العدل
أساس كل أمن , وطريق كل عيش ٍ سعيد , وأمنية المظلوم , ورغبة من يشتكي الجور والبهتان 0
هو التساوي بين المخلوقين , والتراحم فيما بينهم , والمحافظة على حقوقهم , والأخذ على يد جاهلهم وضعيفهم وصغيرهم 0
العدل هو ميزان الله تعالى في الأرض الذي يؤخذ به للضعيف من القوي , والمحقّ من المبطل 0
ويلزم على كل من وُلِّي أمراً من أمور المسلمين أن يعدل فيما بينهم وأن يتقي الله في حقوقهم , فقد ورد أن من السبعة الذين يظلّهم الله في ظلّه يوم لا ظلَّ إلاّ ظلّه " إمامٌ عادل " متفقٌ عليه
وقبل هذا قال الله تعالى : {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى.... الآية } النحل (90)
وقيل قديماً : " اعلم أن عدل الإمام يوجب محبته , وجوره يوجب الافتراق عنه "
وكتب بعض عمّال عمر بن عبد العزيز - يشكو إليه من خراب مدينته ,ويسأله مالاً يرمِمُها به - فكتب إليه عمر بقوله : " قد فهمت كتابك فإذا قرأت كتابي هذا فحصّن مدينتك بالعدل , ونقِّ طرقها من الظلم فإنه يرمِمُها"
ومن عدل الرسول صلى الله عليه وسلّم وهو النبي العادل عدله بين أزواجه عليه الصلاة والسلام إذْ أنّه كان إذا أراد أن يخرج إلى الغزو أقرع بين نسائه فأيتهن يخرج سهمها خرج بها " رواه البخاري 0
فحريٌّ بك أيها المسلم العدل في جميع شؤون حياتك . في بيتك , وفي عملك , وبين أهلك وجيرانك وأصدقائك ومرؤوسيك .
فبالعدل تسير الحياة كما نريد ويريدها الله جل في علاه , وبالعدل يتم لنا الرضى بما قسم الله لنا من أرزاق وأموال وأولاد , وبالعدل تهنأ النفوس , وتستريح الأفئدة , وتبتهج الخواطر 0
قال تعالى : { وأقسطوا إن الله يحب المقسطين } الحجرات (9)
الصدق
لأن من سلك دربه وصل , ومن لزِمه نجى , ومن عمل على إقامته أُجِر , ولأنه سمةٌ من سمات المؤمنين , وخُلُق من أخلاق المتقين , وصفةٌ من صفات أهل الفضل , فقد حرّص عليه الإله جل شأنه , ووعد من يتّصف به دار النعيم . ذلكم هو الصدق , منارة الحق , وعنوان الولاء لله تعالى
قال تعالى في محكم التنزيل { والصادقين والصادقات } الأحزاب (35)
وقال { فلو صدقوا الله لكان خيراً لهم } محمد (21)
وهو علامة لأهل الإصلاح , وحجة الأنبياء والرسل للناس فهذا نبينا عليه الصلاة والسلام كان يسمّى قبل الإسلام بالصادق الأمين , وهذا إسماعيل عليه السلام يقول عنه الله تعالى : { واذكر في الكتاب إسماعيل إنّه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبيّا } مريم (54).
عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلّم : " إن الصدق يهدي إلى البر , وإن البر يهدي إلى الجنّة , وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صدّيقا..... الحديث 0متفقٌ عليه
الصدق ملاذاً من الشبهات , ومأوى من الريبة , وهو ركن الطمأنينة , وأحق الأركان وأعمدها , وأصل المروءات وأنبلها 0
عن أبي محمد الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما قال : " حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلّم . دع ما يريبك إلا مالا يريبك , فإن الصدق طمأنينة , والكذب ريبة " رواه الترمذي وقال حديث صحيح 0
وقال محمد الورّاق :
الصدق منجاةٌ لأربابه وقربةٌ تدني من الربِّ
وقال عمر رضي الله عنه " عليك بالصدق وإن قتلك "
ووافقه قول الشاعر :
عليك بالصدق ولو أنّه أحرقك الصدق بنار الوعيدْ
وابغ رضى المولى فأغبى الورى من أسخط المولى وأرضى العبيدْ
وأصدق من ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلّم " تحروا الصدق وإن رأيتم أن الهلكة فيه , فإن فيه نجاه " رواه ابن أبي الدنيا0
وقال الغزالي في (خلق المسلم) " العمل الصادق هو العمل الذي لا ريبة فيه لأنه وليد اليقين ,ولا هوى معه لأنه قرين الإخلاص , ولا عوج عليه لأنه نبعٌ من الحق "
وقال ابن القيّم رحمه الله " ومن صدق الله في جميع أموره صنع الله له فوق ما يصنع لغيره , وهذا الصدق معنى يلتئم من صحة الأخلاق وصدق التوكل , فأصدق الناس من صح إخلاصه وتوكله "
وقيل : أحسن الكلام ما صدق فيه قائله , وانتفع به سامعه 0
الصدق يضيف إلى نجاح الأمة نجاح , وإلى رقيّها رقي , وإلى ثرواتها ثروات 0
قال المهلّب ابن أبي صفرة " ما لسيف الصارم في يد الشجاع بأعزّ له من الصدق "
قال الله تعالى : { ليس البر أن تولوا وجوهكم قِبَل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون } البقرة (177)0
منقول