كل النوارس التي لم تراني تعرفني... أظنها تعرفني... كنت أعشق الوحدة، أدخل الغرفة... على ضوء شمعة أستلقي على ظهري... ما هي إلا لحظة ، حتى أصنع من خطوط الوهم أجنحة ... أطير مع كل نورس طائر... أداعب كل زهرة... أبني من رمال الخيال قصرا... أصنع من المحبة قصيدة رائعة ... من أعماقي أبني ناطحة سحاب ... أرى منها وحدي ... أرى العالم كله ... و ذات مرة ليس ككل مرة... دخلت الغرفة ، لأول مرة أرى غرفتي قبرا ... أرى سريري لحدا ... لا إنه تعب المحاضرة... هكذا أقنعت نفسي... أشعلت الشمعة، كانت الليلة مقمرة ... لأول مرة ... أطل البدر من النافذة... فأطفأت الشمعة... استلقيت على ظهري... على ضوء البدر البعيد... غصت في أعماق بحر التفكير... بأجنحتي الوهمية طرت أنشد الحرية... بأحلام وردية... لكن تدخل واقعي المر ليفصل في القضية... دارت بينه و بين حلمي مناظرة... لماذا تعشق كل زهرة؟... لأن نفسي تملك جمال كل زهرة... لماذا تريد أن تعيش حرا؟... لأني كرهت أن أكون لغير الله عبدا...لماذا تريد أن تكون طفلا؟... لأنه لا يعرف الغدر و الخيانة... لماذا؟... لماذا؟... تحولت المناظرة إلى مشاجرة ... صرخت لأصحو على ضجة في الشرفة... أسرعت لأجد أن قطا قد حطم أجمل شيء في تلك الغرفة... إنها زهرة... نسيت أن أراها لأول مرة... حطمها الواقع ليثبت أنه الأجدر بأن يذكر... ليثبت للحلم أنه هو الأقدر... في زمن الحلم فيه ذنب لن يغفر ... بعين تزاحمها دمعة... و يدان ترتجفان أحكمت النافذة و عدت لأستلقي من جديد... و قد نقشت في ذاكرتي أجمل صورة لتلك الزهرة.