"إنكلابات" ديمقراطية!
عمار يزلي
لست أدري كيف سيمكن مستقبلا وفي ظل "حمى الكلام عن الديمقراطية والتعددية
والانتخابات" في العالم، أن نقبل بنتائج الانقلابات العسكرية، فهل ستقبل نتائجها على
أساس التعامل مع "الأمر الواقع"، تماشيا مع المصالح قبل المبادئ (وهذا هو الحال
دائما!)، أم أننا سنقف مع المبدأ ونسمي البط بطا، حتى لو أظهر وصور على أنه قط؟
في مصر اليوم، وفي الجزائر قبل نحو 50 سنة (19 جوان 1965)، سميت نتائج
الانقلاب، "تصحيح ثورة" كما سمي عندنا انقلاب 19 جوان "تصحيحا ثوريا"، يبدو
أن الأسماء وإن تغيرت فالمضمون واحد! والديمقراطية ماركة عالمية تسوق بأشكال
وديزاين يتماشى والمعايير والأمزجة التي تقول"المصلحة أولى من المبدأ".
نمت على وقع النتائج المتوقعة النتائج في الكرة وفي سياسة السيسي وفي تعاطي
الحكومات العلمية والعربية والمغاربية مع نتائج "إعلان الانقلاب، إنجازا ديمقراطيا"
لأجد نفسي أعيش وضعا مماثلا ولكن في بلد غير مصر ولا الجزائر: أمريكا! لقد قامت
الجنرالات بعزل الرئيس أوباما، وأدخل مؤيدوه إلى المعتقلات والمحتشدات في صحراء
نيفادا بدون محاكمات، ومنعت القنوات غير المؤيدة للانقلاب من العمل وفرضت
الحصار وحظر التجوال وتدخل العسكر في الحياة السياسية ومنعت الأحزاب المعارضة
من العمل وحل مجلس الشيوخ بغرفتيه، وخرج المنقلبون أمام القنوات الداعمة للانقلاب
لتقول إنها قامت "بتصحيح ديمقراطي" بعد أن بدأ أوباما يفرض نفسه دكتاتورا، فلقد
قرر أوباما أن يوقف المساعدات والدعم السياسي والعسكري لإسرائيل وشدد اللهجة
تجاه النتن ياهو، وقرر منع وزرائه من السفر وغلق حساباتهم، كما قرر فرض حظر
اقتصادي وعسكري على هذه الدولة التي لم تلتزم بمواثيق الأمم المتحدة يوما ولم
ترضخ يوما لأي قرار للجمعية العامة، ومازالت تهدد وحدة الصف والشعب الفلسطيني
وأرض فلسطين. هذا الخطاب لم يعجب العسكر فقرر تصحيح المسار الديمقراطي بانقلاب
على الطريقة المصرية. مصر كان البلد الأول الذي بارك هذا التحول الديمقراطي في
أمريكا، وخرج السيسي ليقول إنه هو من أعطى درسا لأمريكا لكي تنتهج نهجه في
التعامل مع الإرهاب العالمي الذي مصدره غزة وحركة حماس والإخوان.
أعلن أوباما من جماعة الإخوان، وحضر المجلس العسكري الأمريكي كل أنشطة جماعة
الإخوان وكل الحركات الإسلامية المساندة لفلسطين (أي كل المسلمين وكل الإسلام)
واعتبرت الإسلام والمسلمين خطرا على الأمن القومي الأمريكي والإسرائيلي
والمصري والجزائري والعربي الإسلامي!
أفقت، يا ليتني لم أفق، لأجد هذا شبه واقع معطي حتى بدون انقلاب.
الشروق اون لاين