كشفت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، نافي بيلاي، عن موافقة الجزائر على استقبال وفد حقوقي أممي لبحث ملف المفقودين، الذي يعتبر من القضايا العالقة التي عجزت السلطة عن تسويتها في مسار المصالحة والوئام الوطنيين.
وقالت نافي بيلاي، التي توجد في زيارة رسمية للجزائر، تعتبر الأولى من نوعها: "أنا مسرورة لأعلن تأكيد وزير الخارجية مراد مدلسي، استعداد بلاده لاستقبال مجموعة عمل من أجل بحث مسألة المفقودين"، غير أنها لم تكشف عن طبيعة وهوية الوفد الذي سيلتحق بالجزائر في الأيام القليلة المقبلة.
المفوضة الأممية أوضحت أن مجموعة العمل ستتطرق إلى مسألة المفقودين خلال الأزمة الأمنية التي عاشتها الجزائر خلال التسعينيات، وأشارت إلى أن الهدف من زيارتها يندرج في سياق الاطلاع على وضعية حقوق الإنسان في الجزائر، والوقوف على الجهود الرسمية المبذولة على هذا المستوى، فضلا عن مسائل أخرى تتعلق بحرية التعبير ومحاربة الإرهاب.
وبحسب، بوجمعة غشير، وهو رئيس الرابطة الوطنية لحقوق الإنسان، فإن الوفد الأممي الذي سيحل بالجزائر لاحقا، سيرأسه المفوض الخاص بالمفقودين، واعتبر الحقوقي هذه الخطوة بـ "التاريخية"، لأن السلطات الجزائرية دأبت على رفض استقبال هذا المفوض منذ اندلاع الأزمة الأمنية مطلع التسعينيات.
واعتبر غشير في اتصال مع "الشروق"، موافقة السلطات الجزائرية على استقبال المقرر الخاص بالمفقودين "انفتاحا على هذه الهيئة، ولكن نتمنى أن يتوسع الانفتاح ليشمل جوانب أخرى، مثل محاربة التعذيب، وحرية التظاهر وحرية التعبير والحريات العامة".
وتمنّى رئيس رابطة حقوق الإنسان، أن ينعكس هذا التوجه على المستوى الداخلي، وذلك بالانفتاح على المنظمات الوطنية الناشطة في مجال حقوق الإنسان، تماشيا مع التعهدات التي أطلقها رئيس الجمهورية، في خطابه الإصلاحي العام المنصرم.
ودعا غشير السلطات الجزائرية إلى معالجة قضية المفقودين بشيء من العقلانية والمكاشفة، وقال: "أنا على يقين أن أيا من المفقودين لا يوجد على قيد الحياة، وعلى الحكومة أن تعتذر رسميا لذوي المفقودين، وتطلعهم على أماكن دفنهم حتى يقيموا العزاء، ويغلق هذا الملف نهائيا"، يقول الحقوقي.
وجاء الموقف عشية إدراج المفوضية السامية لحقوق الإنسان، الجزائر من بين خمس دول عربية تضم البحرين والسعودية ولبنان والسودان و16 دولة في العالم، تهدد نشطاءها المتعاونين مع الأمم المتحدة، وأكدت أن تلك الدول لم تمنع قواتها من الاعتداء على هؤلاء النشطاء.
ونقل موقع "روسيا اليوم" على الأنترنت أمس، عن المفوضة السامية نافي بيلاي، قولها في جلسة النقاش التي عقدها مجلس حقوق الإنسان في دورته 21 في جنيف، بشأن هذه المسألة: "إن الأعمال الانتقامية والتخويف ضد من يتعاونون مع الأمم المتحدة وغيرها من آليات حقوق الإنسان مازالت مستمرة، على الرغم من الاعتراف الصريح وبالإجماع على ضرورة وحق منظمات المجتمع المدني في المشاركة".
وأضافت: "أن تقرير الأمين العام للأمم المتحدة السنوي، أشار إلى العديد من حالات الأعمال الانتقامية والتخويف في أشكال مختلفة"، وأشارت بيلاي إلى أن هؤلاء النشطاء يتعرضون إلى تهديدات أو مضايقات من قبل المسؤولين الحكوميين، بما في ذلك من خلال التصريحات العلنية من قبل السلطات العليا.
وتحدثت المفوضة السامية هنا عن: الصين وكولومبيا وإيران وكازاخستان والجزائر والبحرين وبيلاروسيا وكينيا ولبنان ومالاوي ورواندا والسعودية وسريلانكا والسودان وأوزبكستان وفنزويلا، ودعا أمين عام الأمم المتحدة، بان كي مون، إلى "إجراء تحقيق كامل في هذه الحالات وتقديم المسؤولين عن الأعمال الانتقامية للعدالة".