محبة الرسول
إنّ محبته عليه الصلاة والسلام فرض على كل مؤمن، وهي محبة ذات أصل، كونها تدخل في شهادة أنّ محمدًا رسول الله، فمن لا يحبه عليه الصلاة والسلام لن يصِحَّ إسلامه، وهذه المرتبة الأساسية متعلقة بمرتبة الإسلام، أمّا كمال هذه المحبة فيظهر بأن يكونَ النبي عليه السلام أحبَّ للمؤمن من نفسه أولاً، ومن ثمّ من والدِه وولَدِه، وهذه المرتبة متعلقة بمرتبة الإيمان، وتكون هذه المحبة على أصناف، أحدها محبة إجلال وتعظيم، كمحبة الوَلَد والدَه، وثانيها محبة رحمة، كمحبة الوالِد ولَدَه، وآخرها محبة استحسان ومشاكلة، كمحبة أحدنا غيره، فترجح محبته عليه الصلاة والسلام عليهم كلهم.
اقرا موضوع اخر:
دعاء النوم
عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((آية المنافق: بُغض الأنصار، وآية المؤمن: حب الأنصار)).
وفي حديث البراء: عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الأنصار: ((لا يحبهم إلا مؤمنٌ، ولا يُبغِضهم إلا منافقٌ، مَن أحبهم أحبه الله، ومن أبغَضهم أبغَضه الله)).
ولمسلم من حديث أبي هريرة ومن حديث أبي سعيدٍ، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يُبغِض الأنصارَ رجلٌ يؤمن بالله واليوم الآخر)).
أولًا: ترجمة رواة الأحاديث:
أما أنس - رضي الله عنه - فتقدمت ترجمته في الحديث الثالث من كتاب الإيمان.
وأما البراء فهو البراء بن عازب بن الحارث بن عدي الأنصاري الأوسي، يكنى أبا عمرو، وقيل: أبا عمارة، ردَّه النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر لصِغر سنه، وأول مشاهده أحد، وقيل: الخندق، وغزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عشرة غزوة، وشهد غزوة تستر مع أبي موسى، وشهد مع علي بن أبي طالب الجمَل وصِفِّين والنهروان هو وأخوه عبيد بن عازب، ونزل بالكوفة، وابتنى بها دارًا، ومات أيام مصعب بن الزبير - رضي الله عنه وأرضاه؛ [انظر: أسد الغابة (1 /205)].
وأما أبو هريرة - رضي الله عنه - فتقدمت ترجمته في الحديث الأول من كتاب الإيمان.
ثانيًا: تخريج الأحاديث:
حديث أنس أخرجه مسلم، حديث (74)، وأخرجه البخاري في "كتاب الإيمان" "باب علامة الإيمان حب الأنصار" حديث (17)، وأخرجه النسائي في "كتاب الإيمان" "باب علامة الإيمان" حديث (5034).
وأما حديث البراء فأخرجه مسلم، حديث (75)، وأخرجه البخاري في"كتاب مناقب الأنصار" "باب حب الأنصار من الإيمان" حديث (3783)، وأخرجه ابن ماجه في "المقدمة" "باب في فضائل أصحاب رسول الله" حديث (163).
وأما حديث أبي هريرة فأخرجه مسلم في حديث (76)، وأما حديث أبي سعيد فأخرجه مسلم حديث (77)، وانفرد مسلم بالحديثين.
ثالثًا: شرح ألفاظ الأحاديث:
(آية المنافق: بُغض الأنصار): الآية هي العلامة، و(الأنصار) جمع ناصر، والألف واللام للعهد الذهني؛ فهم أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمراد بهم الأوس والخزرج، سماهم النبي صلى الله عليه وسلم الأنصار؛ لأنهم ناصروا النبي صلى الله عليه وسلم والإسلام، ودافعوا، وقدموا أموالهم وأنفسهم في سبيل ذلك، ولا شك أن المهاجرين يدخلون في هذا الفضل؛ لأنهم أيضًا ناصروا النبي صلى الله عليه وسلم والإسلام؛ فهم جمعوا بين النصرة والهجرة، فهم مع هجرتهم أنصارٌ للنبي صلى الله عليه وسلم.