الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه-، ولد في مكة ولكنَّهُ انتقل وأهلهُ إلى مدينة يثرب بسبب ثأر كانَ على والدهِ اليمان ،وقد أسلم بدون انْ يشاهد الرسول صلَّ اللهُ عليهِ وسلَّم ،وذلكَ بعدَ أنْ بايعه أهلُ المدينة من الأوس والخزرج في مكة ولم يكنْ معهم ، وقد قال عنه الرسول لمَّا ساله أهو من المهاجرين أو الأنصار ،"إنكَ يا حذيفة من المهاجرين والانصار .
أكثر ما اشتهر بهِ الصحابي الجليل خذيفة انَّ الرسول محمد عليهِ الصلاةُ والسَّلامْ قد ائتمنه على أسماء كلِّ لمنافقين اللذينَ في المدينة ، وبذلكَ سمِّيَ "أمينْ سر الرسول" ، حتَّى أنَّ الصحابي عمر بن الخطاب ،كانَ كلَّما توفي رجلٌ من المدينة تفقَّدَ حذيفة بن اليمانْ في صلاة الجنازة على هذا الرجل ،فإنْ لم يكن بينَ المصلينْ لم يصلِّ على هذا الميتْ ،لأنَّهُ بن اليمان لنْ يصلي على منافقْ ، ولسيدنا حذيفة بن اليمان قصة رائعة في الإيمان والصبر ،حذثت في غزوة أحد حيثُ شاهد مقتل والدهِ على ايدي أخوته من المسلمين بالخطأ ،فنادى فيهم أنَّهُ والده ، ولكنَّ السيوف سبقت المنادي ، واستشهد والده رحمةُ اللهِ عليه ،حتَّى إذا انتبه المسلمون لما فعلوه انقبضوا وحزنوا على هذهِ الخطيئة الفادحة ، ولكنَّ الصحابي ابن اليمان نظر لهم وقال مقولته الشهيره "يغفر اللهُ لكم ، وهو أرحم الراحمين " ،ثمَّ تناول سيفه وعادَ إلى رحى المعركة ، ولمَّا انتهت وعلم الرسول ما حدث أمر بالدية لحذيفة ، فأخذها وتصدق بها رضيَ اللهُ عنه ، وأرضاه . وقد عرفَ عنهُ مناقب الشجاعة والفروسية ، فقد تسلل إلى معقل المشركين في موقعة الخندق تحت جنح الليل، وتسمَّعَ أخبارهم وعادَ بها إلى النبي "عليهِ الصلاةُ والسَّلامْ " ، كما أنَّه في معركة نهاوند تناول الراية بعدما استشهد قائد جيوش المسلمين " النعمان بن مقرن " ، وقاتل بها حتَّى انتصر المسلمون على الفرس انتصاراً ربانياً خالداً ،وقد شهد وشارك في فتوحات العراق ،وعينه عمر بن الخطاب على الدائن ووصى أهلها بطاعته وسماعه ، ومما عرف عنه أيضاً زهدهُ وورعه ، فما كانَ يأتيه من مال من أمير المؤمنين ليقضي حاجته ،كانَ يقسمه على فقراء المسلمين وأقاربه .
وقد ذكرَ عنهُ مقولةٌ رائعة قبيل وفاته لمَّا جاءهُ أصحابه بأكفانٍ جديدة فارهة : (ما هذا لي بكفن، انما يكفيني لفافتان بيضاوان ليس معهما قميص، فاني لن أترك في القبر الا قليلاً، حتى أبدل خيراً منهما، أو شراً منهما)، ثمَّ قالَ آخرَ كلماته متمتماً : (مرحباً بالموت، حبيب جاء على شوق، لا أفلح من ندم) ،ثمَّ فاضت روحه إلى خالقها ومطهرها ،عام 36 هجري ،وبقيَ نوره دليلاً خالداً لكلِّ مسلمٍ ومسلمة إلى يومِ الدينْ .