أكد الخبير الأمني والاستراتيجي، ورئيس اللجنة الجزائرية للسلم والمصالحة، أحمد ميزاب، في حوار لـ"الفجر"، أن واشنطن وعبر عملية التدخل العسكري في ليبيا، تتجه نحو عسكرة المنطقة، متوقعا أن تتواصل العملية لأسابيع، وقال أن استثناء البنتاغون للتنظيمات الأخرى في الحرب سيجعلها تستغل فرصة التركيز على "داعش الإرهابي، لإعادة بناء صفوفها من خلال استقطاب الفارين من ليبيا من جهة، وتعزيز مواردها بتنفيذ عمليات اختطاف للرعايا الأجانب، من جهة أخرى، حسب تقارير استخباراتية نتوفر عليها، يقول الخبير ميزاب.
الفجر: كم تعتقدون أن يستمر التدخل العسكري الأجنبي في ليبيا؟
أعتقد أن التدخل العسكري في ليبيا سيبقى لأسابيع، وهذا بدليل الحصيلة التي تسجلها قوات الجيش الأمريكي، خاصة بمنطقة سرت الليبية، فهي متقدمة.
ماهي التأثيرات السلبية لاستمرار هذا التدخل العسكري على دول الجوار، تونس، مصر والجزائر؟
التدخل العسكري في ليبيا أثر على الجيش الجزائري في مراقبة الحدود، ورفع درجة الاستنفار أكبر مما كانت عليه في السابق، والضغط سيرتفع لا محالة، خاصة وأن الحدود طويلة جدا، وصعبة السيطرة عليها في جميع المناطق.
كما أن التدخل الأمريكي يصب في اتجاه عسكرة المنطقة، وهذا ليس في صالح الجزائر ولا دول الجوار، بدليل أن فرنسا وضعت قاعدة عسكرية في التشاد، والآن واشنطن تتجه في نفس الطريق مستغلة بذلك محاربة تنظيم "داعش" الإرهابي كغطاء للتدخل، والدليل أن عناصر الاستخبارات والأمن تشتغل في ليبيا وتقوم بمسح الأراضي وجمع كل ما يهمها من معلومات في مناطق أخرى، وسيستمر ذلك إلى غاية تحقيق الهدف.
ماهي انعكاسات الحرب على "داعش" بالنسبة للتنظيمات الإرهابية الأخرى في المنطقة وخاصة القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي؟
أعتقد أن حصر الضربات العسكرية للجيش الأمريكي على داعش فقط، واستثناء التنظيمات الإرهابية الأخرى من المخطط، هي فرصة ومرحلة مهمة للتنظيمات الإرهابية المتواجدة بمنطقة شمال إفريقيا والساحل لإعادة بناء نفسها من جديد، وأخص بالذكر هنا تنظيم القاعدة والمرابطون، الموقعون بالدماء، أنصار الشريعة، وبوكو حرام، وما يقع في ليبيا اليوم هو مناسب حتى تنتعش تلك الجماعات وتقوي صفوفها بضم "دواعش" فارين من ليبيا، وهذا أمر سيفجر المنطقة لاحقا ويجعلها مهددة أكثر مما كانت عليه.
كيف سيكون ذلك؟
هناك تقارير استخباراتية غربية تشير إلى أن سيناريوهات اختطاف للرعايا الأجانب في الجنوب والساحل ومنطقة شمال إفريقيا وارد جدا، مثلما كانت تقوم به عناصر القاعدة في وقت سابق، حيث تعد عمليات اختطاف الأجانب أحد مصادر التمويل الهامة والأساسية، وهذا بالتعاون مع السكان والشباب، كما أن شبكات الجريمة وتجارة السلاح والتهريب ستنتعش من جديد، لأن التركيز كله على تنظيم "داعش"، وعليه فإن ما يقع في ليبيا هو فرصة ذهبية للتنظيمات الإرهابية الأخرى لإعادة ترصيص ودعم صفوفها وربما تجنيد عناصر جديدة لا علاقة لها بالإرهاب.
هل يمكن للجزائر ودول الجوار أن تغير من تنسيقها مع الأطراف الليبية مستقبلا، بعد طلب حكومة السراج للتدخل العسكري بليبيا ونتائجه السلبية التي تتكبدها اليوم؟
التنسيق الأمني والاستخباراتي قائم وضروري لدول الجوار والأطراف الليبية من أجل جمع المعلومات الأمنية لحماية استقرارها، وما قامت به حكومة السراج، يندرج في إطار سياسة تسابق الأطراف الليبية لكسب وحدة التحالف الغربي وخاصة الأمريكي، ومع ذلك فإن حكومة الوفاق الوطني في ليبيا، لا يمكن أن تكون المرجع الوحيد لدول الجوار في الإمداد بالأخبار والمعلومات ولا حتى التنسيق، لأنها وببساطة لا تسيطر على جميع الأراضي الليبية، فهناك مليشيات لا تتعامل معها، وهناك مناطق أخرى تقع تحت سيطرة برلمان طبرق، وأخرى تحت سيطرة اللواء حفتر، ومناطق أخرى يسيرها مجلس شورى بنغازي، ومن هذا المنطق أقول أن التدخل العسكري في ليبيا قسم البلاد أكثر من السابق، لأن الجميع في الداخل يخوض الحرب ضد داعش لنيل رضا الغرب في وقت تستغل فيه واشنطن هذا الوضع لصالحها.
ما هي نتائج التدخل العسكري على تنظيم داعش نفسه، وما إمكانية تغيير استراتيجياته في الميدان؟
أهم تأثير تركته الضربات التي يقوم بها "الأمريكان" على "داعش" الإرهابي، هو تشت التنظيم وتحوله إلى مجموعات صغيرة وانتشارها إلى مناطق أخرى، حتى يصعب مراقبتها ومتابعتها، أما الاحتمال الثاني فهو انتقال العناصر الإرهابية لتنظيم "داعش" نحو بلدانهم الأصلية، أو البلدان التي تمت عمليات التجنيد بها، وأذكر هنا أن جنسيات تنظيم "داعش" تتكون من تونسيين، وليبيين ومصريين وعشرات الجزائريين، فضلا عن مغربيين وموريتانيين وماليين، ويقارب العدد الإجمالي لعناصر التنظيم 6700 إرهابي.
ما الفائدة التي ستجنيها واشنطن من بعث مشروع عسكرة المنطقة، في رأيكم؟
الهدف هو نفسه الذي تدخلت من أجله القوى الغربية في العراق وسوريا وليبيا اليوم، هي المصالح الاقتصادية ووضع يدها على الثروات وانتعاش تجارة السلاح وإعادة الإعمار بعد الخراب، ولهذا فإن تنامي ظاهرة الإرهاب هو أمر في صالح هذه الدول لأنه يخلق المناخ المناسب للتدخل.
منقول