صلِّ على من مات أبو معاذ محمد الطايع الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: أخي الكريم !! فإن صلاة الجنازة من فروض الكفايات، لما يفهم من قول البراء - رضي الله عنه - قال: )أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - بسبع ونهانا عن سبع، أمرنا باتباع الجنائز... ( الحديث. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: )من صلى على جنازة ولم يتبعها فله قيراط فإن تبعها فله قيراطان قيل: وما القيراطان قال: أصغرهما مثل أحد(. وفي رواية: )من خرج مع جنازة من بيتها وصلى عليها ثم تبعها حتى تدفن كان له قيراطان من أجر كل قيراط مثل أحد، ومن صلى عليها ثم رجع كان له من الأجر مثل أحد(. ولما سمع ابن عمر – رضي الله عنهما – قال: «لقد فرطنا في قراريط كثيرة». واعلم رحمك الله أن في الجنائز عبرة للمعتبرين وفكرة للمتفكرين وتنبيها للغافلين وإيقاظا للنائمين بينما الإنسان في قيام وقعود ونزول وصعود، وخذ هذا ودع هذا، وابن هذا واهدم هذا، وقد كان وما كان، وأين ذهب فلان ومن أين جاء فلان إذ جاءه أمر إلهي وحادث سماوي وحكم رباني فسكن حركته، وأطفأ شعلته، وأذهب نضرته، وتركه كالخشبة الملقاة والحجر المرمي إن صيح به لم يسمع، وإن دعي لم يجب، وإن قطع أو أحرق لم يتكلم، إن ربك على ما يشاء قدير. ولكن حب الدنيا وحجاب الهوى الذي غطى القلوب وأعشى البصائر يمنع الفكرة في الجنائز، والاعتبار بها، فصارت لا تزيد رؤيتها إلا غفلة، ولا مشاهدتها إلا قسوة، حتى كأن الميت إنما هو نائم يستيقظ بعد ساعة، ويهب عن قريب، أو كأن الذي يراها لا يكون مثلها ولا يدخل مدخلها، وكأن ذلك الميت نزل به ملك الموت وحده وإياه قصد خاصة.
الذكر في صلاة الجنازة: عن عوف بن مالك - رضي الله عنه - قال: )صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جنازة، فحفظت من دعائه وهو يقول: اللهم اغفر له وارحمه، وعافه، واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارا خيرا من داره، وأهلا خيرا من أهله، وزوجا خيرا من زوجه، وأدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر، ومن عذاب النار، قال: حتى تمنيت أن أكون أنا ذلك الميت (.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: )صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جنازة فقال: اللهم اغفر لحينا وميتنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، وشاهدنا وغائبنا، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان، اللهم لا تحرمنا أجره ولا تضلنا بعده (. هذا والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. منقول