كتمان السر
إن كتمان السر من الأخلاق الجميلة التي يتحلّى بها المسلم , وهو من الدلالات الطيبة التي تعزّز علاقات الناس بعضهم ببعض , وتجدد مواضع الثقة بينهم , وتضاعف من درجات الحب والتواد والتواصل مع بعضهم البعض 0
قال المهلّب :" أدنى أخلاق الشريف كتمان السر , وأعلى أخلاقه نسيان ما أُسِرَّ له "
لذا يتعيّن على من حمل سرّاً لأخيه أو صديقه أن يحفظ هذا السر ولا يذيعه , وأن يحرص عليه حرصه على نفسه ودينه , فإن كتمان الأسرار كما قيل يدل على جواهر الرجال 0
ولنا في قصة يوسف مع أبيه يعقوب عليهما وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم التوجيه السليم بضرورة كتمان السر خاصةً إذا كان ذلك السر هو عبارة عن فضل ونعمة من الله سبحانه وتعالى خشية الحسد والمؤامرة من الغير , فحينما أخبر يوسف أباه بالرؤيا التي في المنام فسّرها بأن إخوانه سيخرون له ساجدين إجلالا واحتراماً وإكراماً , فخشي يعقوب على ابنه من إخوانه فأمره بأن لا يخبر أحداً بتلك الرؤيا , وأن لا يفشي السر الذي بينهما فقال الله تعالى على لسانه عليه السلام { قال يا بنيَّ لا تقصص رؤياك على اخوتك فيكيدوا لك كيداً إن الشيطان للإنسان عدوٌ مبين } يوسف (5) 0
وروي عن الرسول صلى الله عليه وسلّم قوله :" استعينوا على قضاء الحوائج بالكتمان , فإن كل ذي نعمةٍ محسود " 0
وقال صالح بن عبد القدوس :" لا تودع سرّك إلى من طلبه فالطالب للسر مذيع "
وإذا أردت أن تخبر سرك أحداً لمصلحة ما تعود لك فلا بد أن تختار الرجل المناسب المتّصف بالثقة والرشد
وذلك لأنك لو أعطيته من لم يقدرك ويقدر سرك فعندئذٍ يحل بك الندم وتلحق نفسك اللوم بعد اللوم لسؤ اختيارك في من أعطيته سرك 0
قال عمرو بن العاص :" ما وضعت سري عند أحد فلمْته على أن بفشيه , كيف ألومه وقد ضقت به "
وقال الشافعي رحمه الله :-
إذا المرء أفشى سره بلسانه ولام عليه غيره فهو أحمقُ
إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه فصدر الذي يستودع السر أضيقُ
ومن الخير والصلاح كتم أسرار الآخرين وعدم الإفضاء بها خشية وقوع فتنة ما أو ضغينة أو كراهية لا يحمد عقباها
منقول