هو القائل :
وظُلمُ ذوِي القُربى أشَدُّ مَضَاضَةً ** على المَرءِ منْ وقْعِ الحُسامِ المُهنَّدِ .
سَتُبدِي لكَ الأيَّامُ ما كُنتَ جَاهِلا ** ويأتِيكَ بالأخْبَارِ منْ لمْ تُزوِّدِ .
وهو القائل :
لَعمْرُكَ إنَّ المَوتَ مـَا أخطَأَ الفَتى ** لكالطَوَل المُرخَى وثِنياهُ في اليَدِ .
طرفة بنُ العبِْدِ ابو عَمرو بن العَبْد المُلقَّب بِـ " طرفه" بِبيتٍ قالهُ، شاعرٌ جَاهِليٌّ منْ الأفْذَاذْ، ومنْ أصْحابِ المُعَلَّقَاتْ، ماتَ أبوهُ وهو صغيرْ فَنشأ يتِيمًا، وقُتلَ وهو ابنُ العِشْرينْ، فـقِيلَ عنهُ " ابنُ العِشْرِين "...
أمُّهُ" وردة " بنتُ عبدِ المسيحْ، وخَالُهُ المُتلمس الشَّاعِرُ ....
أساءَ أعْمامُهُ تَربِيَتهُ، فَنشَأ على اللَّهوِ والشُرْب..
وأبوا أنْ يَقسِمُوا لهُ ما تَركَهُ أبوهُ، وظلموا حقَّ أمِّهِ، فقال طرفه:
ما تنظرون بحق"وردة" فيكم ** صَغُرَ البَنُون ورهطُ "وردة" غُيّب .
قد يَبعَثُ الأمرَ العَظِيمَ صغيرُهُ ** حتى تَظلَّ لهُ الدِّماءُ تَصبَّبُ.
والظُلمُ مزَّقَ بيْنَ حَيَّيْ وائلٍ ** بكرٌ تُسَاقِيها المَنايَا تَغلِِبُ .
والصِّدقُ يألفُهُ الكَريم المُرتجى ** والكذب يألفُهُ الدّنِي الأخيَبُ .
ويُقالُ أنَّ أوَّلَ شعرٍ قالَهُ، حينَ خَرجَ للصَّيدِ معَ أحدِ أعْمَامِهِ، ونَصبَ فخّا ولمْ يَصدْ، فلما أرَادَ الرّحِيل قال ( طرفة):
يا لك من قبرة بمعمر ** خلا لك الجو فبيضي واصفري .
ونقري ما شئت ان تنقري ** قد رفع الفخ فماذا تحذري؟ .
قد ذهب الصيّادُ عنكِ فابْشِري ** لا بُدّ يوما ان تصَادِي فاصْبِري .
كان طرفه غيرَ مُبالٍ بالحياة ...
فإنْ كنتَ لا تَسطِيعُ دَفعَ مَنيَّتِي ** فَدعنِي أُبَادِرها بِمـَا مَلكَتْ يَدِي .
وفي " الشعر و الشعراء"، "لابن قتيبة الدينوري"، قال "ابو عبيد ة ": سئل "لبيد" وهو بالكوفه عن أشْعرِ العَربِ؟ فقال في الاولى: الملك الضليل يعني امرأ القيس، وقال في الثَّانيَه: ابنُ العِشْرِين، يعني طرفه !!
إسْتَنْوَقَ الجَمَلُ !!
في الأمْثَال للضبي، كانَ طَرفَه يَلعَبُ معَ الغِلمَانْ قُربَ أحدِ مَجالِسِ بنِي قَيْس بن ثَعلَبَه، فــاسْتَنْشَدَ أهلُ المَجْلِسِ الشَّاعرَ "المسيب بن علس"، فأقبلَ طَرفَه معَ الغِلْمَان يَسْمَعُون..، فَـزَعَمُوا أنَّ الشَّاعِرَ قـــَال:
وقد أتَنَاسى الهمَّ عِندَ احْتِضَارِهِ ** بنَاجٍ عَلَيْهِ الصيعرية مكدم .
فقالَ طَرَفَه: استنوق الجملُ !! فضحك النَّاس في المجلسْ.
وذاكَ أنَّ "الصيعريه" هي صفةٌ - في اليَمن - للنُّوقِ دونَ الجِمَال ...
فقال الشّاعر : ويلٌ لهذا من هذا، يقصدُ ويلٌ لِطَرَفَة مِن لسَانِهِ .. وكان قَتْلُ طَرفَه بِجنَايَةِ لِسانِهِ حينَ هجَا عَمرو بن هند الملك ...
.
.
.
للحديث بقية ...
منقول