كان من عناية الله بأنبيائه ورسله والصالحين من عباده أن يعز حَبيبه وصفيه صلى الله عليه وسلم ويخزي الكفار بأضعف المخلوقات فيرسل له نباتاً وعنكبوتاً وزوجاً من الحمام في الغار
والغار عبارة عن حجر من الجبل له باب فيخرج النبات في وسط هذا الباب نبات كبير مشهور في الصحراء اسمه (أم غيلان) يخرج منه فروع كثيرة مثل القطن ولذلك يستخدمونه في صناعة المراتب والألحفة وغيرها ، وغطى الباب كله وبقى جزء صغير وفي الحال نزل العنكبوت ونسج عليه الخيوط وفي الحال جاءت الحمامتان على العش وتحتهما البيض والأغرب من ذلك أرادوا أن يعرفوا إلى أين وصل الرسول؟ وقال لهم الأدلاء الذين معهم إلى هنا انقطع الأثر ولا نعرف إلى أين اتجهوا
وطبعاً المشي على الرمل يتعب والمشي على الصخر يتعب أيضاً فعندما يمشي رسول الله على الرمل يتماسك حتى لا يتعب الرسول ولا يترك أثراً في الأرض ، والحجر عندما يمشي عليه الرسول يلين حتى لا يتعبه ويؤثر في الحجر، فوجدوا أن الأثر انقطع في وسط الطريق
والأعجب من ذلك أن بين هذا الجبل وبين مكة حوالي سبعة كيلو مترات ولكن الرسول قطعهم في لحظات كيف ذلك؟ لأن الأرض تطوى لرسول الله ، يقول سيدنا أبو هريرة: {مَا رَأَيْتُ شَيْئاً أَحْسَنَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ كَأَنَّ الشَّمْسَ تَجْرِي في وَجْهِهِ ، وَمَا رَأَيْتُ أَحَداً أَسْرَعَ في مَشْيِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ كَأَنَّمَا الأَرْضُ تطْوَى لَهُ إِنَّا لَنُجْهِدُ أَنْفُسَنَا وإِنَّهُ لَغَيْرُ مُكْتَرِثٍ}{1}
ويذهب الكفار إلى الغار ويقفون على بابه في حيرة لماذا؟ والجواب هو ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فى معنى حديثه الشريف أن العنكبوت جند من جنود الله ، وفي ذلك يقول الإمام البوصيري رضي الله عنه :
فالصِّدْقُ في الغارِ والصِّدِّيقُ لَمْ يَرِما وَهُمْ يقولونَ ما بالغارِ مِنْ أَرمِ
ظَنُّوا الحَمامَ وظَنُّو العَنْكَبُوتَ على خيْرِ البَرِيَّةِ لَمْ تَنْسُجْ ولمْ تَحُم
وِقَايَةُ اللـه أغْنَتْ عَنْ مُضاعَفَةٍ مِنَ الدُّرُوعِ وعَنْ عالٍ مِنَ الأُطُمِ
ما سامَنِي الدَّهْرُ ضَيْماً وَاسْتَجَرْتُ به إلاَّ وَنِلْتُ جِواراً مِنْهُ لَمْ يُضَم
فحماه الله من الأعداء بأضعف المخلوقات {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} غافر51
{1} رواه الترمذي