لم تنفك الدّول الغربيّة يوماً عن التّفكير في السّيطرة على مقدّرات كثيرٍ من الدّول العربيّة، لذلك حرص الإستعمار الغربي على تطبيق سياسات استعماريّة تضمن له السّيطرة على ثروات الوطن العربي من خلال تقسيم الدّول العربيّة وزرع بذور التّشاحن والتّنافر بينها، ومن بين الدّول العربيّة التي طمعت فيها الدّول الإستعماريّة الجزائر، فقد بقيت الجزائر محتلّة من قبل الفرنسيّين لمدّة تزيد عن قرن من الزّمان مارس فيها الاستعمار الفرنسي أبشع صنوف التّعامل مع الشّعب الجزائري حيث أخضعه لعددٍ من السّياسات التي ساهمت في إبعاده عن هويته وثقافته وتمثّلت في منع تدريس اللّغة العربيّة في المدراس وإنشاء المدارس الفرنسيّة وتشجيعها، إلى جانب زرع بذور الخلاف والتّناحر بين مكوّنات المجتمع الجزائري من عرب وأمازيع.
يعود سبب الاحتلال الفرنسي للجزائر إلى المطامع الفرنسيّة في السّيطرة على بلد يزخر بالثّورات الطبيعيّة، إلى جانب العداء التّاريخي الفرنسي للعثمانيّين الذين كانوا يسيطرون على الجزائر ضمن الدّولة العثمانيّة، وقد كان البعد الدّيني سبباً رئيسيًّا في الصّراع حيث تشكّل هويّة الجزائريين الإسلاميّة عقدةً للفرنسيين، وعلى الرّغم من أنّ الفرنسيّين قد حدّدوا سبباً لاحتلال الجزائر وهو هجوم أهالي عنابة في الجزائر على سفينة فرنسيّة في حادثة سمّيت بحادثة المروحة إلا أنّ هذا السّبب لا يعدو كونه ستار أو قناع أخفت فيه فرنسا وجهها الإستعماري القبيح ومطامعها في السّيطرة على الجزائر.
مرّ الاحتلال الفرنسي للجزائر بمرحلتين رئيسيتين، المرحلة الأولى وهي مرحلة الحصار البحري للجزائر والذي استمر لمدة تقارب ثلاث سنوات من عام 1827 إلى عام 1830 ميلادي، حيث أطبقت القوات الفرنسيّة الحصار على أساطيل الجزائر ومنعتها من الإبحار بحريّة، ثمّ في عام 1930 قرّرت فرنسا وتحت ذريعة الرّد على حادثة المروحة تجهيز جيش كبير من أجل الهجوم على الجزائر، حيث توجّهت قوات فرنسيّة من ميناء طولون جنوب فرنسا متّجهةً إلى السّواحل الجزائريّة حيث وصلت أخيراً إلى ميناء سيدي فرج في الجزائر وأنزلت قواتها فيه لتنتشر بعدها القوات الفرنسيّة في الجزائر ويتم السّيطرة على مدينة الجزائر وتوقيع الداي حسين معاهدة الاستسلام والتي استسلمت بموجبها القوات الجزائريّة للقوات الفرنسيّة وتمّ انهاء الحكم العثماني للجزائر وخروج الداي حسين من البلاد لتعمل القوات الفرنسية بعدها الفوضى والتّخريب والنّهب في المدن الجزائريّة، وقد حدثت ثورات شعبيّة في الجزائر كان أبرزها ثورة الأميرعبد القادر الجزائري إلّا أنّها هزمت لتنطلق ثورة التّحرير الجزائريّة مجدّداً عام 1954 وتستمر ما يقارب ثمان سنوات انتهت بإعلان استقلال الجزائر عام 1962.
منقول