بينما كان العالم يحتفل بحلول الألفية الجديدة، كانت عائلة السيد "أندرياس ميسي كوكستيني" تحزم حقائبها لتودع مدينة "روساريو" الأرجنتينية متوجهة صوب مدينة برشلونة الإسبانية، حيث كان النادي الكتالوني العظيم قد عرض عليهم عرضاً لا يمكن رفضه، وهو توقيع عقد انضمام ابنهم الموهوب "ليونيل" لمدرسة (لاماسيا)، وهو العقد الذي يضمن لهم حياة كريمة بوجه عام، ويضمن لهذا الفتى الموهوب بوجه خاص علاجاً مكثفاً من مرض نقص هرمونات النمو الذي كان يعاني منه أثناء الطفولة.
اليوم.. بات هذا الفتى الأرجنتيني الصغير أفضل لاعب في العالم دون منازع حقيقي، حقق كل الجوائز الجماعية والفردية التي مر عليها برفقة فريق البلاوغرانا برشلونة، ولم يعد يفصله عن لقب الأفضل في التاريخ سوى كأس العالم مع التانغو الأرجنتيني، احتار فيه جميع الخبراء والمحللين الكرويين، كيف يفعل ما يفعل ؟ من أين له بتلك المهارات ؟ ما هي المقومات التي تساعده على المرور من أعتى مدافعي القارة وأقواهم جسمانياً برغم صغر حجمه؟ هذا ما سنحاول الوقوف عليه.
1) السرعة والتحكم بالكرة
حقيقة لا نعرف كيف يظن البعض أن "ميسي" لا يمتلك عنصر السرعة، لأن هذا البرغوث الأرجنتيني هو أحد أسرع لاعبي العالم، وربما أسرعهم بالكرة، فهو الوحيد في العالم الذي يتبع أسلوب الجري بأقصى سرعة بينما لا تفارق الكرة قدمه، وهو ما يضمن له مراوغة كل من يقابله دون صعوبة، هذا الأسلوب الساحر المعتمد على النبضات Pulses صعب للغاية حيث يحتاج منه أن يلمس الكرة 3 مرات/متر أثناء الركض بأقصى سرعة، وهو ما يختلف عن طريقة "كرستيانو رونالدو" و"أرين روبين" وغيرهم من النجوم المعروفين بالسرعة العالية، فهم يعتمدون على إرسال الكرة إلى الأمام عدة أمتار ثم يركضون خلفها.
2) المهارات الاستثنائية
للمراوغة العديد من الطرق، منها ما هو صعب ويحتاج إلى لياقة جبارة وتركيز عالي كتلك المراوغات التي يقوم بها أغلب نجوم العالم أمثال "رونالدو" و"رونالدينهو" و"روبينهو" و"نيمار"، ذلك النوع المبهر من المراوغات يحتاج لعدة ثواني، أما "ميسي" فيمر من منافسيه دون مجهود يذكر كما أن مراوغة لاعب واحد لا تأخذ معه أكثر من أجزاء من الثانية، فهو يراوغ بأسلوب "على الثابتة" حيث يجعل من منافسه مجرد تمثال غير قادر على الحركة، إذا لنتفق على شيء، "ميسي" لا يستعرض أبداً هو فقط يفعل ما في مصلحة الهجمة.
3) العقلية الجبارة
العقلية والاتزان هما سلاح اللاعب الباحث عن التميز، لذلك هما السلاح الفتاك لـ"ميسي"، فهو يعرف متى يمرر ولمن، متى يراوغ وكيف، متى يسدد وأين، كما أن جماعية "ميسي" تتيح له تنفيذ كل مخططاته داخل الملعب بالتعاون مع 10 آخرين، لذلك نجد أن "ميسي" غالباً ما يكون أفضل هدافي الفريق وأكثرهم صنعاً للأهداف أيضاً.
4) التسديدات القاتلة
يراوغ الأول والثاني والثالث ثم يسدد بيسراه كرة قاتلة في الشباك، كم من مرة سمعنا تلك الجملة التي باتت مكررة بشكل مبالغ فيه ؟! في مرمى "فان دير سار" في نهائي دوري الأبطال، وفي "كاسياس" حارس ريال مدريد أكثر من مرة، وربما في كل من واجههم، فالتسديد البعيد الموجه والتسديد القريب من فوق الحارس هما من أسلحة "ميسي" القاسية على حراس المرمى، فأن تجد لاعباً يملك طرق الوصول إلى المرمى ثم روعة في اللمسة الأخيرة أمرٌ يستحق البحث.
5) القوة واللياقة
"ميسي" ليس ضعيفاً كما يظن البعض، فمن يتمكن من الصمود أمام أبراج الوسط والدفاع الأوروبي من المؤكد أنه ليس ضعيفاً، ومن يلعب أكثر من 50 مباراة كل موسم بشكل متواصل ورائع لا يمكننا أن نضعه في قائمة اللاعبين ذوي اللياقة المنخفضة، فعلى العكس تماماً "ميسي" يتمتع بجسد صغير لين وقوي يضمن له الثبات عند المراوغة وعدم الإصابة عند التعرض للتدخلات القاسية إلا فيما ندر.
6) الحماس والطموح
في أغلب الأحيان يكون اللاعب المهاجم أو نجم الفريق هو الوحيد الذي لا يرتد للدفاع، والوحيد الذي لا يضغط على الخصوم ليستخلص الكرة، لكن "ميسي" يمتاز بحماس غريب يجعل عملية دخوله على الخصم للحصول على الكرة (مسألة حياة أو موت)، كما أن طموحه الذي لا يتوقف ونهمه للبطولات والجوائز جعلاه يتحصل على جائزة أفضل لاعب في العالم في كل المراحل السنية التي مر بها، كما فاز بالكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم مرتين وهو المرشح الأقوى للمرة الثالثة على التوالي.
7) تشابي وإنيستا
يعتبر الكثيرون من كارهي "ميسي" أن سر نجاحه الوحيد هو ذلك الثنائي الإسباني الرهيب "تشابي" و"إنيستا"، ويدعمون إدعاءاتهم بفشل "ميسي" الواضح مع منتخب التانغو، لكن هذا الأمر خاطئ، لأن "ميسي" هو المحرك الأساسي للبارسا بحسب كلمات المدير الفني "غوارديولا" نفسه، لكن يظل هذا الثنائي الرهيب في متوسط ميدان البرسا هو الداعم الأساسي لـ"ميسي"، وهذا لا يعيب اللاعب ولا يمكن إغفاله وعدم وضعه في تقرير اليوم. م/ن