تخيم رياح الحرب الباردة، على أجواء التحضير لعقد المؤتمر السابع لحركة فتح المقرر انعقاده في التاسع والعشرين من الشهر الجاري برام الله، وتستخدم الأطراف المعنية بنتائج المؤتمر كل ما لديها من أدوات للخروج بأكبر قدر من المكاسب.
ويُعد العنوان الأبرز في تلك المعركة، التي يُشارك فيها دول عربية مجاورة، هو الصراع المكتوم على منصب رئاسة السلطة الفلسطينية المنتهية ولايته رسميا منذ عام 2009، ويمثله حالياً محمود عباس أبو مازن، بتفويض من الجامعة العربية في ذلك الوقت لحين إتمام المصالحة بين فتح وحماس والاتفاق على موعد لانتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة.
وقال مراقبون: "إن مصر تجيش كل إمكانياتها بالتنسيق مع دولة الإمارات، وبعض الدول العربية الأخرى، لرفع غطاء الشرعية العربية عن أبو مازن، لصالح خصمه اللدود، والنائب عن حركة فتح محمد دحلان، وتنصيب الأخير لقيادة السلطة الفلسطينية.
وذكرت مصادر فلسطينية مطلعة، في تصريحات سابقة لـ"عربي21" أن الزيارة التي قام بها لرام الله الأسبوع الماضي كل من الأمين العام الحالي للجامعة العربية أحمد أبو الغيظ، وسابقيه في المنصب نبيل العربي وعمرو موسى، كان هدفها في الأساس ترتيب أوضاع خلافة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
وأشارت المصادر إلى أن أبو الغيط وموسى والعربي الذين وصلوا إلى رام الله بحجة المشاركة في افتتاح متحف ياسر عرفات، كان هدفهم الضغط على عباس للتجاوب مع عرض الرباعية العربية لترتيب أمر خلافته الآن.
ونوهت المصادر إلى أن كلا من أبو الغيط وموسى والعربي، هددوا عباس بشكل حذر من أنه قد يفقد الشرعية العربية في حال رفض التجاوب مع مطالب الرباعية العربية.
وأكد، مساعد وزير الخارجية الأسبق، معصوم المرزوقي، أن الجامعة العربية، يتم استخدامها لإزاحة الشرعية من الدول بناء على توافق من النظام العربي التقليدي الذي تمثله الدول المؤثرة في صناعة القرار العربي ومن سايرهم.
وقال في تصريحات خاصة لـ"عربي21" إن الجامعة العربية كانت البساط الأحمر للغزو الأمريكي للعراق رغم الرفض الدولي له، وكانت أيضا البساط الأحمر لغزو حلف "الناتو" لليبيا، الذي استخدم مصطلح حماية المدنيين لضرب ليبيا وتدمير مقدرات البلاد وتبديد ثرواتها، لافتا إلى أن الجامعة العربية لم يعد لها أي دور على الإطلاق سوى أنها أصبحت محلا لمخططات الغرب في المنطقة.
وتابع مساعد وزير الخارجية الأسبق: "علينا الحذر من أي تحرك للجامعة العربية"، مشيرا إلى أن هناك اتجاها حاليا لتصفية القضية الفلسطينية، وليست لتسويتها كما يعلنون، بعد بسترة الواقع العربي بالتسخين ثم التبريد، والهرولة إلى كسب رضا الكيان الصهيوني.
ولم يستبعد المرزوقي التجييش المصري الإماراتي لسحب الشرعية من أبو مازن، قائلا: "ربما تقوم مصر والإمارات بذلك لكن لا يوجد دليل ملموس على ذلك، ويدخل في الإطار العام للدور الغامض وغير المفهوم الذي يلعبه دحلان في المنطقة العربية، وهو ما دفع أبو مازن إلى التهديد بالكشف عن قاتل الرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات، وأضاف: "المكايدة السياسية أصبحت الآن عنوانا للدبلوماسية العربية".
يذكر أن أبو مازن التقى مؤخرا رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل ونائبه إسماعيل هنية، في العاصمة القطرية الدوحة، بمنزل وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية، إن الرئيس الفلسطيني أكد خلال اللقاء على "وجوب تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية، وإزالة أسباب الانقسام، من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية، وإجراء الانتخابات"، و"التأكيد على ضرورة استئناف الحوار الذي تستضيفه قطر بين حركتي حماس وفتح".
منقول