أفضى قرار سحب قوات الأمن من الملاعب في بطولة الاحتراف إلى حالة تسيب كبيرة وتراشق بالحجارة بين مناصري اتحاد الجزائر ومولودية بجاية، في مباراة افتتاح الموسم الكروي الذي يغلب عليه العنف وتبذير الأموال التي يستفيد منها اللاعبون والمدربون على شكل “رشقة”. وقد تحول ملعب عمر حمادي ببولوغين، أمس، قبل نحو نصف ساعة عن انطلاق المباراة، التي انتهت بفوز الاتحاد بهدفين لصفر، إلى حلبة صراع بين أنصار الفريقين، تبادل فيها الجانبان التراشق بالحجارة، وسط غياب تام لرجال الشرطة، بينما تعذر على بعض أعوان الملاعب التحكم في الوضع، وفر الجميع من “جحيم” الحجارة، ما أرغم نحو مائتي مناصر بجاوي للفرار من الملعب. وحدث ذلك أيضا في غياب رئيس رابطة كرة القدم المحترفة محفوظ قرباج الذي فضل الذهاب في عطلة على حضور مباراة الافتتاح والوقوف على عدم التحضير لما بعد انسحاب الشرطة من الملاعب.
جعل مباراة الاتحاد أمام “الموب” بارومتر لقياس تداعيات القرار الجديد، منح مؤشرات قوية بأن بطولة الاحتراف لهذا الموسم ستكون الأكثر عنفا وبأن المدرجات ستتحول إلى صراعات دامية بين مناصري الفريقين وبين مناصري الفريق الواحد، قياسا بعدم جاهزية النوادي والرابطة والاتحادية للتأقلم مع الوضع الجديد، الذي يتطلب سنوات وآليات لإرساء هذا الإجراء الجديد، من خلال التعاقد مع شركات حراسة خاصة يمكنها أن تحل محل الشرطة على مستوى المدرجات وتفادي وقوع أية انزلاقات. ما حدث بملعب عمر حمادي ببولوغين أمس، وهروب أنصار مولودية بجاية لقلة عددهم بسبب الحجارة الملقاة عليهم، يعيد التساؤل حول خلفيات القرار الغريب والعجيب لسحب الشرطة من الملاعب دون تحضير بديل يضمن الحفاظ على أمن وسلامة المناصرين، في وقت لم تتخلص الكرة الجزائرية من علامتها المميزة “بطولة الفضائح” التي تمنح، كل موسم، مادة دسمة لكل المنابر الإعلامية العالمية لتناول قضايا الرشوة والمنشطات والعنف والتراشق بالحجارة والاعتداءات بالأسلحة البيضاء على المناصرين والمواطنين وعلى اللاعبين أيضا، والتسبب في مقتلهم أيضا، وتهاوي الملاعب الجزائرية على رؤوس عشاق الكرة. وستضع الجماهير الجزائرية اليوم أيديها على قلوبها وهي تترقب انطلاق بقية مباريات الجولة الأولى بعنوان “مدرجات دون شرطة”، حتى تقف على مخلفات ذلك بين مناصري النوادي، خاصة أن “العداء” يبقى قائما بين المناصرين من مخلفات صدامات المواسم الماضية. وسيمنح قرار سحب الشرطة من المدرجات الفرصة لترسيخ منطق “الثأر”، وهي مؤشرات تنطبق على ملعب إمام إلياس بالمدية بمناسبة مباراة الصاعدين الجديدين، أولمبي المدية وشباب باتنة، قياسا بما حدث من تجاوزات في مباراة الفريقين الموسم الماضي بباتنة في الرابطة المحترفة الثانية. وتقترح الجولة الأولى من البطولة مواعيد كروية هامة جدا مصنفة “حساسة”، مثلما هو الحال بالنسبة لـ«كلاسيو” شبيبة القبائل ومولودية الجزائر، أو القمة الواعدة بين شباب قسنطينة ووفاق سطيف، إلى جانب مباراة شباب بلوزداد ومولودية وهران، أو اتحاد بلعباس أمام اتحاد الحراش، فكلها مباريات مهمة ينتظر أن يحضرها بقوة مناصرو الأندية من الجانبين، ما يعرض حياة المناصرين لخطر حقيقي بسبب عدم التحضير لما بعد انسحاب قوات الأمن من الملاعب.
وأصبح الوضع الجديد، في نظر بعض الفاعلين في الكرة، واضح المعالم، وأسر هؤلاء متهكمين بأننا سنحضر، بعد انسحاب الشرطة، إلى بطولة استثنائية وتاريخية، ستشهد معاقبة كل الملاعب بسبب تصرفات غير رياضية، بإجراء المباريات دون حضور الجماهير أصلا، وستنتهي البطولة، في نفس الطرح الهزلي، بتحقيق كل فريق لـ 15 انتصارا بأرضه وخسارته لـ 15 مباراة خارج قواعده، بمعنى أن كل النوادي ستنهي البطولة بـ 45 نقطة، وما يصنع الفارق هو فارق الأهداف.
منقول