النشأة والمولد
إبراهيم هنانو هو إبراهيم بن سليمان آغا هنانو، أبو طارق: من كبار المجاهدين في الثورات الاستقلالية بسوريا. ولد إبراهيم هنانو في بلدة (كفر حارم) غربي حلب (1286هـ/ 1869م)، ونشأ في أسرة معروفة بالغنى واليسار، وكانت تنحدر من أصل تركي، واعتنت به أسرته في التعليم، فقد تعلم في المدرسة الملكية بالآستانة، والتحق بالمدرسة الملكية للحقوق والإدارة.
وبعد التخرج تقلب في مختلف الوظائف الإدارية متنقلاً في بعض المدن العثمانية، حتى انتهي به الحال رئيسًا لديوان ولاية حلب سنة (1337هـ/ 1918م).
جهاده وأهم المعارك ودوره فيها
عاش إبراهيم هنانو في وقت ضعف الأمة، واستبداد خصمها بشئونها، فعمل على إعادة الحق المسلوب، وعلى نهضة أمته، وصرف وقته إلى أمته أكثر من نفسه. نظر إلى وطنه فوجد كل القوى الصليبية تعمل على تدميره، فقد احتل الفرنسيون سوريا، والتي هي وطنه الأصغر في معركة ميلسون، ودخل القائد الفرنسي دمشق، حتى وصل إلى قبر صلاح الدين ليقول -وبقلب يتقطر حقدًا ورثه عن أجداده الصليبيين-: ها قد عدنا يا صلاح الدين.
لم يرق لإبراهيم هنانو أن يرى بعينيه، تصرف المحتل الغاصب والغاشم في أمور بلدته، فسارع على الفور بتشكيل مجموعات مجاهدة لمقاومة المحتل، تتخذ من حلب مقرًّا لها، وفوض إليه الناس جمع السلاح والمال للجهاد ضد الفرنسيين، واستطاع تأليف حكومة وطنية في حلب ولقب بـ (المتوكل على الله)، وكثرت جموعه واتسع نطاق نفوذه، وكان من منهاجه عدم الاعتراف بالدول المنتدبة، وعدم الاعتراف بإقامة دولة صهيونية على أرض فلسطين، وخاض من أجل هذا سبعًا وعشرين معركة في عشرين شهرًا، لم يصب خلالها بهزيمة واحدة، وكانت المعارك في ضواحي حماة والمعرة، وجبل شحشبوا ونواحي جسر الشغور، واستطاع أن يكبد العدو الصليبي كثيرًا من الخسائر الفادحة.
ولما اشتدت عليه حملات القوات الفرنسية عليه، غامر بغارة اخترق فيها سوريا إلى أن بلغ فيها السليمية، وفيها غدر به سكانها الإسماعيليون وطوقوه مع الفرنسيين، وكان إبراهيم لا يرى ما يمنع من التعاون مع الفصائل المجاهدة، ولاح له في الأفق بيان أذاعه الشريف عبد الله بن الحسين في عمان بأنه جاء من الحجاز إلى سوريا لتحريرها، واستطاع إبراهيم أن يهرب من السليمية إلى عمان بعد أن حاصره الفرنسيون.
ولما بلغ عمان تبدد حلمه في معاونة الشريف عبد الله بن الحسين له، فسافر إلى القدس، وهناك ألقي القبض عليه من قبل القوات الإنجليزية لتقدمه إلى القوات الفرنسية لمحاكمته لتضح الرؤيا لدى الجميع أن كل القوى الصليبية رغم اختلافها مع بعضها البعض إلا أنها تتوحد على الإسلام وعلى المجاهدين للفتك بهم، وقدم إبراهيم هنانو إلى المحاكمة، وبعد مداولات طالب فيها بعض الفرنسيين بإعدامه إلا أن المحكمة قضت ببراءته باعتبار ثورته سياسة شرعية.
وعندما أُفرج عنه استقبله الناس في "حلب" استقبالاً رائعًا، وتحوَّل إلى العمل السياسي، وظل طيلة حياته سيئ الظن بنوايا الفرنسيين؛ رافضًا الاعتراف بالانتداب، داعيًا إلى إصلاح التعليم، مُنبهًا إلى أن اللغة العربية سوف يُقضَى عليها ما دامت برامج التعليم تجعل اللغة الفرنسية مقياسًا للنجاح في المدارس، وتهمل دراسة آداب العرب وحضارتهم المجيدة.
بعد أن اتجه إبراهيم هنانو حاول الفرنسيون استمالته إليهم لينفذ لهم ما يريدون مقابل رشوة من المال، إلا أنهم اصطدموا بحائط قوي يملأه إيمان بالله والعمل على التضحية في سبيل بلاده، فلم يجد الفرنسيون بدًّا من اغتياله بعد أن فشلوا في استمالته، فاستأجروا رجلاً يُدعى "نيازي كوسا" أطلق عليه رصاصة لم تصب إلا طرف حذائه! وهكذا كانت إرادة الله.
وفاته
وفي أخريات حياته أُصيب بمرض عضال تُوفِّي على إثره، ودفن في حلب في (24 من شعبان 1354هـ/ 21 من نوفمبر 1935م)[1].
[1] المراجع: الأعلام للزركلي - موقع شبكة نداء القدس - موقع إسلام أون لاين.
منقول