الباركور في الجزائر تجذب الشباب و تقلق الاباء

[عنقاء]

استهوى الشبابَ الجزائري مؤخرا نوع جديد من الرياضة، ظهرت أولى حركاتها بفرنسا، لتنتشر إلى مختلف أنحاء العالم، وهي رياضة قصوى يمارسها الملايين من الشباب، وبثّت الخوف في نفوس أوليائهم لما فيها من مجازفة، “الخبر” اقتربت منهم وعايشت لحظاتهم الجنونية بعدة أماكن بالعاصمة.
أقل ما يقال عنها أنها رياضة خطيرة، تمزج بين الجمباز والفنون القتالية، على ممارسها أن يتمتع ببنية مورفولوجية متينة، والسرعة العالية، والخفة والتركيز، تسمح له بالقفز على الجدران وسطوح البنايات على شكل حركات دائرية ولولبية، هي رياضة “الباركور”.
التقينا في تظاهرة رياضية للدراجات النارية، بساحة البريد المركزي في العاصمة، بالشاب رضوان وليد، وهو شاب في الثلاثين من العمر، كشف لنا أنه من الأوائل الذين مارسوا رياضة “الباركور” في الجزائر منذ سنة 2000، واكتشفها أثناء مطالعته لإحدى المجلات الفرنسية، ليشارك بعدها في مسابقات دولية ومحلية.
فوق السطح
حاول وليد نقل تجربته إلى أصدقائه، غير أنهم لم يبدوا حماسا إزاءها، وهو ما جعله يلجأ إلى تقنين الفكرة، بطلب رخصة من الفدرالية العالمية لرياضة الباركور من الولايات المتحدة الأمريكية، لإنشاء فرع لها بالجزائر.
توقف محدثنا للحظات، ثم واصل مبتسما “لم يكن الأمر بالبساطة ذاتها في الجزائر، فعندما اقتربت من الإدارة اصطدمت بإجراءات ماراطونية، مع إحضار مكتبة من الوثائق، مشترطين تأسيس 48 جمعية على مستوى كل الولايات”. لم يمنع ذلك محدثنا ورفاقه من ممارسة هوايتهم، رغم افتقارهم لفضاءات رياضية، واكتفوا بالمناطق العمرانية داخل الأحياء وفوق سطوح العمارات.
شبكات التواصل الاجتماعي لعبت دورا فعالا في اتساع شبكتهم واستقطاب شباب من مختلف الولايات، من خلال نشر الصور والفيديوهات، واستطاع وليد أن ينظم أول تظاهرة في “الباركور” سنة 2008، شارك فيها شباب من سطيف، باتنة، قسنطينة والبليدة والعاصمة، لتنظم التظاهرة بعدها سنويا.
متعة المجازفة
أمين بن عياش، 19 سنة، منخرط في جمعية “الجيل الجديد للألعاب البهلوانية” منذ 3 سنوات، وأصبح أسير حركات “الباركور”.
عن رحلته مع المجموعة قال “كنت أمارس رياضة كيك بوكسينغ، وخلال عودتي من قاعة الرياضات بباب الزوار، رصدت ذات يوم مجموعة من الشباب يقومون بحركات غريبة، شدت انتباهي قفزاتهم وأبهرني ما يقومون به، لتكون بداية رحلتي مع الباركور”.
سيطرت الرياضة على عقل أمين منذ ذلك الحين، وأصبح يفكر في البحث عن الحواجز في كل مكان، ويعمل على اجتيازها بطرق فنية ورياضية، بعد أن يتدرب على الحركات جيدا في الأرض قبل أن يقوم بها في السماء.
خوف الأولياء
خطورة هذا النوع من الرياضات أربكت الأولياء وأثارت جدلا بينهم وأبنائهم. فأمين ويوسف ونزيم وهيثم وعبد الرءوف أجمعوا أن أولياءهم عارضوا هذه الرياضة بشدة، كونها تعرضهم إلى خطر الموت والإصابات البليغة، غير أنهم أصرّوا على مواصلة مشوارهم، وأسسوا صفحة على موقع “فايسبوك”، وانضموا لجمعية “الجيل الجديد للألعاب البهلوانية” سنة 2012، وأصبحوا يشاركون في مختلف التظاهرات، ليزول الخوف عن الأولياء، وربما هم فخورون بهم اليوم.
أما عن انطلاق رحلته في عالم القفز على الحواجز ومن على السطوح والأسوار، قال الطالب الجامعي ابن حي برج الكيفان بالعاصمة “شاهدت مرة مجموعة من الشباب يقفزون من الجدران المطلة على البحر”. كان متحدثنا يقارب 15 سنة من عمره حين سحرته تلك الحركات الفنية، وراح منذ ذلك الحين يقلدهم. وتابع المولوع بالرياضة “المجنونة” “شاءت الصدف أن التقيت بنفس المجموعة مرة ثانية، ليعرض علي مدرب المجموعة وليد الانضمام إليهم، ومن ثم قام بتعليمنا قواعد هذه الرياضة لمدة 3 أشهر”. وبعد أن تعلم رءوف أبجدياتها، أصبح يتمرن مع رفاقه في المناطق المعمارية ومن فوق أسطح المنازل وحيث ما تكون العقبات والحواجز والصخور والأشجار والقضبان.
ورغم تصنيفها ضمن الرياضات القصوى نظرا لخطورة حركاتها، فإن ذلك لم يمنع عشاقها من ممارستها، بل زاد من تحمسهم لتعلم المزيد من فنون القفز والوثب من مكان لآخر، على طريقة أبطال الفيلم الفرنسي “ياماكازي” الذي نال شهرة كبيرة مع صدوره بداية القرن الجاري، وساعد على انتشار هذه الرياضة التي أصبحت تدرس في بريطانيا حاليا.

منقول