عبّرت السلطات الجزائرية عن قلقها من احتمالات “تمدّد” التنظيم الإرهابي الدولي “داعش” من ليبيا إلى منطقة الساحل وشمال إفريقيا ودعت إلى التعجيل بوضع إستراتيجية دولية لا تعتمد فقط على المقاربة الأمنية في مكافحة الإرهاب. وأكدت الجزائر أن الظاهرة الإرهابية تبقى أكبر تحدّ لجيوش دول الساحل بفعل الاضطرابات التي خلّفها التدخل العسكري لمنظمة حلف “الناتو” في ليبيا منذ 2011.
أكد رئيس المجلس الشعبي الوطني، محمد العربي ولد خليفة، أن مقاربة الجزائر “الناجحة” في تحقيق الاستقرار والأمن ترى أن محاربة الإرهاب لا تقتصر على الجوانب الأمنية فحسب بل تقتضي سياسات وإستراتيجيات الحوار والمصالحة الوطنية. وأوضح ولد خليفة الذي يمثل رئيس الجمهورية في أشغال القمة الـ17 لحركة عدم الانحياز المنعقدة بفنزويلا في كلمة له أن “التجربة الجزائرية الرائدة اعتمدت في تحقيق الاستقرار والأمن على مقاربة ناجحة”. وأضاف أن هذه المقاربة “ترى أن محاربة الإرهاب لا يجب أن تقتصر على الجوانب الأمنية فحسب بل تقتضي ***** سياسات وإستراتيجيات الحوار والمصالحة الوطنية عبر طرح بدائل واعتماد مبادرات شاملة لاجتثاث التطرف العنيف وتفكيك منابعه الفكرية والعقائدية والمالية”. وفي هذا الصدد ذكر ولد خليفة أن الجزائر “التي عانت من الهمجية الإرهابية لأزيد من عقد كامل في التسعينيات من القرن الماضي في ظل صمت دولي مريب تمكنت وحدها وبتبني إستراتيجية وطنية مبدعة قائمة على القانون ومحترمة لحقوق الإنسان وقوامها سياسة السلم والمصالحة الوطنية التي بادر بها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة”. وقد سمحت هذه الإستراتيجية للجزائر بـ«استعادة أمنها واستقرارها ومباشرة الرئيس بوتفليقة لبرامج إصلاحية على كل المستويات، الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية، السياسية والدستورية، مما جعل من بلدنا نموذجا للتنمية الإنسانية وجزيرة للأمن والاستقرار في إفريقيا والعالم العربي”.
كما أصبحت التجربة الجزائرية للمصالحة الوطنية ـ يضيف السيد ولد خليفة ـ “نموذجا تبنته عدد من الدول لتحقيق أمنها واستقرارها”. وفي هذا الصدد أكد رئيس المجلس أن الإرهاب “بكل أصنافه ومنابعة وأشكاله العدوانية يبقى التحدي الأمني الأساسي الذي نواجهه لما لهذا التهديد من تداعيات سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية خطيرة”. وأعرب في هذا الجانب عن “قلق الجزائر الشديد” إزاء “تصاعد وانتشار العمليات الإرهابية عبر كل مناطق العالم وبشاعة المجازر والأعمال الإجرامية التي تطال الأفراد والممتلكات دون تمييز لعرق أو جنس أو دين، خاصة في الدول التي عرفت التدخل الأجنبي”.
وأضاف أن هذه الوضعية نتج عنها “تفكيك مؤسساتها الوطنية وأدى إلى فراغ أدخل الدولة في صراعات بين قبائل وطوائف وميليشيات وجماعات إرهابية تهدد الأمن الوطني والدولي وتنشر الرعب في القارات الخمس”. وبخصوص الوضع في ليبيا، عبر ولد خليفة عن “ارتياح” الجزائر “للتطورات الإيجابية التي بدأ يعرفها الوضع في هذا البلد الشقيق والذي بدأت نتائجه تتجسد على أرض الواقع بمباشرة حكومة الوفاق الوطني لعملها من العاصمة طرابلس”.
يذكر أن الجزائر التي وقفت إلى جانب الشعب الليبي الشقيق منذ اندلاع الأزمة في 2011 ستواصل دعمها له ولبعثة الأمم المتحدة في ليبيا وذلك من أجل استعادة مؤسسات الدولة الليبية لسلطتها وعودة الأمن والسكينة بالقضاء على عناصر الفرقة والتشرذم مع تغليب الحوار والمصالح العليا للشعب الليبي والعمل على القضاء على التنظيمات الإرهابية بما فيها داعش التي وجدت في فوضى السلاح والمليشيات ملاذا لها.
منقول