أيام قليلة مضت على الذكرى السنوية لليوم العالمي للطفل، العديد من الكتاب والحقوقيين بمختلف جنسياتهم انبروا للتذكير بحقوق الطفل التي ضمنتها لهم اتفاقيتا حقوق الإنسان وحقوق الطفل، حق الحياة، حق البقاء، حق الحصول على الجنسية، حق البقاء مع الوالدين والعائلة، حق حرية التعبير، حق التعليم، حق الضمان الصحي، حق الحماية وغيرها من الحقوق التي يجب أن يتمتع فيها أي طفل مهما كان لونه أو عرقه أو دين والديه أو البلد الذي ولد فيه.
بالتزامن مع تلك الذكرى شاهدت فيلماً كرتونياً قصيراً يستعرض الأيام الأخيرة من حياة الطفل الشهيد "محمد أبو خضير"، الفيلم من إنتاج مؤسسة القدس الدولية وقد نشر على صفحات موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك، بالتزامن مع الحملة الإعلامية الحرية للأٌقصى، لم يكن الفيلم بالنسبة لي تسليطاً للضوء على اللحظات الأخيرة من الطفل "أبو خضير" فقط بل فتح الباب أمامي للعديد من الأسئلة المتعلقة بحقوق الطفل الفلسطيني.
يستعرض الفيلم تفاصيل قيام مجموعة من المستوطنين في القدس المحتلة باختطاف وتعذيب وحرق ابن القدس وعاشق الأقصى "محمد أبو خضير" حيث قام المستوطنون باختطافه أثناء توجه لأداء صلاة الفجر في المسجد القريب من منزله، ومن ثم قاموا بضربه وتعذيبه وإجباره على شرب "البنزين" وبعدها قام المجرمون بإضرام النار فيه وهو حي، ثم أخذوا يرقصون على صرخاته الأخيرة التي أطلقها قبل استشهاده، جريمة تعكس مدى السادية واللاإنسانية التي يتمتع بها المستوطنون الصهاينة. وبالرغم من أن العديد من التقارير الطبية والحقوقية التي نشرت في وقت سابق أكدت ما تعرض له الطفل من تعذيب وحرق حيث وجدت آثار الدخان الناتج عن الحريق داخل رغامة وقصبات الشهيد الهوائية، إضافة إلى إصابته بحروق متفاوتة الدرجات أصابت 90% من جسمه، إلا أن سلطات الاحتلال لا تزال تماطل في معاقبة المجرمين فقد مرّ أكثر من ثلاثة أشهر الجريمة دون أن يسفر التحقيق عن نتائج ملموسة.
الشهيد الطفل "محمد أبو خضير" ليس الحالة الوحيدة في فلسطين فجريمة اغتيال الطفل محمد الدرة عام 2000 وهو في أحضان والده، حيث أطلق جنود الاحتلال عليه النار أمام عدسات الكاميرات التلفزيونية بدم بارد، والطفلة هدى غالية التي فقدت جميع أفراد عائلتها إثر استهدافهم أثناء تواجدهم على شاطئ البحر في غزة عام 2006، وغيرها العديد من الجرائم التي ارتكبها جنود الاحتلال بحق الأطفال الذين استشهدوا في الحروب المتتالية على قطاع غزة، فالمجرم واحد وهو الاحتلال والضحية دائماً هي من أبناء شعبنا.
أمام ما يعانيه أطفالنا من جرائم يرتكبها المستوطنون وجنود الاحتلال بحقهم، يحق لنا أن نسأل هل أبناؤنا مشمولون باليوم العالمي للطفل، واتفاقية حقوق الطفل؟ وإن كانوا كذلك لماذا يحرم أطفالنا من حقهم في الحياة كما حصل مع الدرة وأبو خضير؟ ولماذا يحرمون من حقهم بالعيش مع أسرهم كما حصل مع الطفلة هدى غالية؟ ولماذا يحرمون من حقهم بالتعليم فتقصف مدراسهم كما حصل في حرب غزة؟ ولماذا يحرمون من حقهم في الضمان الصحي فتستهدف مشافيهم؟ لماذا يحرم أطفالنا من الحماية حيث راح العشرات من أطفالنا اللاجئين ضحية الحروب في فلسطين والبلدان المجاورة في سورية وقبلها العراق وقبلها لبنان؟... لماذا...، ولماذا...؟
تلك أسئلة تبقى برهن المؤسسات الرسمية الفلسطينية، والمنظمات الدولية خاصة الحقوقية والإغاثية منها، فأطفالنا يستحقون أن يعيشوا في أوطانهم آمنين، متمتعين بكافة حقوقهم من صحة وتعليم وحرية تعبير، وأخيراً أدعو جميع المؤسسات والجهات الناشطة في المجالين الحقوقي والإعلامي الفلسطيني إلى اعتماد كافة الأساليب والطرق الإبداعية بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي لما تمتلكه من جمهور واسع ومتنوع، ففيلم قصير كفيلم الفتى أبو خضير يمكن أن ينقل قضايانا بشكل أوسع وأكبر من الطرق التقليدية المعتمدة.