم أزهد الناس في الدنيا وأرغبهم في الآخرة، خيَّره الله تعالى بين أن يكون ملكًا نبيًّا أو يكون عبدًا نبيًّا، فاختار أن يكون عبدًا نبيًّا.

فكان صلى الله عليه وسلم ينامُ على الفراش تارة، وعلى النِّطع تارة، وعلى الحصير تارة، وعلى الأرض تارة، وعلى السرير تارة بين رِمَالهِ، وتارة على كِساء أسود‏، وكان بيته من طين، متقارب الأطراف، داني السقف، وقد رهن درعه في ثلاثين صاعًا من شعير عند يهودي، وربما لبس إزارًا ورداء فحسب، وما أكل على خوان قط.

قال أنس بن مالك رضي الله عنه: دخلت على النبي وهو على سرير مزمول بالشريط وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف، ودخل عمر وناس من الصحابة فانحرف النبي صلى الله عليه وسلم، فرأى عمر أثر الشريط في جنبه، فبكى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما يبكيك يا عمر؟" قال: وما لي لا أبكي وكسرى وقيصر يعيشان فيما يعيشان فيه من الدنيا وأنت على الحال الذي أرى. فقال صلى الله عليه وسلم: "يا عمر، أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة". قال: بلى. قال صلى الله عليه وسلم: "هو كذلك".

وكان من زهده صلى الله عليه وسلم وقلة ما بيده أن النار لا توقد في بيته في الثلاثة أهلة في شهرين؛ فعن عروة رضي الله عنه قال: عن عائشة -رضي الله عنها- أنها كانت تقول: "والله يا ابن أختي، كنا لننظر إلى الهلال ثم الهلال ثلاثة أهلة في شهرين، ما أوقد في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار. قلت: يا خالة، فما كان عيشكم؟ قالت: الأسودان؛ التمر والماء"[31].

وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: "كان النبي يبيت الليالي المتتابعة طاويًا وأهله لا يجدون عشاءً، وكان أكثر خبزهم الشعير"[32].

عبادة النبي صلى الله عليه وسلم:

كان صلى الله عليه وسلم أعبد الناس، ومن كريم أخلاقه صلى الله عليه وسلم أنه كان عبدًا لله شكورًا؛ فإن من تمام كريم الأخلاق هو التأدب مع الله رب العالمين، وذلك بأن يعرف العبد حقّ ربه عز وجل عليه فيسعى لتأدية ما أوجب الله عليه من الفرائض، ثم يتمم ذلك بما يسّر الله تعالى له من النوافل، وكلما بلغ العبد درجةً مرتفعةً عاليةً في العلم والفضل والتقى، عرف حق الله تعالى عليه، فسارع إلى تأديته والتقرب إليه بالنوافل.

فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رب العالمين في الحديث القدسي الذي يرويه عن ربه: "إن الله تعالى قال: وما يزال العبد يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه"[33].

فقد كان صلى الله عليه وسلم يعرف حق ربه عز وجل عليه وهو الذي قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، على الرغم من ذلك كان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه -صلوات ربي وسلامه عليه- ويسجد فيدعو ويسبح ويدعو، ويثني على الله تبارك وتعالى، ويخشع لله حتى يُسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل.

فعن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه قال: "أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ولجوفه أزيزٌ كأزيز المرجل من البكاء"[34].

وعن عائشة -رضي الله عنها-: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه. فقالت عائشة: لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: "أفلا أكون عبدًا شكورًا"[35].

ومن تخلقه صلى الله عليه وسلم بأخلاق القرآن وآدابه تنفيذًا لأمر ربه أنه كان يحب ذكر الله، ويأمر به، ويحث عليه، قال صلى الله عليه وسلم: "لأن أقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، أحب إليَّ مما طلعت عليه الشمس"[36].

وكان صلى الله عليه وسلم أكثر الناس دعاءً، وكان من أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول: "اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار"[37].

وعن عائشة -رضي الله عنها- أنه كان أكثر دعاء النبي قبل موته: "اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت، ومن شر ما لم أعمل"[38].

رجمة للعالميندعوة النبي صلى الله عليه وسلم:

شملت دعوته صلى الله عليه وسلم جميع الخلق، فكان صلى الله عليه وسلم أكثر رسل الله دعوة وبلاغًا وجهادًا؛ لذا كان أكثرهم إيذاءً وابتلاءً، منذ بزوغ فجر دعوته إلى أن لحق بربه جل وعلا.

وكانت دعوته صلى الله عليه وسلم على مراتب؛ المرتبة الأولى‏:‏ النبوة،.‏ الثانية‏:‏ إنذار عشيرته الأقربين‏،‏ الثالثة‏:‏ إنذار قومه‏.، الرابعة‏:‏ إنذار قومٍ ما أتاهم من نذير من قبله وهم العرب قاطبة‏، الخامسة‏:‏ إنذارُ جميع مَنْ بلغته دعوته من الجن والإِنس إلى آخر الدهر.‏

وقد قال الله جل وعلا لنبيه صلى الله عليه وسلم: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: 108].

وكانت دعوته صلى الله عليه وسلم كلها رحمة وشفقة وإحسانًا وحرصًا على جمع القلوب، وهداية الناس جميعًا مع الترفق بمن يخطئ أو يخالف الحق والإحسان إليه، وتعليمه بأحسن أسلوب وألطف عبارة وأحسن إشارة، متمثلاً قول الله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 12].

ومن ذلك لما جاءه الفتى يستأذنه في ال***؛ فعن أبي أُمامة رضي الله عنه قال: إن فتًى شابًّا أتى النبي فقال: يا رسول الله، ائذن لي بال***. فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه مه. فقال له: "ادنه". فدنا منه قريبًا، قال: "أتحبّه لأمّك؟" قال: لا والله، جعلني الله فداءك. قال: "ولا الناس يحبونه لأمهاتهم". قال: "أفتحبه لابنتك؟" قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك. قال: "ولا الناس جميعًا يحبونه لبناتهم". قال: "أفتحبه لأختك؟" قال: لا والله جعلني الله فداءك. قال: "ولا الناس جميعًا يحبونه لأخواتهم". قال: "أفتحبه لعمتك؟" قال: لا والله، جعلني الله فداءك. قال: "ولا الناس جميعًا يحبونه لعماتهم). قال: "أفتحبه لخالتك؟" قال: لا والله، جعلني الله فداءك. قال: "ولا الناس جميعًا يحبونه لخالاتهم". قال: فوضع يده عليه، وقال: "اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصّن فرجه". فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء[39].

كرم النبي صلى الله عليه وسلم وجوده:

كان صلى الله عليه وسلم أكرم الناس وأجود الناس، لم يمنع يومًا أحدًا شيئًا سأله إياه، يعطي عطاء من لا يخشى الفقر؛ فهو سيد الأجواد على الإطلاق، أعطى غنمًا بين جبلين، وأعطى كل رئيس قبيلة من العرب مائة ناقة، ومن كرمه أنه جاءه رجل يطلب البردة التي هي عليه فأعطاه إياها ، وكان لا يردّ طالب حاجة، قد وسع الناس برّه، طعامه مبذول، وكفه مدرار، وصدره واسع، وخلقه سهل، ووجه بسّام.

وجاءته الكنوز من الذهب والفضة وأنفقها في مجلس واحد ولم يدّخر منها درهمًا ولا دينارًا ولا قطعة، فكان أسعد بالعطية يعطيها من السائل، وكان يأمر بالإنفاق والكرم والبذل، ويدعو للجود والسخاء، ويذمّ البخل والإمساك .

بل كان ينفق مع العدم ويعطي مع الفقر، يجمع الغنائم ويوزعها في ساعة، ولا يأخذ منها شيئًا، مائدته معروضة لكل قادم، وبيته قبلة لكل وافد، يضيف وينفق ويعطي الجائع بأكله، ويؤثر المحتاج بذات يده، ويصل القريب بما يملك، ويواسي المحتاج بما عنده، ويقدّم الغريب على نفسه، فكان آية في الجود والكرم، ويجود جود من هانت عليه نفسه وماله وكل ما يملك في سبيل ربه ومولاه، فهو أندى العالمين كفًّا، وأسخاهم يدًا، غمر أصحابه وأحبابه وأتباعه، بل حتى أعداءه ببرِّه وإحسانه وجوده وكرمه وتفضله، أكل اليهود على مائدته، وجلس الأعراب على طعامه، وحفّ المنافقون بسفرته، ولم يُحفظ عنه أنه تبرّم بضيف أو تضجّر من سائل أو تضايق من طالب، بل جرَّ أعرابي برده حتى أثّر في عنقه وقال له: أعطني من مال الله الذي عندك، لا من مال أبيك وأمّك. فالتفت إليه صلى الله عليه وسلم، وضحك وأعطاه.

شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم وجهاده:

كان صلى الله عليه وسلم أشجع الناس وأثبتهم قلبًا، لا يبلغ مبلغه في ثبات الجأش وقوة القلب مخلوق، فهو الشجاع الفريد الذي كملت فيه صفات الشجاعة، وتمّت فيه سجايا الإقدام وقوة البأس، وهو القائل: "والذي نفسي بيده، لوددت أنني أقتل في سبيل الله ثم أحيا ثم أقتل"[40].

لا يخاف التهديد والوعيد، ولا ترهبه المواقف والأزمات، ولا تهزه الحوادث والملمّات، فوّض أمره لربه وتوكل عليه وأناب إليه، ورضي بحكمه واكتفى بنصره ووثق بوعده، فكان يخوض المعارك بنفسه ويباشر القتال بشخصه الكريم، يعرّض روحه للمنايا ويقدّم نفسه للموت، غير هائب ولا خائف، ولم يفرّ من معركة قط، وما تراجع خطوة واحدة ساعة يحمي الوطيس وتقوم الحرب على ساق وتشرع السيوف وتمتشق الرماح وتهوي الرءوس ويدور كأس المنايا على النفوس، فهو في تلك اللحظة أقرب أصحابه من الخطر، يحتمون أحيانًا به وهو صامد مجاهد، لا يكترث بالعدوّ ولو كثر عدده، ولا يأبه بالخصم ولو قوي بأسه، بل كان يعدل الصفوف ويشجع المقاتلين ويتقدم الكتائب.

وقد فرّ الناس يوم حنين وما ثبت إلا هو وستة من أصحابه، وكان صدره بارزًا للسيوف والرماح، يصرع الأبطال بين يديه ويذبح الكماة أمام ناظريه وهو باسم المحيَّا، طلق الوجه، ساكن النفس.

وقد شُجّ صلى الله عليه وسلم في وجهه وكسرت رباعيته، وقتل سبعون من أصحابه، فما وهن ولا ضعف ولا خار، بل كان أمضى من السيف. وبرز يوم بدر وقاد المعركة بنفسه، وخاض غمار الموت بروحه الشريفة. وكان أول من يهبُّ عند سماع المنادي، بل هو الذي سنَّ الجهاد وحثَّ وأمر به.

وتكالبت عليه الأحزاب يوم الخندق من كل مكان، وضاق الأمر وحلّ الكرب، وبلغت القلوب الحناجر، وزلزل المؤمنون زلزالاً شديدًا، فقام يصلي ويدعو ويستغيث مولاه حتى نصره ربُّه وردَّ كيد عدوّه، وأخزى خصومه، وأرسل عليهم ريحًا وجنودًا، وباءوا بالخسران والهوان.

صدق النبي الكريم صلى الله عليه وسلم :

بل هو الذي جاء بالصدق من عند ربه، فكلامه صدق وسنّته صدق، ورضاه صدق وغضبه صدق، ومدخله صدق ومخرجه صدق، وضحكه صدق وبكاؤه صدق، ويقظته صدق ومنامه صدق، وكلامه كله حق وصدق وعدل، لم يعرف الكذب في حياته جادًّا أو مازحًا، بل حرّم الكذب وذمّ أهله ونهى عنه، وكل قوله وعمله وحاله مبني على الصدق، فهو صادق في سلمه وحربه، ورضاه وغضبه، وجدّ وهزله، وبيانه وحكمه، صادق مع القريب والبعيد، والصديق والعدو، والرجل والمرأة، صادق في نفسه ومع الناس، في حضره وسفره، وحلّه وإقامته، ومحاربته ومصالحته، وبيعه وشرائه، وعقوده وعهوده ومواثيقه، وخطبه ورسائله، فهو الصادق المصدوق، الذي لم يحفظ له حرف واحد غير صادق فيه، ولا كلمة واحدة خلاف الحق، ولم يخالف ظاهره باطنه، بل حتى كان صادقًا في لحظاته ولفظاته وإشارات عينيه، وهو الذي يقول -لما قال له أصحابه: ألا أشرت لنا بعينك في قتل الأسير؟-: "ما كان لنبي أن تكون له خائنة أعين"[41].

فهو الصادق الأمين في الجاهلية قبل الإسلام والرسالة، فكيف حاله بالله بعد الوحي والهداية ونزول جبريل عليه ونبوّته وإكرام الله له بالاصطفاء والاجتباء والاختيار؟!

صبر النبي صلى الله عليه وسلم:

لا يعلم أحد مرّ به من المصائب والمصاعب والمشاق والأزمات كما مرّ به ، وهو صابر محتسب، صبر على اليتم والفقر والجوع والحاجة، وصبر على الطرد من الوطن والإخراج من الدار والإبعاد عن الأهل، وصبر على قتل القرابة والفتك بالأصحاب وتشريد الأتباع وتكالب الأعداء وتحزّب الخصوم واجتماع المحاربين، وصبر على تجهّم القريب وتكالب البعيد، وصولة الباطل وطغيان المكذبين.. صبر على الدنيا بزينتها وزخرفها وذهبها وفضتها، فلم يتعلق منها بشيء، فهو الصابر المحتسب في كل شأن من شئون حياته، فالصبر درعه وترسه وصاحبه وحليفه، كلما أزعجه كلام أعدائه تذكّر {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ} [طه: 130]. وكلما راعه هول العدو وأقضّ مضجعه تخطيط الكفار، تذكّر {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف: 35].

مات عمه فصبر، وماتت زوجته فصبر، وقتل عمه حمزة فصبر، وأبعد من مكة فصبر، وتوفي ابنه فصبر، ورميت زوجته الطاهرة بالفاحشة كذبًا وبهتانًا فصبر، وكُذّب فصبر، قالوا له: شاعر كاهن ساحر مجنون كاذب مفتر فصبر، أخرجوه، آذوه، شتموه، سبّوه، حاربوه، سجنوه.. فصبر، وهل يتعلّم الصبر إلا منه؟ وهل يُقتدى بأحد في الصبر إلا به؟ فهو مضرب المثل في سعة الصدر وجليل الصبر وعظيم التجمّل وثبات القلب، وهو إمام الصابرين وقدوة الشاكرين .

مزاح النبي صلى الله عليه وسلم:

وكان صلى الله عليه وسلم ضحاكًا بسامًا مع أهله وأصحابه؛ يمازح زوجاته ويلاطفهن ويؤنسهن ويحادثهن حديث الود والحب والحنان والعطف؛ وكانت تعلو محيّاه الطاهر البسمة المشرقة الموحية، فإذا قابل بها الناس أسر قلوبهم أسرًا فمالت نفوسهم بالكلية إليه وتهافتت أرواحهم عليه، وكان يمزح ولا يقول إلا حقًّا، فيكون مزحه على أرواح أصحابه ألطف من يد الوالد الحاني على رأس ابنه الوديع، يمازحهم فتنشط أرواحهم وتنشرح صدورهم وتنطلق أسارير وجوههم.

يقول جرير بن عبد الله البجلي: "ما رآني رسول الله إلا تبسّم في وجهي".

وكان صلى الله عليه وسلم في ضحكه ومزاحه ودعابته وسطًا بين من جفّ خلقه ويبس طبعه وتجهّم محيّاه وعبس وجهه، وبين من أكثر من الضحك واستهتر في المزاح وأدمن الدعابة والخفة.

بل كان من هديه صلى الله عليه وسلم أن يمازح بعض أصحابه قال له أحد أصحابه ذات مرة: أريد أن تحملني يا رسول الله على جمل. قال: "لا أجد لك إلا ولد الناقة". فولّى الرجال، فدعاه وقال: "وهل تلد الإبل إلا النوق؟" أي أن الجمل أصلاً ولد ناقة[42].

وسألته امرأة عجوز قالت: يا رسول الله، ادع الله أن يدخلني الجنة. فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "يا أُم فلان، إن الجنة لا تدخلها عجوز". فولت تبكي، فقال: "أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز، إن الله تعالى يقول: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا أَتْرَابًا} [الواقعة: 35-37]"[43].

هذا غيض من فيض، وقطرة من محيط من خصال وأخلاق أعظم إنسان عرفته البشرية، جمعتها على عجل مساهمة متواضعة وكلمات مختصرة؛ لعل الله يفتح بها قلوبًا غلفًا إلى الحق، ويهدي بها أعينًا عميًا، لتدرك جانبًا يسيرًا من جوانب العظمة في حياة سيد الخلق وحبيب الحق صلى الله عليه وسلم.

المصدر: موقع صيد الفوائد.


hakimdima غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
أحسن, الله, الناس, النبي, خُلقًا, عليه, وأتقاهم, وأكرمهم, وسلم


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه للموضوع: النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خُلقًا وأكرمهم وأتقاهم
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم hakimdima ركن أخلاق المسلم 0 2016-08-13 03:06 PM
نسب النبي صلى الله عليه وسلم hakimdima قسم نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم 0 2016-07-28 08:01 PM
النبي صلي الله عليه وسلم والزهد hakimdima قسم نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم 0 2016-07-20 03:11 AM
سفراء النبي صلى الله عليه وسلم matic dz القسم الاسلامي العام 0 2016-06-17 02:48 PM
الى محبي النبي صلى الله عليه وسلم. maya قسم القرآن الكريم 3 2016-01-08 08:56 AM


الساعة الآن 07:06 PM


Designed & Developed by : kakashi_senpai
Preview on Feedage: %D9%85%D9%86%D8%AA%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A8%D9%8A%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1%D9%8A Add to My Yahoo! Add to Google! Add to AOL! Add to MSN
Subscribe in NewsGator Online Add to Netvibes Subscribe in Pakeflakes Subscribe in Bloglines Add to Alesti RSS Reader
Add to Feedage.com Groups Add to Windows Live iPing-it Add to Feedage RSS Alerts Add To Fwicki

Bookmark and Share

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML