الإهتمامات : التصميم، البرمجة، التنمية البشرية والذاتية،..
نقاط التقييم : 6315
معلومات الإتصال :
اسطورة الكونغ فو Wang Zi-Ping
وانغ زي بينغ
ولد وانغ زي بينغ في عام 1881خلال فترة غير مستقرة من عهد سلالة تشينغ
الحاكمة، آخر السلالات الإمبراطورية الحاكمة للصين في مقاطعة هيبي في مدينة
تسمى كانغ و تعرف أيضاً باسم كانغزو، لأسرة تمارس فنون القتال ..
في الماضي كانت كانغزو منطقة منعزلة للغاية، أثناء مواسم الجفاف، كانت مدينة
كانغزو تبدو كصحراء جرداء، و في مواسم المطر كان الماء يتدفق من النهر الأصفر
بلا تحكم إلى البلدة كلها، برغم أنها تبعد عنه 200 كليومتر تقريباً.
في النهاية بنيت قناة تجري عبر كانغزو، كان ذلك لأن كانغزو بين بكين و النهر
الأصفر.
في الجزء الأخير من القرن الثامن عشر، و بسبب أن كانغزو كانت قبالة القناة القديمة
أصبحت ميناءً معروفاً.. ما جعل كانغزو شهيرة حقاً. وكان من المعروف أن فرداً
واحداً على الأقل في كل عائلة كان يمارس الكونغ فو، و في مجتمع فنون القتال كانت كانغزو معروفة باسم ( عش الووشو)، و عبر التاريخ جيلاً بعد جيل، كان
هناك ممارس فنون قتال شهير من تلك المنطقة.
ولد وانغ زي بينغ في تلك المدينة، التي كانت تتكون على الأرجح من أقلية من الناس
من قومية هوي.. و كان من المنطقي أن يذهب الكثير من أبناء المسلمين إلى
المساجد كمدارس مجانية، و كان ذلك شيئاً خاصة بالعائلات المسلمة التي لم تكن
قادرة على إرسال أبنائها إلى المدارس ذات المصروفات الغالية. و كنتيجة لذلك كان
الكثير من الأطفال ملمين جيداً باللغة العربية.
نشأ وانغ زي بينغ في بيت مسلم صارم و بيئة قتالية صارمة، و هكذا أصبح طالباً
و ممارساً نادراً لفنون القتال.
كان جد و والد الماستر وانغ زي بينغ متقنين للكونغ فو ومعلمين مشهورين لهم
سمعه قوية، و من المثير للسخرية أن والد وانغ زي بينغ لم يكن يريد لابنه ممارسة
الكونغ فو من الأصل. و كانت أسبابه هي إنه كان يعتقد أن جسد ابنه لم يتطور بعد
بما يكفي بالنسبة لسنه و أن دراسة الكتب و مهارات الأعمال بدت أكثر أهمية بالنسبة
له، و تلائمه أكثر.
شعر والد وانغ زي بينغ أن عائلته كان تمارس الووشو جيلاً بعد جيل و أنهم قد
عانوا اقتصادياً، فأراد لابنه أن يكون قادراً على التركيز في مهنة أخرى ليزدهرلكن
الابن كان يلاحظ مهارات أبيه و جده تعرَض حيناً بعد آخر، فسحرته و تأصلت في
أعماق روحه وقلبه، و أراد أن يصبح مثلهما تماماً.. و برغم أن والده قاوم تعليمه
و لم يشجعه، فإنه بدعم من والدته الحنون تحدى أمنيات والده و تدرب سراً فكانت
إرادته القوية و إصراره هما من قاداه لأن يصبح ممارساً لا يصدق لفنون القتال
التقليدية.
في سن السادسة، و عندما رفض والده من الأصل تعليمه الكونغ فو، ذهب وانغ زي
بينغ الصغير إلى ضواحي القرية دون علم أحد... و حفر حفرة في الأرض و بدأ
التقليد لم يشاهده من أبيه و من تلاميذ أبيه. قفز فوق الحفرة، ثم بداخلها وخارجها
وكان قد قررفي أعماق روحه أن يكون ممارس لايصدق لفنون الكونغ فو .
و استغرق البحث من والدته القلقة عدة ساعات قبل أن تجده منهكاً من التمرين،
فحملت وانغ الصغير بعينين دامعتين بين ذراعيها، و قالت له بصوت محب و مشجع
" أيها الولد المطيع. لو أردت التدرب، يمكنك الذهاب و التدرب، سأواصل إعداد
بعض الطعام من أجلك، لكن عليك أن تكون مثابراً و ألا يكون لك رأس النمر و ذيل
الأفعى، إنني أؤمن بأنك ستصبح مقاتلاً عظيماً).
بدعم من والدته تدرب وانغ زي بينغ نهاراً و ليلاً، و بينما يكبر راح يحفر الحفرة
أعمق من قبل و يجعلها أكثر اتساعاً، و خلال سنوات قليلة كان قادراً على القفز
مسافة 10 أقدام إلى الأمام و ثمانية أقدام إلى الخلف من وضع الوقوف !!! و كان باستطاعته تخطي الأسوار العالية بسهولة !!!
مع نضوج وانغ زي بينغ أكثر، أخذ ما تعلمه و فهمه إلى قلبه، فأدرك أن معلمي
الجيل القديم كانوا ناجحين لأن تمارينهم كانت تشمل طرق البيدوغونغ
واللويشيوغونغ، و لم تكن البيدوغونغ و اللويشيوغونغ طرق تدريب خاصة فضلاً
عن ذلك، فقد خصصوا أوقات تدريب البيدو التي تعني حرفياً الأبراج الفلكية، تخصص
الليل عندما تظهر النجوم وقتاً لتدريب الووشو. لوشي التي تعني حرفياً ندى الصباح
تخصص لها الفجر الذي هو أيضاً وقت لتدريب الووشو. بالإضافة إلى تعليمات والده
الشخصية، تدرب وانغ زي بينغ يومياً بنفسه أثناء الصباح الباكر و الفجرـ فكان فقط
رفاقه في التدريب نجوم الليل وقطر الندى.
و بينما يكبر وانغ زي بينغ أيضاً، قرر بقوة وبروح لاتعرف المستحيل بأن يصل إلى قمة الكونغ فو . فقد أعد لنفسه نظاماً تدريبياً شديد الإلزام والصرامه
للغايه، فقرر أن لاتضيع عليه لحظه من وقته بدون تدريب فكان يسير من بيته على
يديه حتى اذا احس بالتعب سار على قدمية بوضعية المابو ثم اذا تعب مشى على يديه
وهكذا لمسافة الثلاثة كيلومترات حتى يصل لمكان هادئ للتدريب. و كان المكان
الهادئ غابة مقابلة لمقابر القرية المجاورة .
كان وانغ زي بينغ يعرف أن التدرب على فنون القتال يشمل الشجاعة و القوة
و تحقيق الفوز ثم الأسلوب، و كانت المقابر تقدم المكان المثالي للتدريب. كان من
الصعب أن يتواجد أي شخص هناك أثناء النهار فكيف يكون ليلاً. فالغابة و المقابر
كانا غرفة تدريباته المثالية. المكتملة بكل أدوات التدريب الطبيعية.
في الطريق إلى المقابر كان هناك نهراً، كان يسبح فيه بأثقال ليحسن تحمله و قوته،
أيضاً كان يحرك جلاميد ضخمة بحركة دورانية في الماء ليحسن من ثباته. عندما كان
يصل إلى المقابر كان يحيي النجوم. و عندما كانت ضوضاء الليل تحاول مقاطعة
تدريبه، كان يرحب بالأرواح الزائرة كرفاق تدريب.وفي نهاية التدريب وعند الذهاب
إلى البيت، كان يقف على يديه مرة أخرى ، و بشكل نصف زاحف و نصف قافز على
يديه و قدميه كان يعود قاطعاً كل ذلك الطريق إلى البيت.
في بدايات تدريبه، عندما كان يعود إلى البيت، كان أبيه يغلق المدخل إلى الفناء،
مشيراً إلى رفضه لعدم طاعة أمنياته، كان على وانغ زي بينغ أن يتسلق السور
العالي، للدخول إلى البيت. و بمرور الوقت، كان قادراً على القفز فوق السور العالي
بسهولة.
عندما كان يصبح داخل السور، كان يتسلل بخفة في الظلام إلى مكان اختباء خاص،
حيث قد أعدت له والدته القليل من قطع الطعام. ثم كان يتسلل إلى غرفته و يرقد فوق
العوارض بأعلى فراشه.
كان ينام فوق العارضة لتحسين حساسية توازنه أثناء النوم.
و بعد ساعات قليلة كان يبزغ الفجر، فكان ينهض و يبدأ نظامه التدريبه كله مرة
اخرى.
و عندما بلغ السادسة عشرة، كان وانغ زي بينغ معروفاً بالفعل بالقوة التي لا تصدق
التي طورها من تدريبه. وفيما بعد.. أطلق عليه اسم "ملك الألف رطل ذو القوة
الروحية"، فأثناء عمله الشاق طور قوة مدهشة مكنته في استخدامها كيفما يشاء.
كان باستطاعته القيام بالتدريبات العنيفة و المرنة، و كان باستطاعته القفز عالياً
و إلى مسافة بعيدة، و كان يستفيد من أساليب (تي) و (دا) و (شواي) و (نا)
كما كان يريد.
كان معلماً لأساليب الشاولين و تشا تشاون و لأسلوب با جي تشوان (القبضات
الثمانية الفائقة) و أسلوب تشين لونغ جيان ( سيف التنين الأخضر)، كما أصبح
خبيراً في أساليب عديدة للكونغ فو، و كان على دراية كبيرة بكل الأسلحة الرئيسية،
وفي التشن نا (أسلوب قتالي صيني للتحكم فيمنع حركة العضلات و قفل المفاصل)
والمصارعة الصينية و القتال الحر و دريبات تشي كونغ (تدريبات جسدية و تدريبات
للتنفس) الشاقة و المعتدلة. و التقنيات الجسدية الخفيفة و الكثير من الأشياء
الأخرى. و وصف بأنه كان مقاتلاً ذا بنية قوية.
أحد أكثر المؤرخين الصينيين الموثوق بهم للووشو القديم، تانج هاوروت قال في
كتابه "الرؤية الواسعة لفنون القتال الصينية" قال:
(وانغ زي بينغ هو شخصية بارزة من كانغزو. ورث مهاراته من عائلته. إنه خبير
في الباجي تشوان و الباكوا و الشنيي و التايجي و التشاكوان و الهواكوان
و الهونغكوان و الباوكوان .. يمكنه رفع ثقل يزن ألف رطل، و لذا كان معروفاً
بشكل أفضل بلقب "رجل الألف رطل القوي". إنه أكثر من خبير بشئون الووشو. في
العام الثامن لتأسيس الجمهورية "عام 1918"، هزم رجل أجنبي قوي ادعى إنه
الأقوى في العالم. كانت لديّ الفرصة لتبادل التقنيات معه أثناء عملنا كحكام في
المنافسات الوطنية. و القول فقط بأن وانغ زي بينغ هو رجل قوي، يعد قولاً
مجحفاً...)
كان وانغ زي بينغ قد ولد في الجزء الأخير من عهد سلالة كين الفاسدة، و نجا بعد
حربين أهليتين من الحروب الصينية و من الحرب العالمية الثانية، عاش في وقت
كانت فيه الكثير من الأمم تستغل الصين، برز في تلك الأوقات المضطربة ليس فقط
كرجل قوي، و ليس فقط كخبير فنون قتال، بل كان أيضاً وطنياً شهيراً. و بمرور
الوقت، هزم منافسين أجانب في العديد من المنافسات الرسمية و غير الرسمية مما
جعل الناس يعلمون ان قوة اساليب الووشو خطيرة للغاية، بل حتى إنه في إحدى
المرات هزم بمفرده سرية من الشرطة العسكرية الأجنبية قد تحدته وقد شهد هذا
الحادث كثير من الناس.
انتشرت وطنية وانغ زي بينغ و قدرته القتالية في الووشو سريعاً عبر الصين كلها،
و في عام 1928 عندما تشكل معهد غووشو المركزي، دُعي وانغ زي بينغ ليصبح
رئيساً لقسم الشاولين.
صورة للمسئولين عن معهد غووشو المركزي - وانغ زي بينغ هو الأول من جهة اليسار.
كان أيضاً نائباً لرئيس مجلس إدارة رابطة فنون القتال الصينية، و لهيئة الووشو
العليا بالصين. و حصل على العديد من الألقاب و تولى العديد من المسئوليات.. بما
في ذلك مستشار المستشفيات الرئيسية في الصين حيث كان وانغ أيضاً طبيباً
مشهوراً، و قام بتقديم إنجازات طبية عديدة في سنواته الأخيرة. كما أنه كان أيضاً
خبيراً مشهوراً في طب الجروح و الطب الصيني التقليدي. و تخصص في تجبير
الكسور و طب الجروح و طب الأعشاب،لقد دمج معرفته وخبرته للتشين نا للتحكم
في حركة العضلات و المفاصل و مهارة استقرار العظام، طور ما أصبح نظاماً معروفاً
جيداً من العلاج للإصابات الرياضية و المتعلقة بالووشو في الصين الشمالية.
عمل في قريته لفترة قصيرة، لكنه انضم للجيش من أجل تعليم الجنود الكونغ فو .. خلال سنوات عديدة من الفوضى و الحرب، كان المعلم وانغ مجبراً على السفر في
جميع أنحاء الصين و العمل بجميع المهن، لكنه لم يتوقف أبداً عن ممارسة الكونغ فو
منذ تعلمه في السادسة و حتى تجاوز الثمانين من عمره..
ابتكر أسلوب تشين لونغ جيان (سيف التنين المرن) و طوره بعد تحليله لأساليب
عديدة من المبارزة بما فيها المبارزة الغربية و الكيندو الياباني (طريقة قتالية يابانية
لاستعمال السيف).
في عام 1960 صحب رئيس الوزراء الصيني الأول زو إلناي إلى كمبوديا. في ذلك
الوقت كان معلماً لعرض الكونغ فو الصيني و كان في الثمانين من العمر. و مع
ذلك.. برهن على حبه لفنون القتال، فقد قام بعمل عرض لأسلوبه تشين لونغ جيان
(سيف التنين المرن) بحماسة و مهارة بدت أكثر شباباً من سنه.
و برغم إنه كان ممارساً محترماً لفنون القتال مشهوراً في طول البلاد و عرضها، إلا
أنه لم يقبل أبداً أية نقود مقابل عروضه، متعللاً بأن هدفه كان تطوير فنون القتال.
لخص وانغ زي بينغ خبرات حياته في فنون القتال و الطب الصيني التقليدي في كتابه
" التمارين العشرون العلاجية لعلاج الأمراض و إطالة العمر"، الذي نشر في عام
1958، و تمت ترجمته إلى العديد من اللغات العالمية، التي تضمنت اليابانية
و الإنجليزية و الفرنسية. هذا العمل الذي أفاد الناس في جميع أنحاء العالم، و كان
أثراً باقياً يليق بحياته الغير العادية.
وفي اواخر حياته وعندما بلغ من العمر 93 عاماً اصابه المرض واقعده على
الفراشحتى توفي في عام 1973.. عن عمر ناهز 93 عاماً.