▓░♥صندوق أحلامي ,, بقلمي ♥▓░

[kamilia]

مدخل: على جناح حمامة بيضاء وضعت أحلامي علها تنقلها للنجوم الساطعة في السماء ,,

في صغري تعودت على مراقبة النجوم في السماء وأنا أسمع صدى كلمات أمي يتردد في أذني: " عندما تتملكك رغبة في البوح أو التمني توجهي إلى السماء ,, ستصنع من أمنياتك نجوما تسطع لك وحدك في ظلمة الليالي " ,,
مرت الأيام وهاجرت الطفلة داخلي ودخلت في متاهة النسيان متناسية أن العمر مجرد رقم نصنعه لنذكر أنفسنا اننا كبرنا ,, ! أيكبر الجسد ويُغَادر الطفلُ الروحَ ؟
استلمت البارحة أول عمل لي ,, لأعلن رسميا أنني أصبحت امرأة ولي مسؤوليات ,, لم ألبس حلة العمل بل هي لبستني ,, اكتسبتُ قدرة أشبه بالطبيعية على الجزر والأمر والنهي ,, هجرت الابتسامة وباتت تظهر في المناسبات الرسمية فقط لأجامل الزبناء !
أصبحت امرأة ترتدي زيا أسود أغلب الأحيان وتسرح شعرها تسريحة رتيبة تخفي طوله ونعومته وكثافته ولونه الأسود كَلَيل سرمدي ,, أرتدي كعبا عاليا أكرهه كي أصل لطول سكرتيرتي والزبناء ,, نعم أنا امرأة مسؤولة الآن لا يليق بي أن أرتدي ألوان السماء ولا أن أسرح شعري تسريحات المشاهير ,,
اليوم يوم مهم, , سيحضر شخص إلى مقر العمل , هكذا أخبرنا الرئيس في الاجتماع المستعجل الذي عقده صباحا ,, أمر مزعج يبدو أنني سأضطر للمجاملة مجددا ,,
في الموعد المحدد حضر الضيف الغامض,, لم يكن أنيقا كما كنت أنتظر ,, بل كان إلى الفوضوية أقرب ,, أخرق ويوزع الابتسامات كمهرج في يوم العيد هكذا حكمت عليه من أول نظرة ,, ! لذا لم أقترب منه ولم أعره اهتماما ,, عدت إلى مكتبي لأنهي أعمالي وأعود للبيت مبكرا ,,
استغرقت ساعات بين الأوراق ,, بين ما يحتاج للتوقيع وما يحتاج للتصحيح إلى أن سمعت طرقات خفيفة على باب المكتب ,,
أجبت بدون أن أرفع رأسي : تفضل !
دخل صاحب الطرقات دون أن يقول حرفا , ظننت بداية أنه أحد الموظفين أخد ما يحتاج ورحل ,, لكنني رفعت رأسي لأفاجأ بالضيف في مكتبي ,, توترت بداية لكنني مددت يدي ورسمت ابتسامة متقنة على شفتي وعبرت عن أسفي لعدم انتباهي ,, تفاجأت أن الضيف لم يمد يده بل اقترب مني وأخذ يدور حولي في حلقات دون أي يتكلم ثانية ,, بعد وهلة قال : كم عمرك ؟
تفاجأت من السؤال لكنني أجبت بثقة : خمس وعشرون سنة
صمت بعدها وخرج من المكتب ليتركني في حيرة من أمري
لم أهتم كثيرا كعادتي ,, خرجت من المكتب لأنني أنهيت عملي وهممت بالرحيل قبل أن يناديني رئيس عملي ,, توجهت نحوه وعلامات الاستفهام ترتسم على محياي ,,
قال وهو يبتسم : اليوم زارنا ضيف مميز جدا ,, كان في مهمة اختيار موظف ليقضي معه يومين كاملين يقوم فيهما بتعليمه أساسيات العمل ..
لم أنتبه إلى ما كان يقول كل ما فهمته أنني سأقضي 48 ساعة مع ذلك الأحمق ,, يا رب لطفك ... !!
بعد أن أنهيت حديثي مع رب عملي ذهبت الى المنزل لأسترخي قبل أن أبدأ مهمتي الشاقة والغامضة ,, من قال أنني أريد تعلم أساسيات العمل ؟ أنا لا أحب هذا العمل لأتعلم أساسياته ,, حانت مني نظرة إلى صندوق في أقصى ركن في الغرفة ,, استلقيت على فراشي مغمضة العينين متجنبة النظر لأي من أركانها ,, لا ينقصني حلم غبي ينزع النوم من قائمة احتياجاتي لهذه الليلة ,,
في الصباح الباكر ,, استيقظت على أنغام رسالة من هاتفي : " ارتدي لباسا رياضيا ,, أنا أنتظرك في الأسفل " ,, من سيرسل هذه الرسالة الغريبة في هذا الوقت من النهار ؟ ذهبت إلى النافذة لأجد الضيف الغامض واقفا تحت شقتي ,, يا إلهي بدأنا !!
قمت بما طلب ,, ظننت أنني سأتعلم أساسيات العمل وليس أساسيات الرياضة !!
قضينا ساعة في الركض والتمارين الرياضية ,, استمعت كثيرا ,, مر وقت طويل على هذا الإحساس ,, والعجيب أنني ابتسمت ,, نعم ابتسمت ,, عقدت شفتاي هدنة مع الابتسامة في غير يوم المناسبات ,,
مررنا بمقهى لنتناول فطورنا ,, تحدثنا كثيرا , عن كل شيء لا يتعلق بأساسيات العمل .
مر اليوم الأول بسرعة ,, لم أشعر بهذه الراحة منذ مدة والابتسامة لم تفارق شفتاي طوال اليوم ,, كان كالبلسم السحري الذي حررني من عقدتي ,, لم أسأله عن اسمه لأن روحه الجميلة خلقت تآلفا لا يحتاج للأسامي لتُحَدد هويته ,, يكفي أنه صادق وعفوي ,,
دخلت شقتي فوجدت ورقة على الباب كتب عليها ( الدرس الأول : ـ الابتسامة مخلوق جميل يعيش على شفاهنا ,, لكنه يسكن الروح أولا ,, اجعليها صديقتك لكن زينيها بالصدق لتصبح أجمل (
وضعت رأسي على الوسادة وعيني مسمرة على الصندوق وشفتاي ترسمان ابتسامة حنين صادقة ,,
في اليوم الثاني طلب مني ارتداء زي بلون الزهر وتغيير تسريحة شعري ,, لم تعد طلباته تثير عجبي ,, زرنا مكتبه ,, أخبرني عن عدة أشياء تتعلق به وأهم ما لفت انتباهي هي أحلامه ,, تحدث كثيرا عما أراد أن يصبح وعن أمان مؤجلة لكنها ليست ملغية ,, أخبرني عن حلم راوده في طفولته عن طير أبيض يزور السحاب ليلا حاملا فوق جناحه حلمه ,,
ذكرني حديثه بطائري الأبيض الذي ودعته بدون رجعة ,, شعرت بتأنيب ضمير وبنغزة حنين ,, نهضت من مكاني وتوجهت نحو منزلي بعد أن استأذنته
دخلت إلى شقتي ,, توجهت مباشرة إلى صندوقي ,, فتحته بلهفة ووجع السنين وجدت أوراقا مبعثرة تضم حلما ,, أزلت الغبار عنها وحملتها كأم تخاف على ابنها من الضياع ,, جلست بالقرب من نافدتي وشرعت في مراقبة النجوم التي بدأت باللمعان ترحيبا بمهاجرة حطت على الأرض بعد غياب دام لسنوات ,, ابتسمت ابتسامة صافية مطهرة نابعة من القلب ,, حملت القلم وشرعت بالكتابة ,, نعم إنه حلمي والقلم رفيق دربي ,,
بعد لحظات وصلتني رسالة: يبدو أنك تعلمت درسك الثاني دون حاجة لمعلم,, بلغي سلامي لطائرك الأبيض ,,

مخرج: سألحق أحلامي وإن كنت سأضطر للطيران,, فأينما حطت يمكنني الوصول ,, !