السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إنكم يا أبناءنا مناط آمالنا ، ومستودع أمانينا، نعدكم لحمل الأمانة وهي ثقيلة، ولاستحقاق الإرث، وهو ذو تبعات وذو تكاليف ، و ننتظرمنكم ما ينتظره المدلج في الظلام من تباشير الصبح .
يا أبناءنا....
إنّ الحياة قسمان: حياة عِلْمِيَّةٌ وحياة عَمَلِيَّةٌ, وإنّ الثانية منهما تنبئ عن الأولى قوة وضعفا, وإنتاجا وعقما, وإنّكم لا تكونون أقوياء في العمل إلاّ إذا كنتم أقوياء في العلم, ولا تكونون أقوياء في العلم إلاّ إذا انقطعتم له, ووقفتم عليه الوقت كلّه, إن العلم لا يعطي القياد إلاّ لمن مَهَرَهُ السُّهَادَ, وصرف إليه أَعِنَّةَ الاجتهاد.
لاتعتمدوا على حلق الدّروس وحدها,واعتمدوا معها على حلق المذاكرة, إنّ المذاكرة لقاح العلم فاشغلوا أوقاتكم حين تخرجون من الدروس بالمذاكرة في ذلك الدرس . إنكم إن تفعلوا تنفتح لكم أبواب من العلم, وتلح لكم آفاق واسعة من الفهم .
العلمَ العلمَ أيّها الشباب، لا يُلهيكم عنه سمسار أحزاب، ينفخ في ميزاب، ولا داعية انتخاب، في المجامع صخّاب، ولا يلفتنكم عنه معللٌ بسراب، ولا حاوٍ بجراب، ولا عاوٍ في خراب، يأتم بغراب، ولا يفتنّنكم عنه مُنزوٍ في خنقه، ولا مُلتوٍ في زنقةٍ، ولا جالس في ساباط، على بساط، يحاكي فيكم سنة الله في الأسباط، فكل واحد من هؤلاء مشعوذ خلاب وساحر كذّاب. إنكم إن أطعتم هؤلاء الغواة، وانصعتم إلى هؤلاء العواة، خسرتم أنفسكم، وخسركم وطنكم، وستندمون يوم يجني الزارعون ما حصدوا، ولات حين ندم.
امنح العضو نقاط تميّز رد مع اقتباس
تحرير العقول أصعب و أشق من تحرير الحقول ؛ ذلك أن ...تحرير الحقول يستطيع أن يقوم به كل شخص ؛ أما تحرير العقول فلا يقدر عليه إلا راسخ في العلم عميق في الفهم ، صادق في العزم ، مخلص في القصد.
يا معشر الجزائريين، إن الاستعمار كالشيطان الذي قال فيه نبيّنا إن الشيطان قد يئس أن يُعبد في أرضكم هذه، ولكنه رضي أن يُطاع فيما دون ذلك، فهو قد خرج من أرضكم ولكنه لم يخرج من مصالح أرضكم، ولم يخرج من ألسنتكم، ولم يخرج من قلوب بعضكم، فلا تعاملوه إلاّ فيما اضطررتم إليه، وما أُبيحَ للضرورة يُقدَّر بقدرها.
يا شباب الجزائر!
ما قيمة الشباب ؟ وإن رقت أنداؤه، و تجاوبت أصداؤه، وقضيت أوطاره وغلا من بين أطوار العمر مقداره، و تناغت على أفنان الأيام و الليالي أطياره، و تنفست عن مثل روح الربيع أزهاره، وطابت بين انتهاب اللذات واقتطـاف المسرات أصائله وأسحاره.
بل ما قيمة الكهولة ؟ وإن استمسك بنيانها، واعتدل ميزانها، وفرت عن التجربة والمراس أسنانها، و وضعت على قواعد الحكمة و الأناة أركانها.
بل ما قيمة المشيب؟ وإن جلله الوقار بملاءته، وطواه الاختبار في عباءته، وامتلأت من حكمة الدهور، وغرائب العصور، حقائبه، ووصلت بخيوط الشمس، لا بفتائل البرس، جماته وذوائبه.
ما قيمة ذلك كله؟ إذا لم تنفق دقائقه في تحصيل علم، و نصر حقيقة، ونشر لغة، ونفع أمة، وخدمة وطن.
يا شباب الجزائر هكذا كونوا... أو لا تكونوا...