من هو الدكتور ابراهيم الفقي
كان هناك طفل يحلم بأنه في يوم من الأيام سيكون شخصية هامة وأنه سيكون مديراً عاماً لأحد الفنادق الكبيرة وكان يردد ذلك باستمرار أمام الجميع ولم يتجاوب أحد معه في أحلامه وكانوا يقولون له: ((هذا كلام فارغ بعيد عن الواقع)) فكان يشعر بخيبة الأمل وأن المحيطين به يحبطون من عزيمته بينما سخر منه زملاؤه في المدرسة عندما سمعوه يردد ذلك وقيل له دائماً ((كن واقعياً))... فبدأ يفقد الأمل وتوقف عن ذكر حلمه.
كبر الطفل وأصبح شاباً وقرر بينه وبين نفسه أن يدرس في مجال الفنادق وفعلاً أتم دراسته وتخرج ثم تزوج وهاجر إلى كندا مليئاً بالأمل وواجهته صعوبات كثيرة وقيل له أنه لن يصل إلى مايريده.. وكان يردد هو في نفسه عندما يفكر في هذا الحلم ((أنا لا أملك الخبرة ولاأملك المال ولاأجيد التحدث بلغة البلد ولايوجد عندي أي اتصالات وشهادتي غير معترف بها في كندا))..
وبدأ صوته الداخلي يقول له ((اترك هذا الموضوع من ذهنك وابدأ عملاً آخر)).. وكان أيضاً كثيراً مايتساءل عن السبب الذي يجعل أحد أصحاب الأعمال يعيّنه رغم كل هذه الظروف وسمع صوته الداخلي يكرر ((أنا لن أصل إلى ماأحلم به ليس في إمكاني تحقيق هدفي))..
وأصابه الارتباك والألم ولم يعد يدري كيف يتصرف فإذا عاد إلى بلده سيسخر منه الجميع وإذا ظل في كندا فإن فرصته للنجاح ضئيلة جداً.. وفي وسط الخضم الهائل من كل هذه السلبيات التي كانت تحيط به بالإضافة إلى العوامل التي كانت تكفي لهدم أي حلم مهما كان.. انطلقت من داخله قوة جبارة مليئة بالنجاح وتحدي كل الظروف الصعبة التي كانت تحيط به وبالرغم من أن حلمه كان يتلخص في أن يصبح مديراً عاماً لأحد الفنادق الكبيرة فقد بدأ سلم النجاح كغاسل صحون...
وكان مبعث القوة أنه رأى في منامه والده المتوفى .. وهو يقول له: تذكر ((لايغير الله مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)).. وكانت هذه اللحظة لحظة الصحوة الكبرى له وأصبح عقله الباطن يردد ((أنا أستطيع أن أعمل ذلك.. إذا كان توماس إيديسون قد فشل أكثر من 9999 مرة ومع ذلك مضى نحو ماكان يؤمن بعمق أن في إمكانه تحقيقه.. وإذا كان والت ديزني قد أقلس سبع مرات.. وهنري فورد قد أفلس ست مرات ولكنهما استمرا إلى أن حققا أحلامهما فأنا أيضاً أستطيع أن أحقق حلمي وأن أنجح)).وأصبح متحمساً جداً وقد خلقت هذه الطريقة الجديدة لحديثه.. في نفسه مجموعة اعتقادات جديدة وبدلاً من أن يقول ((أنا مفلس)) تذكر أن ساندرز وفورد وهوندا كانوا مفلسين أيضاً وأن كثيراً من العظماء كانوا مفلسين قبل أن يصبحوا ناجحين.. واعتقاده أن شهاداته غير معترف بها أصبح ((أنا سأدرس من جديد أكثر وأكثر في كندا)).. وفعلاً أكمل دراسته وحصل على دبلوم في إدارة الفنادق.. واعتقاده ((انا هنا أجنبي وغريب)) أصبح ((لاأصلي ولا لوني ولاجنسي سيمنعونني من أن أحقق أهدافي طالما أنا مؤمن بنفسي وبإمكانياتي وأضعها موضع التنفيذ)).. وتحولت نظرته تجاه الأشياء من العبوس إلى الابتسام ومن التشاؤم إلى التفاؤل وتحولت أحاسيسه السلبية إلى أحاسيس إيجابية وتقدمت صحته وبعد أنا كان مصاباً بالقرحة تماثل للشفاء وأصبحت صحته جيدة وطاقته كبيرة وفعالة.
استمر في العمل والدراسة بجد واجتهاد.. وفي عام 1980 فقد وظيفته ووجد نفسه فجأة بلا عمل ولايملك أي مورد وكان ذلك في نفس الوقت الذي كانت زوجته في مستشفى الولادة لوضع ابنتيه التوأمين بعميلة قيصرية.. كانت زوجته بعدها في حالة شديدة من الإعياء وظلت في المستشفى لمدة أسبوعين بنما اهتم هو برعاية التوأمين بمفرده وكانت نقوده البسيطة بالكاد تكفي لشراء الغذاء لهما.. ثم وجد عملاً بسيطاً كمساعد جرسون في مطعم صغير وواظب على العمل بجدية حتى يتمكن من توفير قوت عائلته وبعد أن خرجت زوجته من المستشفى كانت تحتاج لفترة نقاهة طويلة وبلطف الله تلقى المساعدة من الجهات الحكومية التي أرسلت إحدى المتخصصات في الرعاية المنزلية حتى تعاونهما في مباشرة شؤون التوأمين والأم.
واستمر في العمل في المطعم من التاسعة صباحاً إلى الثالثة بعد الظهر لكي يوفر النقود المطلوبة للمعيشة وقام بتسجيل نفسه في جامعة كونكورديا للحصول على دبلوم في الإدارة وكان يعمل ليلاً مديراً لمطعم آخر.. وظل على هذا الحال لمدة عام تدرج خلاله من وظيفة إلى وظيفة أعلى. وبعد عدة سنوات من الانتقال من مكان إلى مكان أصبح مديراً لأحد الفنادق وكان ذلك عام 1986 وأسس فريق عمل كبير قام بتدريبه والاهتمام به حتى أصبح الفندق على درجة عالية جداً من النجاح. وكان يصبو إلى تحسين نفسه دائماً فأخذ مسؤولية وظيفة أفضل.. في فندق أكبر والتحق بدورات دراسية كثيرة بالمراسلة وحصل على جائزة دولية من أمريكا كأحسن طالب في الدراسات المنزلية.
وبدأ يشعر أنه يعيش أحلامه واقعاً محققاً وفجأة حدث ما لم يكن في الحسبان فقد قرر أصحاب الفندق إغلاقه وضاعت الوظيفة منه فوراً حتى إنهم قاموا على الفور بسحب السيارة التي كان يستخدمها وعاد إلى منزله في سيارة أجرة وعاد من جديد إلى وضع لايحسد عليه.. حيث فقد الوظيفة والمورد وحتى الأشخاص الذين كان يظن أنهم أصدقاءه تخلوا عنه.. وباختصار فقد كل شيء وأصبح كل ما حوله يجعله يشعر أنه سيء الحظ وبدأ يشعر بالضيق حتى من نفسه.
وفي خضم هذه الدوامة من الأرق والألم والمحاولات التي ذهبت سدى لتحسين أوضاعه تذكر مرة أخرى حديث والده حيث كان يردد دائماً ((إذا أغلق أحد الأبواب يابني فإن الله يفتح دائماً باباً آخر)).. وعندئذ سأل نفسه ((ماالذي يمكن عمله في هذا الوضع؟.. وكيف يستطيع تحويل هذه الحالة من سلبية إلى حالة إيجابية)).. وبدأ يبحث في مصادره الشخصية ويقيّمها وعاد إلى مجموعة الأفكار التي كان يدونها باستمرار كلما خطرت على باله.. فوجد أنها مجموعة ممتازة وكافية لأن تكون موضوع كتاب يساعد كثيراً من الناس فبدأ فوراً بتأليف أول كتاب له.. ولكن رفض الكثير من الناشرين نشر هذا الكتاب.. فقرر أن يقوم هو نفسه بنشره بما أمكن من مدخراته البسيطة وفعلاً طبع الكتاب على نفقته وباع من هذا الكتاب خمسة آلاف نسخة في أقل من ثلاثة شهور وبدأ في التدريس وتأليف كتب أكثر وأصبح بعدها أنجح في حياته من أي وقت آخر وعنده بعض الكتب التي تعتبر من الكتب الأوسع إنتشاراً في العالم ولديه مجموعة أكبر من الأصدقاء الذين يمكنه حقاً اعتبارهم أصدقاء وتوسعت دائرة معارفه على مستوى العالم وأصبحت أساليبه تستخدم في أرقى الشركات في العالم.
ربما تتساءل كيف عرفت أنا.. كل هذا المعلومات وهذه التفاصيل عنه؟.. إن الإجابة بسيطة لأنني أنا هذا الشخص وأنا الآن أعيش حلمي وتشاركني فيه زوجتي وبنتاي التوأمين وأقوم بتدريس هذه الأسس لكل إنسان يريد أن يحسن نفسه ويحقق أحلامه عبر تقديمي له خلاصة خبراتي ودراساتي المستفيضة وعصارة رحلتي من القاع إلى أوج النجاح وسدة الإنجازات.
-------رحم الله الفقيد ------