بسم الله الرحمن الرحيم
ما أسباب حدوث البدع ؟ ولم حدثت البدع في هذه الأمة ؟
أول أسباب حدوث البدعالجهل بالسُّنن: إذا جهل المرء الذي يزن الخير بالسنة فإنه جهله هذا يأتي الشيطان من جهته ويحبب له الخير بشيء مبتدَع، مثل ما قال أولئك لابن مسعود: يا ابن مسعود ما أردنا إلا الخير. ما أرادوا إلا الخير، وإذا كانوا ما أرادوا إلا الخير فالأمر جائز، وهذا ليس بصواب.
إذاً فأهم أسباب البدع أن المحدث لها يقول ما أردنا إلا الخير وهو جاهل بالسنة.
ما سمعنا مبتدعا يقول: أنا أردت مخالفة السنة. هل سمعتم؟ ما أحد يقول أنا أردت مخالفة السنة. كلهم يقولون ما أردنا إلا الخير. نحن نبغي التقرب إلى الله، كيف تقول إن هذا الفعل كذا وكذا وتنهى عنه ؟ هو صالح !
اجعل الناس يتذكرون !
اجعل الناس يعبدون!
اذهب إلى الفسقة إلى الفجرة وانههم !
أما الذين يريدون الخير فاجعلهم يتعبدون لأنهم ما أرادوا إلا الخير !!
هل كل مريد للخير يحصله؟لا، لابد أن يكون على هذا الطريق وهو طريق المصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [الأنعام:153].
السبب الثاني من وجود البدع واستمرار البدعالهوى والتقليد؛ لأنك تجد أن الذي استمر على البدع وعمل بها إذا سألته: النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ ألم يقل كذا؟ هل فعل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا الشيء؟ فيقول العالم الفلاني قال كذا، وشيخنا قال كذا، وهذا كان في القرية كان فيها كذا وكذا والبلد، هؤلاء ضلال، فيأتيه الهوى الذي من أجله نصر من قبله نصر أسلافه، يأتيه التقليد يأتيه التعصب فيجعله ينتصر لهذا الأمر الباطل، ولم ينتصر إلى السنة فسأل نفسه هل كان النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ على هذا الأمر أم لا؟فيكون عنده هوى وتقليد وتعصّب، جعله هذا الهوى والتقليد والتعصب ينتصر للرجال ولا ينتصر لسنة النبي العدنان عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ هذا سبب مهم.
ومن أسباب حدوث البدعأمور سياسية: وهذا الأمر السياسي كان من أعظم فشوِّ البدع في المسلمين لم؟ لأن الشيء إذا أيدته دولة فإنه ينتشر، البدع وذلك على أصنافها المختلفة أيدتها دولة فنشرتها في المسلمين وهي الدولة الفاطمية، التي حقيقة اسمها الدولة العبيدية، هم ينتسبون إلى العبيديين ولا ينتسبون إلى علي رضي الله عنه على الصحيح، هذه الدولة جاءت وتكلم العلماء فيها وقالوا إنها كذا ودولة باطنية وهي على غير الإسلام ولها معتقدات مكفِّرة، إلى آخره، فكيف يقنعون الناس أنهم محبون للدين ومحبون للنبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ وأنهم من آل البيت أول ما بدأ أحدثوا الاحتفالات البدعية، فهم أول من أحدث الاحتفال بالمولد النبوي ، جاءوا قالوا هذا يوم المولد لابد أن نحتفل به، فلما رأى العوام أن هؤلاء هذه الدولة تحتفل بمولد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتتلوا سورته، ويفعلون في المولد صرخات وأكل وطعام ونحو ذلك قالوا هؤلاء محبون للشريعة محبون للسنة، والعوام ليس عندهم من تقييم الأمور ما عند أهل العلم، وابتدأ ذلك فبدل أن يكون يوم واحد من الاحتفالات في السنة صار كما قال المؤرخون عندهم في كل يوم مولد في كل يوم احتفال في الدولة العبيدية، فأيدتها الدولة وانتشرت في الناس ذلك شيئا فشيئا حتى عمّ في الناس.
إذاً من الأسباب التي دعت إلى انتشار البدع ما أيدت به البدع الدولة العبيدية، وأعظم البدع التي أيدتها الدولة العبيدية من جهة العمل الاحتفالات بأنواعها مع ما هم عليه من البدع في الاعتقاد.
من الأسباب أيضا لإحداث البدع ولبقائها ولانتشارهاالاستحسان العقلي في مقابلة النص الشرعي: الدين كامل فلا يجوز أن تستحسن فيه بالعقل في عبادة؛ لأن العبادات في الأصل لا تعلم عللها، لم جُعلت صلاة الظهر أربعا والمغرب ثلاثا، لم المغرب ثلاثا وبعد ساعة ونصف العشاء أربع؟ لم صار التقييد في التسبيح بكذا وكذا؟ هذه العبادات لا نعلم عللها.
فلهذا وجب أن يقتصر فيها على نص الشارع؛ لأنه لا علة معلومة فيها، ولهذا يقول العلماء العبادات هي غير معلومة العلة يعني في الغالب، الحكمة غير العلة، الحكمة وصف قاصر، أما العلة هي الأمر الذي أو الوصف المناسب الذي تستخرج منه حكما لغير المسألة بجامع بينها وبين المسألة المنصوص عليها، الحكم شيء والعلل شيء آخر.
إذاً من أسباب البدع الاستحسان العقلي، والشريعة كاملة والعبادات لا مجال فيها للعقل أصلا.
إذا قال قائل: أنا أريد أن أدعوا الله بالطريقة الفلانية.فقل: لماذا لا تصلي الظهر خمسا ؟ فهو يقول: الظهر خمسا؟!! ما صلى النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ خمسا.
فإذاً هل فعل النبي هذا الدعاء أو هذه الهيئة أو هذا الذكر؟ أو هل اجتمع الصحابة على هذا النحو؟ ما الفرق بين هذه وهذه؟
أدخل تحسينه العقلي في أشياء ولم يدخله في أشياء لأنه هابه؛ هاب المخالفة فيه لعظم المخالفة.
ولهذا من أسباب البدع الدخول فيه بالتحسين العقلي، يدخل في العقل يقول هذا الشيء نفعل كذا حتى نجيب الناس نجمعهم بهذه الطريقة.
وكل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف
إذاً هذه خمسة أسباب لحدوث البدع ولاستمرار البدع في هذه الأمة.
[القواعد التي تعرف بها السنة والبدعة]
هناك قواعد مهمة إذا علمتها سهُل عليك القوة في أمر السنة والرد على أهل البدع.
أما القاعدة الأولى منها: فهي أن الأصل في العبادات الحظر حتى يأتي الدليل، الأصل في العبادات المنع حتى يأتي الدليل بها،لم؟ لأن العبادة شُرعت على غير تعليل عقلي، فالأصل أن لا يتعبد أحد بشيء حتى يأتي الدليل به لقول الله جل وعلا (وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)[الحشر:7] ما آتاكم من الأقوال والأعمال والاعتقادات فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا.
هذه قاعدة مهمة أن الأصل في العبادات الحظر حتى يأتي الدليل،فإذا أتى آتٍ وقال لك أن هذه البدعة طيبة، فقل: الأصل في العبادة المنع حتى يأتي الدليل، فهل أتى بهذه دليل هل أجمع عليها العلماء؟ هل ذكرها الصحابة؟ هل فعلها الصحابة؟كما سيأتي في القواعد الأخرى هذه قاعدة مهمة.
القاعدة الثانية في أصول معرفة البدع والرد على أهلها:أنّ البدعة التي أُحدثت لو كانت خيرا لفعلها خير هذه الأمة، وخير هذه الأمة هم صحابة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتابعوهم وتابعوهم، هم خير هذه الأمة.
فإذاً إذا أتى واحد وفعل بدعة فتسأله: هل فعلها الصحابة؟ هل فعلها التابعون؟ فإذا قال: لا. فتقول: إذاً لو كانت خيرا تُقَرِّبُ إلى الله لفعلها خير هذه الأمة؛ بل لفعلها النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ ولفعلها أصحابه في وقته، فلو كانت خيرا لفعلوها، فما دام أنهم ما يفعلوها، فدلنا ذلك على أنها ليست بطريقة مرضية؛ لأنهم خير هذه الأمة، ومقتضى أنهم خير هذه الأمة أن الأمور الخيرة قد عملوها في أمور العبادات والاعتقادات والجهاد وغير ذلك.
من القواعد أيضا المهمة في ذلك:أنْ تعلم أن فعل النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ أو سنة النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ نقول سنة النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ على قسمين:
* سنة فعلية.
* وسنة تركية.
كما حققها العلامة ابن القيم في كتابه إعلام الموقعين عن رب العالمين سنة فعلية وسنة تركية، الناس يهتمون بسنن الفعل النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ، روي عنه أنه فعل كذا فنصلي، صلى الراتبة نصليها، أمر بالذكر فنذكر على هذا النحو، هذه سنة فعلية واضحة، فأمر أو أتى أو رغب فهذه سنن الأفعال، أو فعل ذلك بنفسه أو أقر غيره فهذه السنن الفعلية.
لكن المهم في قواعد البدع أن تعلم من سنته سنة الترك، وتركه سنة كما أن فعله سنة لأن الترك في الحقيقة فعل، هو ترك للفعل، فهو فعل ترك.
فلهذا نقول سنة النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ منها الترك.
وإذاً الذي يرد اتباع السنة فإنه يفعل ما فعل عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ ويترك ما ترك؛ لأن سنته عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ منها سنة تركية.
هذه قاعدة مهمة، فتأتي إلى أهل البدع وتقول لهم: النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ فعل وهذه سنة فعلية تقتدي بها أولا تقتدي؟ يقول: نعم أقتدي بها. فتقول: أيضا النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ ترك وهذه سنة تركية، فإذا كانت سنة تركية فنترك لأنه ترك، كما أننا نفعل لأنه فعل.
فالسنة ترجع إلى الشيئين، وإقتداء المكلف بالنبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ الذي يؤجر عليه من جهة النية ومن جهة الفعل أن يفعل لأجل أن النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ فعل،وأن يترك لأجل أن النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ ترك .
هذه بعض القواعد والمقام يقصر عن تفسير هذا المقال.
من محاضرة بعنوان
التحذير من البدع وعواقبها الوخيمة
الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ حفظه الله