مترجم: توقف عن إعادة القراءة.. 8 طرق لمذاكرة أكثر فاعلية!
كان هذا استنتاج علماء النفس “هنري رويدجر” و”مارك ماكدانيل” من جامعة
واشنطون في سانت لويس، وبعد ما يقرب من الـ80 سنة مجتمعة من دراسة التعلم
والذاكرة، وقد قاما مؤخرًا بنقل استنتاجاتهم مع الكاتب “بيتر براون” في كتاب:
Make It Stick: The Science of Successful Learning
أغلب الطلاب يعتمدون في مذاكرتهم على إعادة قراءة الكتب، بينما أظهرت الدراسات
النفسية في المعامل وعلى طلاب فعليين أن هذه الطريقة للتعلم خاطئة تمامًا.
من الطرق الأكثر فاعلية على سبيل المثال استخدام الصور المتحركة والرسومات البيانية
والاختبارات، وكذلك الاستراحات بين أوقات المذاكرة وخلط المواضيع المختلفة.
“مكدانيال” يشارك ثماني نقاط للتلاميذ والمعلمين من خلال أبحاثه:
1- لا تقم فقط بإعادة قراءة تدويناتك وقراءاتك
أظهرت غالبية الاستطلاعات أن مذاكرة الطلبة تقوم على إعادة قراءة الواجبات
والمذكرات، وأن هذه هي الطريقة الأولى التي يلجؤون إليها.
أكدت الكثير من الأبحاث أن طريقة تكرار المعلومة ليست الطريقة المثلى للتعلم أو لخلق
ذاكرة ثابتة، حيث أثبتت دراسة على عينتين من الطلبة في جامعة واشنطون أنه لا
يتحسن مستوى التعلم حينما يعيدون قراءة فصل في كتاب وبين أن يتم قراءته مرة
واحدة.
يتم استخراج الكثير من المعلومات عند قراءة موضوع لأول مرة، ولكن في المرة الثانية
تبدأ في القراءة بمبدأ “أنا أعرف هذه المعلومة”، وبالتالي فأنت لا تفهمه بعمق ولا
تستخرج الكثير من المعلومات الجديدة عن المرة الأولى.
تعتبر إعادة القراءة طريقة سطحية وخادعة، توهمك بالفهم وبمعرفة المحتوى جيدًا،
ولكن في الواقع أنت لست ملمًّا بما يكفي بالموضوع.
2) أسأل نفسك الكثير من الأسئلة:
إحدى الطرق البديلة للقراءة المتكررة هي أن تقوم بالقراءة مرة ثم تبدأ في اختبار نفسك
إما عن طريق أسئلة الكتاب في آخر الفصل أو أن تضع أنت الأسئلة، استرجاع
المعلومات هو ما ينتج تعليمًا قويًّا وذاكرة قوية، حتى إذا لم تقم بالإجابة الصحيحة
فيعتبر هذا مؤشرًا للمعلومات التي ما زلت لا تعلمها جيدًا، والتي يجب عليك العودة لها
مرة أخرى بالمذاكرة.
كما أن الأسئلة تعمق من فهمك للموضوع، فمثلًا لو افترضنا أنك تقوم بدراسة تاريخ
العالم وكيف كانت الشراكة التجارية بين روما وأثينا، فيمكن للسؤال هنا أن يكون: لماذا
أصبحوا شركاء؟ لماذا أصبحوا بنائين سفن وتعلموا الإبحار؟ كما يمكن للسؤال أن يكون
كيف وماذا؟!
عند وضع أسئلة فأنت تحاول الشرح وبهذا فأنت تزيد من فهم المعلومة؛ مما يؤدي إلى
ذاكرة وتعلم أفضل، وبالتالي فبدلًا من مجرد القراءة، قُم بوضع أسئلة تساعدك على
الفهم.
3) قم بربط المعلومات بمعلوماتك قديمة:
طريقة أخرى يمكن القيام بها أثناء القراءة في المرة الثانية، وهي أن تقوم بربط
المعلومات التي تقرأها الآن بمعلومات سابقة، هذه الطريقة تقوم بتحسين المستوى.
على سبيل المثال، من المعلومات التي تعرفها إذا كنت تقوم بدراسة كيفية نقل الخلايا
العصبية للكهرباء هي أن الخلايا العصبية محاطة بغلاف دهني يسمي “غلاف مايلين”،
والذي يساعد الخلايا على نقل الكهرباء بسرعة أكبر.
يمكننا هنا تشبيه هذا بمياه جارية في خرطوم مياه، تجري المياه سريعًا فيه إلا إذا قمت
بعمل ثقوب في الخرطوم فيبدأ بالتسريب، وبالتالي لن تحصل على نفس سرعة السريان.
وهذا تحديدًا ما يحدث عندما تكبر أعمارنا، تبدأ أغلفة المايلين في التفتت ويصبح نقل
الكهرباء بطيئًا.
4) قُم برسم المعلومات حتى تكون مرئية
من الطرق الجيدة في المذاكرة عمل رسومات بيانية أو نماذج مرئية.
مثلًا في بداية دورة علم نفس، من الممكن أن تقوم بالقراءة عن الإشراط الكلاسيكي
classical conditioning، ولكن إذا قُمت بعمل رسم بياني سيساعدك هذا على
فهم أعمق للمسار وكتابة وتوصيف الجوانب المختلفة منه (مثل الحالة والحافز وهكذا).
يعتبر التعليم النشط الذي يقوم فيه الدارس بإقحام نفسه في العملية التعليمية وأن يكون
طرفًا فيها وليس فقط مُستقبلًا للمعلومات من أكثر الطرق التي تساعد على استرجاع
المعلومة.
5) استخدم البطاقات التعليمية
من الطرق الجيدة للمذاكرة استخدام الكروت التعليمية، وتستخدم هذه الكروت بأن تقوم
بوضع أسئلة على عدد من الكروت وتبدأ في اختبار نفسك وإعادة استخدام الكروت
الصحيحة.
الكثير من الطلبة يقوم بإبعاد الكارت الذي قام بإجابته بشكل صحيح، ولكن هذه الطريقة
غير صحيحة، فإعادة استدعاء المعلومات في الذاكرة أمر مهم، فقد أظهرت الدراسات أن
في هذه الطريقة التعليمية يكون من المفيد إعادة استخدام الكارت.
بالتأكيد سيكون لديك الرغبة في إعادة استخدام الكارت الذي قمت بإجابته بشكل خاطئ،
ولكن من المهم أيضًا أن تقوم بإعادة الكروت المُجابة بشكل صحيح.
“ليست الإعادة بشكل عام هي المشكلة، ولكن المشكلة في الإعادة بلا تركيز!”.
6) لا تضغط وقتك – أعط لنفسك مساحة
الكثير أو ربما معظم الطلاب يقومون بتأجيل المذاكرة حتى آخر لحظة! وفي ليلة واحدة
يقومون بمذاكرة وتكرار المعلومات كلها مرارًا وتكرارًا.
أوضحت الأبحاث أن هذه الطريقة غير مجدية على المدى البعيد، حيث إنها تمكنك من
تخطي اختبار في اليوم التالي، لكن عندما تقترب مثلًا اختبارات نهاية العام، فلن تستطيع
تحصيل تلك المعلومات بسهولة وحفظها مرة أخرى، وبالتالي فعند حاجتك لتلك
المعلومات في السنة التالية لن تكون موجودة.
وهذا يحدث غالبًا في الإحصاء، حيث يأتي الطلبة في العام الدراسي الجديد وقد نسوا كل
المعلومات بسبب ضغطهم لها في ليلة الاختبار.
والطريقة الأفضل، هي أن تقوم بالتكرار على فترات متفاوتة، تقوم مثلًا بالتدريب قليلًا
في أحد الأيام ثم تقوم بالتدريب مرة أخرى في اليوم التالي ثم بعد ذلك بيومين وهكذا،
فقد أثبتت الدراسات أن ترك مساحة كافية من الوقت مهمة جدًّا.
7) على المعلمين أيضًا أن يقوموا بإعطاء مساحات زمنية كافية بين الحصص
في أغلب الأنظمة التعليمية التقليدية، يقوم المعلم بشرح موضوع في اليوم الأول، ثم
ينتقل لموضوع آخر في اليوم الثاني ثم موضوع آخر في الثالث وهكذا، هذا العرض
الكمي الذي لا يقوم فيه المعلم بالرجوع لمراجعة المادة أولًا بأول.
المطلوب من المعلمين هو وضع المنهج نصب عين الطالب كل عدة أيام أو أسابيع،
وتوجد طرق كثيرة للقيام بذلك، ففي جامعة واشنطن مثلًا يوجد معلمين يقومون بإعطاء
اختبار صغير أسبوعيًّا وتعودوا على وضع الاختبار بناءً على ما تم شرحه في الأسبوع
الماضي فقط! أما الآن فقد بدأوا بتنفيذ طريقة الرجوع للخلف في المنهج قليلًا، ويقوم
أحد أساتذة علم النفس باقتطاع وقت من كل محاضرة للمرور على الأجزاء السابقة من
المنهج.
يمكن القيام بذلك عن طريق الواجبات المنزلية أيضًا، الطريقة التقليدية هي أن تقوم
بإعطاء الواجبات على الدرس الجديد في كل حصة، ولكن من المفضل أن تقوم دائمًا
بإعطاء واجبات على الأجزاء الجديدة ومعها بعض الأسئلة من الدروس السابقة.
مثلًا، إذا افترضنا أن أحدًا يقوم بدراسة تاريخ الفن، فبدأ بدراسة أعمال “جاوجيان”
ورؤية الكثير من أعماله ورسوماته، ثم قام بدراسة أعمال “ماتيسي” ورأى الكثير من
رسوماته، يظن الكثير من الطلبة والمعلمين أن هذه طريقة جيدة لتعلم طرق الرسم
المختلفة، ولكن الدراسات العملية أثبتت أن هذه الطريقة ليست الأكثر فاعلية، فمن
الأفضل مثلًا أن تقوم بإعطاء الطلبة مثال لرسام واحد ثم مثال لرسام آخر وهكذا، ثم
العودة مجددًا للأول والمرور على الآخرين الواحد تلو الآخر، هذه البعثرة أو الخلط ينتج
تعلمًا أفضل والذي يمكن أن يُترجم في حالة المثال الذي طرحناه هنا إلى أن يعرف
الطالب التفرقة بين الرسومات عن طريق معرفة الرسام الذي قام برسمها.
تعمل هذه الطريقة أيضًا في كل أنواع المناهج، في الإحصاء مثلًا، في الحياة الواقعية،
لن يخبرك أحدهم بنوع المسألة الإحصائية التي أنت بصدد مواجهتها، ولكنك ستحتاج
إلى معرفة طريقة الحل ونوع المسألة من طلقاء نفسك، ولن تستطيع أن تحدد الطريقة
المناسبة للحل إلا إذا قمت بحل العديد من المسائل المبعثرة وعلمت كيفية حل كل مسألة.
8) لا يوجد شخص يسمى “الشخص الحسابي”!
توجد دراسة لكارول دويك، الأستاذة بجامعة ستاندفورد، أظهرت أن هناك عقليتين في
التعليم:
الأولى، وهي نموذج تعليمي ثابت، مثل الذين يقولون “أنا عندي قدرات في هذه المادة،
مثلًا الرياضيات أو الفيزياء، وسوف أبذل مجهود حتى أصل إلى أعلى درجة فهم، وقبل
أن أصل إلى درجة الفهم هذه، فإن هذه المادة صعبة”.
أما العقلية الثانية، وهي العقلية الناضجة، هذه العقلية تؤمن بأن التعليم يجب أن يتضمن
إستراتيجيات فعالة، وسوف أقوم بوضع الوقت المطلوب لتعلم هذه المادة جانبًا وسوف
أندمج في تعلمها، وبهذا سوف تبني معلومات في هذه المادة.
تقسيم العقليات التعليمية يفيد في معرفة ما المدى الذي سيصل إليه الطالب، فالطلاب
ذوو العقلية الناضجة هم الأكثر قابلية لمواجهة الصعوبات وللنجاح في التحديات على
عكس الطلاب ذوي العقليات الثابتة.
ساسة بوست