الداعية محمد العريفي
قصة منعِه من التدريس والإمامة ثم الاعتقال
بالرغم من كل خرجات نفي خبر اعتقاله، حتى تلك التي صدرت على موقع الشيخ محمد
العريفي، الداعية السعودي الشهير نفسه، بعد عملية التحقيق معه ومنعه من النشاط
إعلاميا بالخصوص، إلا أن الأحداث توالت، وتأكد بأن الداعية الذي أجبر الناس على
احترام مواقفه هو حاليا وراء القضبان، باعتراف عدد من رجال الدين الذين صاروا
يغردون بصوت واضح، يبصمون فيه على أن الرجل دفع ثمن تغريداته ومواقفه من
القضايا التي تجري من حوله، خاصة في سوريا.
وكان الداعية محمد العريفي الحاصل على دكتوراه في العقيدة وهو تلميذ الشيخ عبد العزيز
بن باز، خارج التدريس في جامعة الملك سعود، منذ أن أثار ضجة إلكترونية في رمضان
الماضي عندما تجاوز رقم متابعيه عبر تويتر 8 . 5 مليون زائر، وارتقى إلى المركز الأول
في العالم العربي، ضمن مائة شخصية أولى في العالم.
لكن خرجاته السياسية بالخصوص، لم ترُق الكثير من الأنظمة ومنها السعودية والمصرية
عندما قدّم انتقادا لاذعا لطريقة التعامل مع الانقلاب على حكم الإخوان المسلمين والذي
حدث في 3 جويلية 2013، وأبان ميولا للجماعة على الأقل من باب الظلم الذي تعرضت
له، ولكنه في الفترة الأخيرة كان شاهدا على بعض الخلل في وسائل النقل، خلال فترة
الحج الذي أدى مناسكه هذا العام، حيث اعتبر قطار المشاعر المقدسة "غير منضبط في
مواعيده"، ولأن تغريداته يتابعها في الوقت الحالي قرابة عشرة ملايين مسلم في جميع
بقاع الدنيا، ثارت ثائرة المشرفين على مناسك الحج واعتبروا ما قام به "تشويهاً لصورة
المملكة"، وما تبذله من أجل راحة الملايين من الحجيج، فتم التحقيق معه وحاول موقعه
نفي ذلك.
وبالرغم من أن الشيخ تعرض للاعتقال والتحقيق باعترافه في عام 2013 بسبب موقفه
من انقلاب مصر، إلا أن توقيفه عن التدريس في جامعة الملك سعود وتجميد إمامته
للمصلين في جامع البواردي في جنوب الرياض، هو الذي جعل الأمور تطفو على السطح
ليتأكد خبر اعتقاله، وعاد إلى الأذهان مشروع جبهة العلماء الذي اقترحته السعودية لأجل
تأطير مقاتلي سوريا ضد نظام الأسد حتى تعطي لقتالهم طابعا شرعيا يتماشى مع الجهاد
وتمنع التجاوزات كما حدث مع "القاعدة" و"داعش"، ولكن الشيخ العريفي، الذي رحّب
بالفكرة، عندما زار تركيا وبدأ بوضع حجر أساس الجبهة، شمّ الرائحة الاستخباراتية
الأمريكية، وعلم بأن أهدافها سياسية ولا علاقة لها بالشرع، فانسحب في صمت، وخشي
النظام السعودي أن يقدّم وجهة نظره عبر موقعه المليوني فتم كتمُ أنفاس أحد أكبر دعاة
المملكة السعودية على الإطلاق.
وكان مفتي المملكة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله، قد أشار صراحة لتغريدات الشيخ
العريفي البالغ من العمر 44 سنة، عندما قال إن "الإساءة للبلاد عبر تويتر لا تجوز، وهي
تشهير مجاني ببلد يجتهد، من المرفوض أن نمنحه التشجيع وليس أن نحبطه بسبب بعض
الهفوات"، وبدأ سلفيون بإطلاق فتاوى تحرّم التغريدات أصلاً، وتراها "نتاج تقدم يؤدي إلى
الميوعة والنميمة"، أما متابعو الشيخ فأعادوا بث تدخله عندما تم توقيفه عن التدريس في
عام 2013، حيث قال بأنه مارس التجارة في تلك الفترة من خلال بيع التمر، فوجد نفسه
يكسب 20 ألف ريال شهرياً، ولم يكن يجني من ممارسته التدريس في الجامعة أكثر من 7
آلاف ريال، لكنه هذه المرة لم يتمكن من ممارسة التجارة، لأنه بالمختصر المفيد.. في
المعتقل.
الشروق اون لاين